استنفرت إحالة مشروع المسطرة الجنائية على المؤسسة التشريعية الجمعيات النشيطة في مجال حماية المال العام، والتي ترفض بشكل مطلق المادة الثالثة من المشروع سالف الذكر، بدعوى أنها "تمنع المجتمع المدني من تعقب لصوص مال المواطنين والدولة". في هذا السياق، أفادت الجمعية المغربية لحماية المال العام بأن إحالة المشروع على البرلمان يبعث آمالا جديدة بإمكانية إسقاط المادة الثالثة المثيرة للجدل، مؤكدة شروعها في مناقشات بخصوص تسطير أشكال نضالية جديدة ستحسم فيها يوم السبت المقبل، خلال عقد اجتماعها الوطني. وبحسب الصيغة الحالية للمادة الثالثة من مشروع المسطرة الجنائية، فإنه "لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أو كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك". وتفاعلا مع هذا الموضوع، كشف محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن "المسؤولية اليوم تقع على عاتق البرلمان لمنع أكبر عملية تحصين للمنتخبين واللصوص من المساءلة، من خلال تكبيل حق الجمعيات في المتابعة وتحريك المسطرة وتفعيل الرقابة المتعددة". وأوضح الغلوسي أن "المشرع لا بد أن يراعي أنه إذا كانت هناك رقابة مؤسسات دستورية مثل المجلس الأعلى للحسابات والمفتشيات العامة وغير ذلك من الأجهزة الرقابية، فإن المجتمع المدني يلعب دورا مهما في المساهمة في تخليق الحياة العامة، من خلال الدستور واتفاقيات الأممالمتحدة لمكافحة الفساد". وأضاف ذات المتحدث أن "السلطة التنفيذية يبدو أن لديها توجها خطيرا وغريبا يستهدف الجمعيات"، مشيرا إلى "خطورة اتفاق الأغلبية الحكومية حول هذا المقتضى لحماية أتباعها والمنتمين إليها، خاصة وأن المؤشرات تثبت وجود عزم وتصميم على تمرير المادة الثالثة من مشروع المسطرة الجنائية". ويأتي هذا في الوقت الذي تتشبث فيه الجمعية المغربية لحماية المال العام بخيار الخروج إلى الشارع في حال عدم الاستجابة لمطلب إسقاط المادة المثيرة للجدل، معتبرة أن هذا المطلب لديه راهنية كبيرة أمام استفحال متابعة مسؤولين سياسيين وبرلمانيين في السجون على خلفية جرائم الأموال.