«حاولو على مستور»، آخر عمل صوره ادريس الإدريسي لفائدة الأولى. أول تجربة إخراج لسيتكوم يخوضها المخرج، كان من المحتمل أن يبث في رمضان، لكن مسؤولي البرمجة كان لهم رأي آخر، الآن هو يوجد في ثلاجتهم في انتظار تحديد موعد بثه. التقينا المخرج في بلاتو التصوير بابن سليمان وكان لنا معه الحوار التالي: من الدراما إلى السيتكوم كيف جاء هذ الانتقال وهل كنت مخيرا فيه أم مجبرا؟ أولا أعترف أن هذا العمل ليس من نوع الأعمال التي أميل إليها، وأنا أحب الدراما وكتابتها. لكن أبقى أولا وقبل كل شيء موظفا تابعا للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة. كان من المفروض أن المشروع الذي أشتغل عليه الآن مسلسل درامي عنوانه «ولاد اليوم». وكنت في فترة سابقة مقبلا على توقيع عقده، وتوقف في مرحلة ما لأسباب أجهلها. ربما كانت ثمة أعمال درامية سابقة لعملي. المهم طلب مني شهر يناير العام الماضي أن أقترح فكرة سلسلة كوميدية في شكل سيتكوم. تقدمت بالفكرة العامة للمشروع و«نسيتها». في الدورة الأخيرة لمهرجان طنجة للسينما، وأنا حاضر هناك اتصل بي الرئيس المدير العام فيصل العرايشي، وطلب مني شخصيا بإخراج السيتكوم بعد موافقة لجنة القراءة أنا ما كرهتش أن يكون مسلسلا، لكن احتياجات الشركة فرضت أن يكون سيتكوما.. دائما ما يعلق فشل أي عمل كوميدي على شماعة السيناريو هل عانيتم من هذا الإشكال؟ أشرفت شخصيا على خلية الكتابة، وأنجزنا نصوصا تبين أثناء بداية التصوير أن ثمة تخمة فيها، إذا كانت السيتكومات تعاني من انعدام النصوص أو قلتها، فإننا عانينا من وفرتها، وصل زمن الحلقات الأولى إلى أربعين دقيقة وما فوق، واضطررنا إلى القيام بوقفة استغرقت ثلاثة أيام لإعادة النظر في جل النصوص وتخفيفها للوصول إلى مدة 26 دقيقة لكل حلقة. اشتغلنا على نصوص شارك في كتابتها خيرة كتاب السيناريو خالد ديدان وعبد الكبير شداتي ومسعود بوحسين وحسن فوطة. ومن بعد جاءت مرحلة الإنجاز التي شارك فيها صراحة فريق تقني جميل جدا. ورغم كل هذه الشروط، ورغم إحساسي أن الجميع يؤدي واجبه، فإن الاشتغال في فضاء الكوميديا بالمغرب، يبقى أمرا صعبا بالنظر إلى محدودية مواضيعها، كما يعلم المتتبعون أن الكوميديا العالمية ترتكز على ثلاثة طابوهات الجنس والدين والسياسة. المهم أننا أنجزنا عملا و مع ذلك أقول أشعر كما لو أنني بحال شي واحد غادي في البيست. تحس أنه ليس مجالك وغير مؤهل لتعطي فيه كما يمكن أن تعطي في الدراما؟ صراحة كان لدي هذا الإحساس أنه ليس مجالي، ولكن أبقى مخرجا ومطالب بحكم وظيفتي بتقديم عمل لمؤسسة أفتخر بالاشتغال فيها منذ 1986. وفي إطار الواجب المهني لا يمكن أن يطلب مني إنجاز أي عمل في حدود مهنتي كمخرج وأرفض لمجرد الرفض فقط، سيما ونحن ننادي منذ زمن بضرورة اشتغال المهنيين من أبناء الدار وفاش تعطات لينا الفرصة نجيو نقولو لا. لهذا السبب قبلت ركوب التحدي ووضعك على المحك من طرف إدارة الشركة الوطنية؟ ركبت التحدي وأفتخر به وقبلت الوضع على المحك. على هذا المستوى لا مشكل لدي. ولا أفترض سوء النية هذا من طرفهم، ولكن أفترض حسن النية، وأن الشركة الوطنية طلبت مني تقديم عمل، وأنا بصدد إنجازه على أكمل وجه، وفي ظروف إنتاجية ملائمة ومريحة لتقديم عمل تتوفر فيها شروط الجودة. كيف حاولت تجاوز أخطاء التجارب الرمضانية السابقة على مستوى السيتكوم ؟ اشتغلنا على نصوص جاهزة وعلى أفكار جيدة، ولا تجد في كل حلقة خطا دراميا واحدا، بل خطين دراميين يتحركان في الوقت ذاته. اشتغلنا على فكرة عامة، تشكل الخيط الناظم بين النصوص كاملة. ليس هناك أي تفكك بل رابط عضوي يربط ما بين حلقات السلسلة. والرهان الأكبر في هذا العمل ألا نقدم فكاهة تسعى لإضحاك الناس بالعاهات ما تنقلبش على الإضحاك بكاكاكا أنا تنقلب على لحظات مرح ومتعة صافية. ما عنديش إسفاف ما عنديش كلام نابي ما عنديش صراخ ما عنديش الفم أجي وكول كاين ضوابط كاين أشياء محترمة بإمكان الأسرة المغربية أن تلتف حول العمل وأن تشاهده بكل احترام هذا هو الأساس، الآن هل هذا النوع الكوميدي ما يفضله المغاربة؟ يجب ألا ننسى عاملا مهما أنهم أفلسوا ذوق المغاربة، ويمكن أن يبدو لهم هذا السيتكوم غير موافق لهم، لأنهم تعودوا على انتظار فكاهة ديال تعواج الفم، نحن سنقدم أداء محترما وراقيا فيه ممثلين منضبطين وفق ضوابط أخلاقية مهني. هل يؤسس هذا العمل لبداية الصلح مع فيصل العرايشي بعد خرجاتك الإعلامية السابقة المتحاملة ضده؟ الخرجات الإعلامية كانت واضحة، لم أهدف من ورائها الحصول على منصب مدير أو مدير عام أو أي شيء آخر بالشركة الوطنية. كنت أنادي ولست وحيدا، بل ثمة أصوات عديدة تقاسمني النداء نفسه بضرورة إفساح المجال أمام المهنيين. ولن نقبل أن يتشدق علينا أيا كان. سيرتنا واضحة، ولنا تاريخ، وأقول لكل من أراد الحديث فليضع على الطاولة سيرته الذاتية، ولنقارن، مررت في مجال التدبير داخل التلفزيون المغربي وكنت موفقا. مارست كل المهن التلفزيونية الإخراج والإنتاج والسيناريو والتوضيب. هل يمكن بعد مراكمة تجربة سنوات نركن إلى الهامش، ونبقاو جالسين ومن هب ودب يفسح المجال لنهب أموال الشعب وحنا ما تنقولوش غادي نصنعوا معجزات على الأقل نضمنو للمواطنين ألا نضيع المال العام، بل سوف نصرفه في إنتاج وفق شروط محترمة للجودة هذا هو رهاننا لا غير، وهذا هو الهدف من تلك الخرجة وخرجة باقي المهنيين.