غراهام بيل هو مخترع أول هاتف في العالم سنة 1876. والده كان أستاذا جامعيا وباحثا في العلوم السمعية، ووالدته كانت مهتمة بالموسيقى وأثرت على ابنها في هذا المجال حتى أصبح يحلم بمسار مهني في مجال الموسيقى. ظروف النشأة هذه جعلت مخترع أول هاتف يهتم بالأصوات الموسيقية ويعمل على تعميق مداركه العلمية في مجال العلوم السمعية، فقد كان المخترع عالما ومهندسا وأستاذا جامعيا. أولى تجارب بيل بدأت بفكرة اختراع جهاز لنقل الصوت يكون دوره تحسين السمع لدى الأشخاص الصم. تجارب تحولت فيما بعد إلى اختراع أثر على العالم بأسره. وكانت الحالة العائلية لغراهان بيل المتمثلة في أمه وزوجته اللتان تعانيان من ضُعفٍ في السمع وراء تلك التجارب التي انضه إليها كل من أبيه وجده وكذلك أخيه. وكان مجال تلك الأبحاث يهتم بعلم الفونولوجيا أي علم الأصوات الكلامية. قضى غراهام بيل شبابه في مدينة إيدينبورك باسكتلندا، وكانت آنذاك مدينة متفوقة على لندن في مجالات عديدة خاصة العلمية منها في تخصص التطبيب والآداب. مدينة إيدينبورك التي ازداد فيها مخترع الهاتف كانت تلقب بأثينا الشمال، وهو تشبيه بأثينا عاصمة اليونان التي بلغت قمة عالمية في العلوم. وتعود شهرة هذه المدينة إلى الاختراعات التي أنجزها علماء يقطنون بالمدينة. اختراعات من قبيل السفن المصنوعة من الحديد، البندقية التي يمكن شحنها بالعديد من الرصاصات بدل البندقية ذات الرصاصة الواحدة السائدة آنذاك، والجراحة بواسطة التعقيم لتفادي العدوى. غراهام بيل الطفل لم يكن موفقا في دراسته، فقد كان دائم الغياب، قليل الطموح الدراسي وكثير الاهتمام بقضايا كبرى جعلته يوصف بطفل الأحلام. كما أنه لم يكن يهتم سوى بمادة البيولوجيا ولا يكترث بباقي المواد. بعد مغادرته الدراسة في سن 15، التحق بجده للعيش معه في لندن. هذه الفترة ستشكل تحولا كبيرا في حياة غراهام بيل، إذ سيتوفق جده في أن يغرس فيه الطموح الدراسي ويُوجهه للاهتمام بعلوم النطق والكلام التي تشكل في نظره الخاصية الأساسية في الإنسان، كما سيبذل جهدا كبيرا ليتمكن حفيده من الكلام بوضوح وقناعة كبيرة ليجعل منه مدرسا ناجحا. اختراع الهاتف لم يكن في الأصل الفكرة التي قادت غراهام بيل إلى الشروع في تجاربه. فالمخترع كان فكره يسير في اتجاه إنجاز جهاز يساعد الأشخاص الصم وذوي السمع الضعيف من تحسين قدراتهم السمعية. بيل وهو مقيم في كندا منذ العام 1870 شرع في تجاربه رفقة مساعده توماس ويتسون حتى استطاع بأبحاثه تحويل صوت الإنسان إلى ذبذبات كهربائية، وهو الاكتشاف الذي مكن نقل الصوت عبر سلك كهربائي من الجهاز الذي يستعمله بيل إلى جهاز آخر يستعمله مساعده ويتسون في غرفة مجاورة. بيل في غرفته يقول: "تعال هنا يا سيد ويتسون، إني في حاجة إليك" وهي الجملة التي وصلت لويتسون عبر جهازه في الغرفة الأخرى يوم 10 مارس 1876. وبذلك تكون هذه هي أول مكالمة هاتفية في التاريخ معلنة اختراع الهاتف ودخول العالم بأسره في مرحلة جديدة. أول خط هاتفي تم اختباره من قبل بيل كان في 9 أكتوبر 1876 على مسافة 2 كم. وبعد نجاح هذه التجربة، شرع في استخدام الهاتف بشكل رسمي، وهكذا في أبريل 1877 تم إعلان ولادة الهاتف. في 28 يناير 1878 سيتم إنجاز أول مركز هاتفي يدوي يربط 21 مشتركا في الهاتف. هذه المحطات فتحت المجال للعديد من الاختراعات التي ستتسارع مع مرور الوقت لتؤثر بشكل جذري على حياتنا اليومية حتى وصلت عالم الأنترنيت وما شكله من نقلة نوعية في عالم الاتصال، فأصبح بالفعل العالم على شساعته قرية صغيرة. عند وفاة بيل سنة 1922 كان يشتغل في العالم 13 مليون هاتف. غراهام بيل لم يكن كباقي المخترعين الذين عاصرهم. ففي هذه الحقبة من التاريخ كان المخترع يكتفي بما هو نظري ويترك لمن يأتي من بعده تطبيق اختراعه. الأمر نفسه الذي حدث مع العالم الفيزيائي هيرتز مكتشف الموجات الهيرتزية وتطبيق هذه الموجات تكلف به رجل الأعمال ماركوني باستخدام اكتشاف هيرتز في التلغراف اللاسلكي. غراهام بيل لم يسر في هذا الاتجاه فهو اخترع الهاتف وقام بإنشاء شركة لإقامة شبكة هاتفية تزود الزبائن بخدمات اختراعه. وهو ما قام به كذلك مخترع المصباح توماس أديسون الذي أنشأ شركة لتوزيع الكهرباء. سعيد الغماز