قرأت خبر افتتاح ليالي الرسم والفن التشكيلي وانتفاضة اللوحات على جدران الأروقة في رقصة فنية تداعب الضوء والبصر ونشوة الزائر ليلا، العاشق للرسم وجمال الإبداع بأنامل الرسامين والتشكيليين … قلت هي مناسبة لاختراق عالم الرسم ومحاربة غربة هذا الفن الذي قد تعرف لوحاته نسيانا وعزلة ركونها في زوايا مراسم أو جدران تأكلها رطوبة الزمن الثقافي … هذا الذي غدر به البعض، فنفضوا أيديهم عن مائدته بمجرد الانتهاء من مُقَبلاته و كعكاته … هذا الذي امتطاه البعض، أو تسربل به رغم انتفاخ بطنه وتشكله في قالب رأسمال متحرك يصافح العملة الذهبية ويدوس على اللوحة الملونة بلون الحياة و نَفَس الوجود والعيش … في مدينتي، حيث الفنان يعاني من سخرية القدر، بين قروسطية ٍ وخبزيةٍ يومية يتسابق الجميع وراءها. ومصافحته لكل صباح يومي جديد بريشته التي يعبر بها عن مشاعر ويتسامح بها مع قلوب، ويوقع بها ومضات الطبيعة والخلق، حتى يلفت الانتباه إلى الذوق وسر السعادة المنفلتة من قبضة الناس، التائهين وراء سراب بعيد لا يوصلهم إلى واحة الظمأ المرتوي، بينما ريشة الفنان تستطيع أن ترسم له فوق الرمال شطآن أمان وجنات عدن تعيد له بصر الرؤية في الحياة من حوله وبداخله … واكبت في زيارتي، مساءلتي لوزارتي، كيف جاءت الفكرة المعممة على سبعة وسبعين رواقا …؟ هل هو رقم سحري مختار؟ فبمقابل سبع وسبعين كشيفة، هناك ربما، سبع وسبعون فسحة يتنفس في رحابها الإنسان الباحث عن سعادة محيطة … ستكون الحياة (كشايف)، و الرواق (تنفيسة) … قلت مع مرافقي في الزيارة : يبدو أن النكتة والتلميحة *والتنقيطة * حاضرة معنا ومُعلقة في كل زيارة وملاحظة… تساءلت عن مدى اهتمام الوزارة المسؤولة بهذا الفنان ؟ فوجدت أجوبة كثيرة جميلة … على الأقل، دون اسمه في سيرة رسمية للثقافة المغربية … على الأقل، جُعل منبر جداري في فضاءات دور الثقافة والأروقة المدينية … على الأقل، خرجت اللوحات من ذاكرة النسيان التي أقبرتها كتحف للأجيال القادمة، ما دامت الحاضرة في غيبوبة عن الفن والذوق الجمالي المرتبط بالإبداع، مادام (طرف الخبز) صعب وشاق المنال … على الأقل، ها نحن مع تخمة العيد وتهديد أعراض الشبعانين بدهنياته الكولسترولية، وجدنا حركة ومتعة، بعد تخمة، وإذا شبعت الكرش تقول للراس غني، غنّي … سيمر موسم العرض، وسيأخذ الفنان لوحاته، المهددة بالقبوع في زاوية منسية … ربما اقتنى بعضنا منه ما يعوض له العناء ويضمن له الاستمرارية في الإبداع… لكن كثيرين سيعرفون عودا على بدء لم يبتدئ بعد ….فكيف نستطيع تكريم هذا الفنان، وتفعيل دوره في تنمية مجتمعية ثقافية وشاملة؟ سؤال حيرني وأنا واقف أشاكس سراب الفراغ الذي طرحه … هل تمت برمجة منح مالية مشجعة للمشاركين؟ هل تمت تغطية المبدعين بالحضور أجمعين، أم كانت العملية مقتصرة على من حالفه الحظ فقط في العملية صدفة أو عبثا أو معرفة … ؟ وهذا البرنامج، لماذا لم يفكر في جعل قافلة فنية متحولة بين الأروقة ؟ حيث إن كل مجموعة على الأقل ستعرض في عشرة أروقة على صعيد المملكة العزيزة ؟ ربما، سيكون البرنامج المستقبلي هذا الانتقال من الثابت إلى المتحرك … ربما بعد حصر لائحة المشاركين، سندعوهم للعرض في رواق كذا وكذا و كذا، في توزيع شطرنجي مركب ومكتمل و دقيق … ربما سنجعل لهم ساحة عظمى نحشر فيها في إطار تحطيم رقم قياسي عدد العارضين في موسم بالآلاف يحجه الزوار من بقاع العالم وأرجاء المعمور… ربما سنقوم بإعداد مرسم لكل فنان هدية ومكافأة لمشاركته وصبره على مجتمعه، ولريشته… ربما سنشجع الشركات والمؤسسات على احتضان أكبر عدد منهم ومنهن، و نضمن تنمية فنية مشرفة بكرامة، مخلصة من ذل السؤال والاستعطاف وعبث انتظار السراب و السراب… حمقى هذه الأسئلة، مجنونة بما اعتقدته حكمة، باكية مع دمع القارئ لها الشاعر بصدقها في محاولتها الانتصار للفنانات والفنانين …