بعد 18 سنة من الركود الذي طال الجسم المغاربي، انطلقت صباح السبت 18 فبراير الجاري بالعاصمة الرباط أشغال اجتماع مجلس وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي في دورته الثلاثين، وحضر الدورة جميع وزراء خارجية المنطقة المغاربية باستثناء موريتانيا التي مثلها سفيرها بالرباط نيابة عن وزير خارجيتها، في حين حضر وزير الخارجية التونسي “رفيق عبد السلام”، و”عاشور بن خيال” وزير خارجية ليبيا، إضافة إلى “مراد مدلسي” وزير خارجية الجزائر و”سعد الدين العثماني” وزير الخارجية المغربي. وجاءت كلمة الافتتاح على لسان وزير الخارجية الليبي الذي تترأس بلاده الدورة الحالية، مؤكدا على ضرورة تنشيط وتوسيع آفاق العمل المغاربي لتحقيق مصالح شعوب المنطقة التي فرضت تطورا سياسيا واجتماعيا يوجب ضرورة التقارب والتعاون على حد تعبيره، واتفقت جل التدخلات التي طبعت الجلسة على ضرورة العمل لأجل تجاوز كل العراقيل التي تعيق سير العمل المغاربي المشترك٬ خاصة وأن التحولات السياسية والديمقراطية التي تعرفها المنطقة تفرض على الجميع الرقي بالعمل المشترك والحفاظ على الاتحاد المغاربي لما فيه خير لشعوب المنطقة التي تربط بينها العديد من النقط المشتركة. وجاء هذا الاجتماع بعد سلسلة من الإشارات التي أطلقت لتحقيق التقارب وتجاوز كل الإشكاليات التي أدت بسببها المنطقة المغاربية ثمن ركود اقتصادي ومعاناة اجتماعية أفرزتها خاصة العلاقات المتوترة التي طبعت المغرب والجزائر، وجاء اللقاء أيضا عقب توقيع المغرب والجزائر مساء الجمعة 17 فبراير الجاري على اتفاقية للتشاور السياسي تتضمن رفع مستوى التعاون وتعميقه من خلال تنظيم آلية للتشاور بين البلدين على مستوى وزارتي خارجية البلدين، ويشمل الاتفاق تبادل المعلومات بين الطرفين وعقد مشاورات دورية مرة كل سنتين في الجزائروالرباط مداورة، وتنظيم اجتماعات استثنائية كلما دعت الضرورة، كما تضمن الاتفاق تعزيز التعاون السياسي والدبلوماسي بين البلدين. وكان وزير الخارجية والتعاون المغربي “سعد الدين العثماني” قد اعتبر أن توقيع هذه الاتفاقية ليس إلا حلقة من حلقات رفع مستوى التعاون بين البلدين وتعميقه، مضيفا أن توقيع هذا الاتفاق يندرج في إطار مواصلة العمل الذي تم البدء فيه بالجزائر، أما “مدلسي” وزير خارجية الجزائر فقد أكد على ضرورة فتح الحدود بين الجزائر والمغرب معتبرا أن العلاقات المغربية الجزائرية توجد الآن في وضعية جدية، كما أشار إلى أن العلاقات الثنائية لها طابع استراتيجي يتطلب عملا مستمرا. وفي نفس الإطار توصل الملك محمد السادس ببرقية تهنئة من نظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، أكد فيها الأخير على ضرورة تحقيق وحدة المغرب العربي وجاء في ذات البرقية التي بعث بها الرئيس الجزائري إلى الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الثالثة والعشرين لتأسيس اتحاد المغرب العربي: “في هذا المسعى يتعين علينا جميعا العمل وفق مقاربة واقعية وتدريجية تأخذ في الحسبان مصالح بلداننا وطموحات شعوبها” وأن “الفرصة سانحة الآن لتحيين التفكير حول التشييد المغاربي المبني على تكامل اقتصادي يرتكز على متابعة سياسات مشتركة في كافة الميادين”.