حينما جاء السيد أفتاتي من منطقة خنيفرة إلى مدينة وجدة أظهر حماسا في معانقة ومسايرة المشروع الإخواني الذي كان وما زال يرعاه السيد مصطفى بنحمزة ضدا على ثوابت البلاد، ولذلك تبوأ مقعد الأستاذية في كلية العلوم بوجدة، وظل ملازما للدروس السبتية التي ظلت منبرا للتعبئة الإخوانية إلى درجة ابتلع فيها السيد أفتاتي لسانه حينما طعن بنحمزة في هويته بجواب عن سؤال تقدم به السيد محمد البالي في المسجد عن حكم الشرع في التدريس بالأمازيغية، فأجابه السيد بنحمزة بدون أن يراعي وقارا لا لبيت الله ولا للغة الوطنية قائلا: «واش نقريو بلغة الشيخات؟»، معبرا في جوابه هذا عن عدائه ومحاربته للغناء الأمازيغي الأطلسي، وممارسا في الآن ذاته خطابا مليئا بديماغوجية التزوير والاستبلاد الخطير للمغاربة. فمن المعلوم أن الأمازيغية لا تحضر في لغة الشيخات فحسب، بل وردت في فقهيات وقرآنيات الفقهاء الأمازيغيين من بني زناسن وفجيج والريف والأطلس والرشيدية ومراكش وأكادير…، وليس ما تركه العلامة المختار السوسي عنا ببعيد، وهو ما يعرفه السيد أفتاتي جيدا ويعلم أن بنحمزة ضال مضل في طعنه في الهوية الأمازيغية، لكن لماذا ابتلع أفتاتي لسانه فوجده أحلى من الشيكولا في هذه القضية؟ والجواب أنه كان يعلم أن مشروع بنحمزة هو الذي سيعبد الطريق له في الانتخابات، كما هو الحال مع مشروع نهاري التكفيري، ولذلك ساند بعضهم بعضا في الانتخابات والمحاكمات، وهو الذي يستند في عمقه على المشروع الإخواني الذي عبر عنه “حسن البنا” في وصاياه حينما يقول في خطابه سنة 1941: «أيها الإخوان المسلمون أنتم لستم جمعية خيرية ولا حزبا سياسيا ولا هيئة موضعية لأغراض محدودة المقاصد، ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحيون بالقرآن ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله… فقولوا ندعوا إلى الإسلام الذي جاء به محمد (ص) والحكومة جزء منه فإن قيل لكم هذه سياسة فقولوا هذا هو الإسلام ونحن لا نعرف هذه الأقسام، وإن قيل لكم أنتم دعاة ثورة فقولوا نحن دعاة حق وسلام نعتقده ونعتبر به»، وهذا ما يعمل بنحمزة وأفتاتي ونهاري على إنزاله منزل التطبيق الحرفي في دورة تكاملية، فحينما توجه سؤالا لبنحمزة على ممارسته السياسة بدون تسميتها، فهل تستبلدون المغاربة؟ يجيبك بقول حسن البنا: «هذا هو الإسلام ونحن لا نعرف هذه الأقسام»، وأفضل جواب له هو أنكم منذ عقود وزبانيتكم ينادونكم ب «العلامة» وأنتم لم تكتبوا ولو كتابا واحدا لا في العلوم عامة، ولا في الفقه خاصة، ولم تتركوا طلبة علم نجباء فحينما فشلتم في تغطية المشروع الإسلاموي في الجهة الشرقية، والمتدثر بدثار المعرفة قمتم باستيراد الدكتور “الراوندي” من الرباط لعدم وجود متخصص لديكم في علم الحديث. وحينما نسأل المدعو نهاري لماذا تتحدث في العلوم الشرعية وتسيسها وأنت تجهلها ولم يسبق لك أن درستها على عالم متخصص يجيبنا بجواب حسن البنا: «وإن قيل أنتم دعاة ثورة فقولوا نحن دعاة حق وسلام نعتقده ونعتبر به». ولذلك حينما تواجه زبانية نهاري وميليشياته: لماذا يلقي هذا الشخص الدروس في المساجد ويتحدث في أمور الدين وهو ليس بفقيه ولا عالم ولا محدث ولا أستاذ؟ فيقولون: «إنه ليس بفقيه ولكنه داعية»، وما معنى داعية في مجتمع مسلم؟ والجواب هو أنها أكبر بدعة إخوانية لم يعرفها المجتمع المغربي، ولم يسمح بها المغاربة الأصيلين يوما، و تعني إفساح المجال للجاهلين بعلوم الدين بتقلد الكراسي الدينية من وعظ وإرشاد ودروس في المساجد، إذ لم يسمح المغاربة في تاريخهم لجاهل بعلوم الدين أن يرتقي منابر التحدث في الدين. وفي السياق ذاته إذا سألنا السيد أفتاتي: كيف تمارسون العمل السياسي القانوني وتترشحون للانتخابات وتستفيدون من الامتيازات وتدخلون البرلمان وتستفيدون من أجرته؟ لكنكم تقولون في الآن ذاته: «على الشعب المغربي أن ينتفض من طنجة إلى الكويرة»، لمجرد منع نشاط حزبي كنتم تحضرونه لأغراض انتخابية لا قانونية وسابقة لأوانها في طنجة، ورئيس حزبكم هو رئيس الحكومة، فعلى من تنتفضون إذن؟ فيجيبك أفتاتي بوصايا حسن البنا بالقول: «فقولوا ندعوا إلى الإسلام الذي جاء به محمد (ص) والحكومة جزء منه...»، وهذا ما يفسر حضور أفتاتي يوم محاكمة نهاري لمؤازرته، رغم مخالفته القانون، كذا وخروج بنحمزة ليحمل مسؤولية إيقاف نهاري من الخطبة إلى السيد المندوب، وهو يعلم أن هذا الشخص مخالف لكل الثوابت، ويتبرأ من قرار التوقيف ليتضامن مع هذا الشخص بصورة غير مباشرة، والظاهر أن هذه السلوكات تستند في استقوائها السياسوي على مشروع أمريكي في المنطقة، ولذلك شهدنا كيف أنه ولأول مرة تتشكل جبهة من قياديي الحزب الحاكم وبرلمانييه ومتفيقهيه على الجمع بين صلاحيات وامتيازات العمل الحكومي والبرلماني ومن المجالس العلمية القانونية وبين الطعن في البيعة الشرعية لملك البلاد، والدعوة إلى الانتفاضة الشعبية ضدا على العمل الحزبي والسياسي القانوني الذي يشتغل قانونيا من داخل المؤسسات، ويعملون من داخله، بل يقودون فريق عمله. وفي هذا السياق، توجه عدة فعاليات مدنية في الجهة الشرقية أسئلة قانونية ومنطقية إلى السيد أفتاتي: هل تم انتخابكم في وجدة من أجل الطعن في البيعة الشرعية والدعوة للانتفاضة لمجرد منع وزير من حكومتكم نشاطا لحزبكم في طنجة؟ وهل إبان حملتكم الانتخابية رفعتم هذا ضمن برامجكم؟ وهل تبناه أهل وجدة من الذين صوتوا عليكم؟ وإلا فإنكم بسلوككم الملتوي واللاسياسي هذا تمثلون قمة الغدر السياسي، وذلك بتبني شعارات انقلابية من خلال مدخل انتخابي وصفة برلمانية، كما يجسد هروبا من مشاكل أهل الشرق الذين ينتظرون حلا لمشاكلهم اليومية الحادة من أوساخ المدينة وغياب المجاري المائية وغياب الواد الحار وسرقات العقار ومشاكل الأمن اليومي، ولا يجد أهل الشرق أمامهم إلا شجاعة الوالي مهيدية الذي لا يتوقف عن النزول الميداني للتتبع اليومي للمشاريع، كما يجدون والي الأمن دخيسي الذي يستمر في عمله في بعض الأحيان أزيد من 16 ساعة في اليوم ضمن فريقه الأمني المتميز من رئيس المنطقة الأمنية روكي، ورئيس الشرطة القضائية المخفي، هؤلاء الذين يشتغلون طوال اليوم من أجل تحقيق مستوى أمني لائق ومريح للساكنة، فقد بلغ عدد الموقوفين 9967 فردا إضافة إلى 2078 فردا من الموقوفين أيضا، في مدة ثلاثة أشهر و25 يوما، في الوقت الذي نجد فيه السيد أفتاتي يمارس السياحة في قطار الفاكونلي وولوج الفنادق وممارسة الخطابات النارية، (جعجعة ولا أرى طحينا) إضافة إلى الأسئلة البرلمانية التي تشكك في مصداقية ونزاهة عمل الأمنيين في المنطقة، فهل هكذا تعالج مشاكل الناس؟ بعد أن رفع أفتاتي في حملته الانتخابية شعارات غدارة وغادرة ومغادرة، تتحدث عن تحقيق تنمية ومزودة بأرقام كاذبة، كما يعد ذلك قمة الاستبلاد لأهل الشرق ومؤسساته حينما يرفع صاحبها في ظل امتيازه البرلماني شعارات انقلابية غير مسبوقة تتناقض وتطعن في العمل البرلماني نفسه، وهي مخادعة حتى في ادعائه محاربة الفساد، فهو يسكت عن الفساد الخانق لأهل الشرق، للاستفادة المباشرة منه، وقد قدمنا أمثلة حية ونكرر ذكرها ونتحداه أن يواجهها ويعلن عن تفاصيلها، ومثال ذلك الفساد المستشري في تجزئة «المنار» بوجدة، كما نتحداه في مناقشة الفساد المستفحل في المعاهد العليا (مدرسة المهندسين ومدرسة التجارة…) بحيث قام زملاؤه الذين يسمون أنفسهم «مناضلين في العدالة والتنمية» بإدخال أبنائهم إليها بمعدلات ضحلة وخجولة ضدا على أبناء الشعب المجتهدين (أسماؤهم جاهزة لدينا). كما أننا نستغرب عن موقف أفتاتي وإخوانه عن القرار الشجاع للسيد وزير التربية بإلغاء المذكرة 109، ولم يسكتوا فحسب بل هاجموا قرار الوزير وحاربوه لأن مصطفى بنحمزة وبيبودة وإخوان أفتاتي محليا وجهويا ووطنيا هم أكبر مستفيد من التعليم الخاص ومن العاملين على ضرب التعليم العمومي، فعبر التعليم الخاص تتم عملية الخونجة وعبره تتم الأدلجة وزراعة الانتخابات وجمع الثروات كمقاولات مجانية، (عمل مؤخرا بنحمزة والطلحاوي بشراء ملكية سينما «باريس» بوجدة لإقامة أكبر مشروع تعليمي خاص محلها)، كما قاموا بالعملية نفسها في المدينة وذلك عبر خونجة القطاع الطبي وحصد الأموال منه واستعمال التعليم الديني للتبشير الحزبي المضاد لقيم المواطنة وللتعبئة السياسية، فما معنى أن يحتضن ما يسمى “مركز الدراسات والعلوم الاجتماعية” لقاء حزبيا في وجدة لابن كيران بني على أرض الأوقاف ومن مال الأوقاف ووكالة تنمية الجهة ويستحوذ عليه بنحمزة تحت عنوان الدراسات وهو خاص بالعمل السياسوي المتأسلم؟ (مع الادعاء تضليلا أنه فتح للأحزاب السياسية) والجواب يكمن في أن هذه الخطة مأخوذة حرفيا من برنامج الإخوان المسلمين المصري العالمي، وهو ما يبينه الباحث الأمريكي «ناثان براون» من مركز «كارينغي للشرق الأوسط/ ومؤسسة كارنيغي للسلام الدولي» الذي عمل على إصدار منشورات تفصيلية لحركة الإخوان المسلمين ضمن “أوراق كارينغي” والتي مهدت لتسلم الأحزاب الإسلاموية للسلطة ضمن المخطط الأمريكي في المنطقة. كما دعمت هذه الدراسات بمنح مالية عبر “معهد الولاياتالمتحدة للسلام”، والتي كانت سباقة في التبشير بهذا الزمن الفوضوي الأسود وكانت قد سمتها بوصفة: “استكشاف المنطقة الرمادية”، وتلتها بإطلاق المشروع الأمريكي الذي سماه منظروه بعنوان: “الفوضى الخلاقة”، وسماه الإعلام الإخونجي والقومجي بكذبة: “الربيع العربي”، ويذهب “براون” إلى التعليق على هذا المنهج الإخواني بالقول: “تشكلت جماعة الإخوان المسلمين في مصر العام 1928 وانتشرت بسرعة أولا في المجتمع المصري ثم لاحقا بشكل أوسع في العديد من البلدان العربية، انطلقت الحركة من الإسماعيلية، وهي مدينة إقليمية لكن مقرها العام كان ينتقل مع حسن البنا المؤسس إلى القاهرة عام 1931 حتى خلال تأسيسها، كان تركيز الجماعة كثيفا وطموحا، فهي حاكت ليس فقط الكشافة، بل أيضا المنظمات التبشيرية المسيحية، وسرعان ما انغمست في العمل الدعوي والتعليمي والديني، فالروايات الرئيسية لأصول الجماعة تشدد على أن البنا كانت تحفزه منذ البداية الرغبة في تشكيل منظمة واسعة تتجاوز الأشكال التنظيمية المقيدة القائمة (على غرار حركات الشبيبة والجمعيات الخيرية) والواقع أن أعضاء الإخوان المسلمين في مختلف البلدان يواصلون إلى اليوم وصف أهدافهم بأنها إصلاح الفرد وإصلاح المجتمع، بالطبع وفق الخطوط الإسلامية، ومثل هذه الأجندة الطموحة تقترح مروحة واسعة من النشاطات: من تشكيل مجموعات الدراسة الصغيرة والعمل التربوي والنشاط الخيري ومناصرة القيم الدينية عبر الدعوة والنشر، على سبيل المثال إلى خوض الانتخابات”. ولعل هذه المنهجية التي ذكرها “براون” الأمريكي عن سياسة الإخوان المسلمين منذ “البنا” إلى اليوم هي التي يمارسها بنحمزة وأفتاتي ونهاري في الجهة الشرقية حرفيا من سيطرة على سوق العقار والبناء والتعليم الخاص الديني والمدني وجمعيات الدعوة والتبليغ وجمع الأموال عبر ما يسمى: أنشطة ما يسمى الأعمال الخيرية والإحسان، والدخول للانتخابات بشعارات، وممارستها بشعارات أخرى انقلابية، وهي عمليات قائمة على توزيع محكم للأدوار وتظاهر باستقلال كل طرف عن الآخر، وبعد كل هذا: ألا يستبلد السيد بنحمزة المغاربة وأهل الجهة الشرقية حينما يقول: إني لا أمارس السياسة بل أريد الإصلاح ما استطعت في المجتمع. وعلى منهاجه وصراطه اللامستقيم أتى السيد أفتاتي ليقول لأهل وجدة انتخبوني لأحل مشاكلكم وأحقق التنمية، وبعد أن يصوتوا عليه ويصبح برلمانيا يرفع شعار إسقاط الدولة ويدعو إلى الانتفاضة، ويتجرأ على جلالة الملك، مع العلم أن الغوغائية لم تكن ولن تكون منهجا للارتقاء السياسي، كما أن المغاربة ليسوا حقولا لزرع وحرث الاستبلاد السياسي، ووجدة ليست حرثا لكم “فآتوا حرثكم أنى شئتم”. حتى يأتي بنكيران ليقول لنا: “إن تصريحات أفتاتي أخطاء لابد من الاعتراف بها”، لأن التصريحات المتكررة والممنهجة والمستفزة والمناورة هي خيار من صاحبها ومواقف عدوانية، وليست فلتات لسانية لا تتكرر، كما أنها إذا كانت أخطاء فالأولى بالاعتذار هو صاحبها، ولا تترجم له أو ينوب عنه مقدمو الاعتذارات، ما دام المصرح المفجر في كامل قواه العقلية والسياسوية الالتوائية، وما دامت تعبر عن آرائه، كما ادعى مرارا بنكيران: أنها لا تعبر عن آراء الحزب، والغريب أن منهج “خوي لوي” (بالدارجة المغربية، أي الدوران المتكرر والانزلاق الزئبقي بين الموافق والأفعال) الذي يستعمله بنكيران تجاه التحرشات الأفتاتية والعبدلاوية (حامي الدين) وهو نفسه المنهج الذي يستعمله الرميد مع هذه التحرشات، فمنهج “خوي لوي” يقوم على الجمع بين الشيء ونقيضه، أي محاولة إظهار أن هناك مسافة بعد عن هذه التحرشات، لكن في الآن نفسه الدفاع عن صاحبها وتبنيه وضمه إلى الصدر، وهو ما عبر عنه الرميد حرفيا في إجابته عن موقفه من تحرشات أفتاتي بقوله: «أحسب أن الأخ أفتاتي رجل صادق، وإن كان يعبر عن مواقف مثيرة، فإن فيها أحيانا شيئا من الحدة التي تتجاوز المنطق الذي يشتغل في إطاره حزب العدالة والتنمية، وإنه وإن كان لاحق لأحد أن يمنعه من حريته في التعبير فإن من واجبه أن يتحفظ، ويتحدث بلغة لا تبتعد في معجمها عن معجم الحزب وبما لا يؤدي إلى إثارة العديد من المشاكل كما حدث في الآونة الأخيرة خاصة وأن البعض يظن أن الأمر يتعلق بتبادل أدوار متفق عليها ومخطط لها والحال أن لا شيء من ذلك حاصل». لقد تعمدت إنزال جوابه هذا كاملا ليبدو لنا منهج “خوي لوي” عند الرميد القائم على استبلاد المغاربة والطبقة السياسية، وهو يقرأ زميله أفتاتي، فقد وصفه بالرجل الصادق، لكنه لم يقل لنا صادق في ماذا؟ لأنه لا أحد منا شكك في صدقه الانقلابي راكبا ظهر البرلمان المريح، كما أقر له حريته في قول ما يريد، ليحرف مخالفتنا لهذا الشخص، وكأن اعتراضنا هو على حريته، وليس على وضعيته السياسية الجامعة بين الشيء ونقيضه وهي وضعية خادعة وغادرة للمنتخب الوجدي ولمؤسسات الدولة المغربية، وبعد أن ضمه جيدا وقبله وزكى مواقفه عبر ما يسميه الفقهاء الأحناف ب “فقه الحيل”، مع أنه يعلم أنه لا حيلة مع الله ولا مع عباده، عاد ليشخص الأزمة تشخيصا ملتويا ومتذاكيا وزئبقيا في قوله: ” أنه يتحدث لغة….” فهل مشكلتنا مع أفتاتي في اللغة التي يتحدث بها وفي معجمها؟ أم في المواقف المعبر عنها من داخل هذه اللغة الراقصة على الحبال؟ ولم يشرح لنا ما معنى مثيرة فالشيء الذي أعجب به قد أصفه ب”المثير”، والشيء الذي أستغربه قد أصفه أيضا ب”المثير”، فما معنى “مثيرة” في قولكم؟ وأي دلالة للإثارة في قولكم؟ هل هي إثارة الإعجاب؟ أم هي إثارة الاستغراب؟ أم هي إثارة الرفض القاطع والاستهجان التي نعبر عنها بلغة واضحة وصوت عال ومسموع؟ فهل الإشكال مع أفتاتي لغوي حينما يجادل وينكر مراسيم البيعة ويوقع العرائض ضدها؟ وهل الإشكال لغوي ومعجمي مع أفتاتي حينما يقول في طنجة: “على الشعب المغربي أن ينتفض من طنجة إلى لكويرة؟ وهل يعني تعليق الرميد هذا أنهم متفقون في مضامين المواقف، ولكن الإشكال مع أفتاتي هو أن الأخير يعبر عنها بلغة ومصطلحات حادة نارية، في حين أن بنكيران والرميد يؤمنون بالشيء ذاته لكنهم يعبرون عنه بمنهج ولغة زئبقية ومنهج “خوي لوي” وبمنطق آخر وغير حاد على حد قول الرميد؟ كما عبر الرميد عن الشيء ذاته في تعليقه على طعنات الغدر السياسوي التي وجهها حامي الدين للمؤسسة الملكية بقوله حرفيا: «الأخ حامي الدين عبر عن رأيه، ولا أعتقد أن هناك ما يدعوني للتعليق على هذا الرأي اتفاقا أو اختلافا». فبالله عليكم ما معنى هذا الكلام؟ ألا يعد قمة الاستبلاد السياسي للمجتمع المغربي؟ وتجسيدا زئبقيا لمنهج “خوي لوي”، بلغة متزحلقة وراقصة، وبمضمون :«أننا نتقاسم الأدوار في إطار الإيمان بالشيء ونقيضه بركوب زوارق» الحيل الفقهية “الحنفية المتذاكية على المغاربة”، وهذا يتزامن فيه خروج بنكيران ومهاجمته الصحافة الحرة، راكبا “نظرية المؤامرة ” بالقول: «إن هناك جهات تريد إساءة علاقتي بالملك»، ولماذا لا يعترف بأن هذه الجهات هي جيوبه الخلفية المسماة “أفتاتي” و”عبد العلي حامي الدين” وهلم جرا وشرا وهي التي لا تتوقف عن تهجماتها على المؤسسة الملكية، وفي الوقت نفسه لا تنفصل عن حزب بنكيران، الذي لا يتخلى هو عنها أيضا؟ ليرقص كل منهم على لغته ومصطلحاته، فالإشكال بين هؤلاء حسب تصريح الرميد نفسه هو اصطلاحي ولغوي فحسب وليس مضامينيا ولا جوهريا، ولذلك ما زال يضم بعضهم بعضا ويتبادلون القبل في البيت الواحد، لكن اللطف الإلهي الماسك بهذا البلد الأمين يتدخل دائما، «إذ كلما أوقدوا نارا للفتنة أطفأها الله».