لم يكن أحد سواء من أفراد عائلته أو من سكان القرية الوزانية، يعتقد أن مسار حياة شاب هادئ سينقلب بشكل مأساوي وسيتخذ منحى آخر يقلب أوضاع العائلة الفقيرة الحال رأسا على عقب، و هي(العائلة) التي كانت تعلق آمالا كبيرة عليه أثناء مشواره الدراسي، الذي كان يجتازه بتفوق كبير، حيث كان يتأهب لنيل شهادة الباكالوريا، قبل أن يتحول الى خطر يهدد حياتها بشكل يومي. هكذا انتقل رشيد ذو 25 سنة، و بشهادة الجيران وأهل القرية، من ذاك الشاب الكتوم و المؤدب والمهتم بشكل كبير بدراسته والمساعد الدائم لوالديه، إلى متمرد عنيف ينهال عليهما قبل الغير بالضرب و السب، كل يوم و في أية لحظة تغمره أثناءها هستيريا كبيرة، قبل أن ينقل اعتداءاته تلك إلى خارج المنزل ضد باقي الأصدقاء والجيران، من سكان قرية أسجن. الهستيريا التي تصيبه في كل مرة تجعل منه إنسانا عدوانيا حتى مع أفراد أسرته، حيث ينفذ هجوماته بمختلف الأشكال و بأية وسيلة وجدت أمامه، وهو ما حدث هذه الأيام عندما انهال على طفل صغير بأداة حديدية على الرأس، أسقطه مغمى عليه وهو مضرج وسط الدماء، حيث تم نقله إلى المستشفى في حالة غيبوبة، بعد أن اعتقد الجميع أنه فارق الحياة، و لم ينته عند هذه الحادثة المؤلمة، فقد واصل مسلسل اعتداءاته في ذلك الصباح على كل من صادف مروره بشوارع القرية، وسط ذعر و خوف الساكنة من أن تنالهم اعتداءاته. ما يزيد من قلق و خوف المواطنين بقرية أسجن، هو خروج هذا المريض النفساني للتو من مستشفى الرازي للأمراض النفسية والعقلية، بعدما تم إيداعه هناك بموجب حكم قضائي في جناية قتل ارتكبها هذا الشاب المريض، قبل ثلاث سنوات في حق شاب آخر بقرية أسجن و بأداة حديدية، حيث انهال بها على الضحية على مستوى الرأس حتى أرداه قتيلا. وهو ما خلف صدمة قوية آنذاك وسط الأهالي بالقرية، إلا أن قضاءه لفترة بالمستشفى لم تمكنه من العلاج وهو ما جعله يعيش حالة العود إلى ممارسة اعتداءاته، في كل مرة تغمره حالة الهستيريا التي تفقده الوعي والإدراك أثناء تنفيذ اعتداءاته حتى على والديه، وهو ما أصبح يشكل خطرا على أفراد أسرته التي تتقاسم نفس المسكن خوفا من إقدامه على ارتكاب جريمة بشعة في حقهم، أو في حق أطفالهم كتلك التي وقعت في سيدي مومن بالدار البيضاء. و مما زاد في رعب أفراد العائلة هو محاولته الاعتداء على زوجة أخيه بسلاح أبيض من الحجم الكبير، مما جعل هذه الزوجة تستنجد بالجيران والاحتماء بهم بعد فرارها، حيث نجت بأعجوبة حسب ما أكدته والدته للجريدة، يحدث هذا والسلطة المحلية بأسجن تتفرج على الوضع و كأنها تنتظر وقوع الكارثة في غياب تام لأي تدخل لحماية المواطنين من هذه الاعتداءات. العنف و الاعتداء لم يمارسه هذا المريض على الغير فقط، بل يمارسه حتى على ذاته، وذلك عندما أقدم على تخطيط جسده بسلاح أبيض و أمام مفوضية الأمن بوزان وتحت أنظار عامة المواطنين و رجال الشرطة، الذين تعاملوا مع الواقعة بتجاهل كبير ورغم طلب والدة المريض وعائلته لدى مصالح الأمن بالتدخل لإنقاذه، إلا أن طلبهم لم يلق أي اهتمام لدى مصالح الأمن “حتى طيح الروح أشريفة عاد كندخلو… حنا الحماق ماشي من اختصاصنا…”، هكذا كان يرد أحد رجال الأمن على والدة المريض، وهي تتوسل إليهم و الدموع تنهمر من عينيها التي تشاهد فلذة كبدها يتلقى ضربات غائرة بالسلاح الأبيض من نفسه، مما أثار استنكار الحضور الذي تابع فصول الواقعة. المعني نجا بأعجوبة من محاولة الانتحار غرقا في بحر الرباط، والتي أقدم عليها عندما كانت عائلته عائدة به من مستشفى الرازي بسلا، بعدما رفضت إدارته استقباله و علاجه هناك، حيث هرب من بين أيديهم و قصد وجهة البحرالهائج، قبل أن يتدخل رجال الوقاية المدنية الذين أنقذوه في آخر لحظة. الوضع الخطير الذي تعيشه عائلة المريض ومعها سكان القرية يطالبون الجهات المسؤولة بالتدخل من أجل إنقاذهم من هذا الرعب الذي يعيشونه بشكل يومي، خاصة وأن إدارة مستشفى الرازي بمدينة سلا رفضت استقبال المريض ومعالجته مرة أخرى، بعدما عاد إلى حالته المرضية الأولى. و قد وضعت والدة المريض عدة شكايات لدى السلطات من أجل الإخبار بحجم الخطورة التي تهدد حياتهم، إلا أنه لم تقدم هذه الجهات على أي تدخل في الموضوع، لتترك عائلة المريض تواجه مصيرها بنفسها، وهو المصير المفتوح على مخاطر مفجعة وكارثية. ر.اكرينة / م. العباسي