تواترت الأنباء حول إمكانية قيام فرنسا بتدخل عسكري في ليبيا يعتمد أساسا على ضرب معاقل داعش الذي بدأ يتوسّع رغم الضربات الموجعة التي تلقاها من قبل قوات الجيش بقيادة خليفة حفتر في درنة وأجدابيا منذ أيام. وأبدت فرنسا دعمها المطلق لحكومة الوفاق الليبية واعتبرت أن تشكيل هذه الحكومة شرط لمساعدة الجيش الليبي في حربه ضد الإرهاب. وفي هذا الصدد أكد لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي دعم بلاده لفايز السراج الذي سيرأس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عند تشكيلها قبل منتصف يناير المقبل.
وأفاد فابيوس بأن "فرنسا تقف إلى جانب الشعب الليبي لتجاوز التحديات التي تواجهها البلاد، بدءا من فرض الأمن في العاصمة وإعادة الاستقرار ومكافحة الإرهاب، بحسب بيان للخارجية الفرنسية. وورد في جريدة "لوفيغارو" الفرنسية أن فرنسا انتهت إلى الاقتناع بأنه لا مفر من التدخل لضرب تنظيم داعش في سورياوالعراق واقتلاع أورامه التي بدأت في الانتشار في ليبيا، وأن هذه القناعة أصبحت أكثر من راسخة في أذهان المخططين العسكريين الفرنسيين، على أن يكون التدخل في ظرف لا يتجاوز ستة أشهر.
واستندت الصحيفة إلى عدة تسريبات ومؤشرات من جانب قيادة الأركان الفرنسية حول الإعداد لتدخل عسكري قريب في ليبيا ومن بين هذه المؤشرات التي اعتمدتها الصحيفة تزايد عدد الطلعات الجوية فوق سماء ليبيا، كما أن غاية هذه الطلعات أيضا التأكد من تعاظم خطر تنظيم داعش في ليبيا، وتزايد المواقع الخاضعة لسيطرته فيها، خاصة قرب المواقع النفطية، والحدودية التي تسمح له بتعزيز موارده المالية. وقد أعربت العديد من الدول في مناسبات عدّة عن قلقها من تعاظم نفوذ تنظيم داعش في ليبيا وتمكنه من السيطرة على مدينة سرت وبعض المناطق المحاذية لها ممّا يزيد من احتمال تحوّل ليبيا إلى منطقة تدريب للجماعات الجهادية بدل العراقوسوريا، وهو ما يحصل بالفعل بالنظر إلى وجود العديد من معسكرات التدريب التي يشرف عليها قادة أنصار الشريعة ومقاتلون في صفوف داعش. وفتحت هذه المخاوف من تغلغل داعش في ليبيا وتمكنه من استقطاب الآلاف من المقاتلين من جنسيات مختلفة الباب أمام احتمال تنفيذ تدخل عسكري في ليبيا.
وبينت ذات الصحيفة أن التقارير الكثيرة الواردة من ليبيا، تدعو الخبراء العسكريين الفرنسيين إلى المضي قدما في خطط الإعداد لعملية عسكرية واسعة في ليبيا، بسبب تمدد داعش على الحدود الجنوبية لأوروبا، وتزايد عدد الإرهابيين القادمين من دول المنطقة ولكن أيضا من العراقوسوريا ومن اليمن والسودان، إلى جانب الاضطرابات والتهديدات التي يشكلها طوارق جنوب ليبيا وشمال مالي والنيجر. وأوضحت أن الدعم الفرنسي للمبعوث الأممي الجديد في ليبيا سببه الحرص على إعداد السيناريو المناسب الذي سيسبق التدخل، والذي يتمثل في الاتفاق على حكومة وحدة وطنية تتولى الحرب على تنظيم داعش، معتمدة في ذلك على تحالف دولي مستعد لمدها بالقوات والسلاح المناسبين، وفي حالة فشل هذا السيناريو فإن ذلك لن يكون سببا كافيا لإثناء باريس عن إنجاز المهمة وتشكيل تحالف عسكري تتولى قيادته للتدخل في ليبيا.
وسبق أن اعتبر محللون سياسيون أن أحداث باريس الأخيرة يمكن أن تدفع السلطات الفرنسية إلى القيام بتدخل عسكري في ليبيا في ظل تغوّل تنظيم داعش الذي حوّل ليبيا إلى ملاذ آمن للمقاتلين من مختلف الجنسيات العربية والأوروبية. هذا وأكد أحمد شرتيل، الناشط السياسي الليبي، وجود تحليق لطائرات أجنبية، يُرجح أنها فرنسية، فوق أجواء مدينة سرت، أحد أهم معاقل تنظيم داعش في ليبيا. وأوضح شرتيل، في تصريحات صحفية سابقة، أن "ثمة تحرش فرنسي بالدولة الليبية منذ وقت طويل، يؤكد وجود رغبة فرنسية في التدخل العسكري في ليبيا، لحماية مصالحها في دول الساحل الأفريقي، القريبة من الجنوب الليبي". ولم يستبعد شرتيل أن تستغل فرنسا هجمات باريس، لفرض وجودها العسكري داخل الأراضي الليبية، بحجة محاربة الإرهاب.