في ظل انشغال العالم بمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، حول التنظيم الجهادي «إمارته» في منطقة سرت الليبية إلى «قاعدة خلفية» يجند فيها مئات المقاتلين الأجانب ويدربهم على تنفيذ هجمات في الخارج، بحسب مسؤولين وخبراء. وتمكن تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على مناطق واسعة في سوريا والعراق من دخول مدينة سرت، مسقط راس معمر القذافي والواقعة على بعد 450 كلم شرق طرابلس في فبراير الماضي، قبل أن يفرض سيطرته التامة عليها في يونيو إثر معارك خاضها مع قوات «فجر ليبيا» الموالية لحكومة طرابلس غير المعترف بها دوليا. واستغل الجهاديون الفوضى والاقتتال السائد في البلاد بين سلطات طرابلس التي تسيطر قوات موالية لها على معظم الغرب الليبي والقوات المستقرة في الشرق والمعترف بها دوليا، لتحويل سرت إلى معقل لهم. ويجد تنظيم الدولة الاسلامية في سرت ملاذا آمنا، بعيدا عن أي تهديدات جدية، إلى الآن، من السلطات العسكرية والأمنية في البلاد التي تشهد صراعا داميا على الحكم منذ أكثر من عام. وذكرت دراسة نشرتها مؤسسة «فيريسك مايبلكروفت» التي تقدم استشارات أمنية الاربعاء ان تنظيم الدولة الاسلامية «يدرك ان الفوضى في ليبيا توفر له فرصة تعزيز» قدراته، معتبرة ان التنظيم «يستطيع المحافظة على وجود مهم له في ليبيا، يدعم فروعه في المنطقة كلها، طالما أن الحرب في هذا البلد قائمة». ونشر تنظيم الدولة الاسلامية مؤخرا صورا وتسجيلات من سرت لمحلات تبيع الحلويات واللحوم، في محاولة لاظهار وتيرة حياة طبيعية في المدينة، بينما نشر أيضا أشرطة فيديو تظهر إقدام عناصره على بتر يد شخص عقابا، ساعيا من خلالها لتاكيد سطوته. ويقدر مسؤول في وزارة الخارجية الليبية تحدث إلى وكالة فرانس برس أعداد المقاتلين الأجانب في صفوف التنظيم في سرت حاليا «ببضعة آلاف»، إلا أنه يعبر عن خشيته «من ازدياد هذه الأعداد في ظل الضغط الذي يتعرض له التنظيم في سوريا والعراق». ويقول مسؤول حكومي آخر في الحكومة الليبية المعترف بها إن «الضربات ضد داعش قد تدفعه إلى نقل قياديين وعناصر ومراكز قيادة إلى ليبيا». ويسعى تنظيم الدولة الإسلامية الذي يقاتل أيضا القوات الحكومية في بنغازي (الف كلم شرق طرابلس) وفي محيط درنة في أقصى الشرق الليبي، إلى توسيع حدود «امارته» المتوسطية عبر التمدد نحو مدن قريبة. وبعيد سيطرته على بلدة النوفلية التي تبعد نحو 120 كلم إلى الشرق من سرت، بدأ يستهدف مدينة اجدابيا على بعد 350 كلم في منتصف الطريق بين سرت وبنغازي والواقعة ضمن منطقة الهلال النفطي. ورغم تمدد تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا، لا يزال المجتمع الدولي يحصر الجزء الأكبر من جهوده في مكافحة هذا التنظيم في سوريا والعراق.