يستحق استطلاع رأي المؤشر العربي الذي قُدِم أمس بالمركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية، الذي يديره الدكتور عزمي بشارة من الدوحة، وقفة تأمل من قبل الأحزاب والحكومات والإعلام وكل مشتغل بالشأن العام. أولا لأن الدراسات الميدانية واستطلاعات الرأي قليلة في بلادنا والبلاد العربية. ثانيا لأن الأمور تجري في منطقتنا بغير بوصلة ولا لوحة قيادة، النخب تعتبر أنها تعرف مكة وشعابها أكثر من أهلها، وأنها تعرف ما يريده الشعب وما لا يريده الناس بالفطرة والوحي والإحساس. لا بالعلم والدراسة واستطلاع الرأي المتواصل. وهكذا تكبر الفجوة بين الحاكم والمحكوم حتى تقع القطيعة فيسأل الحاكم شعبه. من أنتم أيها الجردان؟ استطلاع الرأي الجديد لهذه السنة وضع عددا من المؤشرات لقياس اتجاهات الرأي في 14 بلدا عربيا، منها المغرب وجرى استجواب 20350 عربيا منهم حوالي 1200 مغربي بهامش خطأ 2 إلى 3 في المائة . الخلاصة الأولى أن 61 في المائة من المغاربة يؤيدون الثورات العربية ورياح التغيير التي هبت على هذه الجغرافية القاحلة من الديمقراطية في العالم. فكيف وصل الرأي العام المغربي المستجوب إلى هذه النتيجة؟ لنتابع الأرقام والإحصائيات، ٪53ً في المائة من المغاربة يرون أن الوضع العام سيء في بلادهم. و٪46 يقولون إن الوضع الاقتصادي هو السبب في هذا السوء. فيما يرى ٪37 أن السبب سياسي. (٪46 من المغاربة قالوا عن الوضع السياسي في البلد إنه إيجابي وهذا ربما يرجع إلى الحراك المغربي الذي مازالت وقائعه جارية إلى الآن). ٪60 من المغاربة لا يثقون في الأحزاب. ٪92 يعتقدون أن الفساد مستشر في الدولة . 37% قالوا إن دخلهم لا يكفي لتغطية مصاريفهم. ٪54 من الأسر تلجأ إلى القروض و٪34 تلجأ إلى معونات العائلة ومساعدة أهل الخير (مازالت أطر التكافل التقليدية تعمل بعكس سياسات التضامن الاجتماعي الحديثة التي يظهر أنها متعثرة). ك الآن لنطل على فهم الشعب للديمقراطية. هل هو فهم دقيق أم لا؟ وهل مقولة الشعب يريد الخبز ولا يفهم في السياسة صحيحة أم لا؟ ٪36 من المغاربة يرون أن معنى الديمقراطية يدور حول الحريات العامة و٪17 إن الديمقراطية تضمن العدل والمساواة ٪15 إنها تضمن وجود نظام حكم صالح ٪3 وأنها علاج لأمراض الاقتصاد ثم ٪6 قالت إن للديمقراطية فوائد أمنية تتصل بالاستقرار والشعور بالأمان. هذا أفضل تعريف للديمقراطية قرأته من شعب لم يجرب الحكم الديمقراطي طيلة تاريخه. أليست هذه معجزة تستحق التأمل والتفكير. هل مجتمعنا المغربي والعربي عموما مؤهل للحكم الديمقراطي أم لا؟ ٪68 أجابوا عن السؤال بالإيجاب وقالوا نعم مهيؤون الآن قبل الغد. أظن أن هذا الإلحاح من آثار الربيع العربي الذي أسقط مبرر عدم نضوج المجتمعات العربية للديمقراطية. الآن دعنا نقترب من ثقافة الجمهور المغربي. و نسأل مع التقرير. من أين يأتي المغربي بالمعلومات والأخبار والتحليلات والآراء حول السياسة والاقتصاد والمجتمع والثقافة …. ٪83 من المغاربة قالوا إن مصدرهم الأول هو جهاز التلفزة و٪5 من الإذاعة و٪6 من الإنترنت و٪3 من الصحف الورقية والإلكترونية …. أي القنوات التلفزية الأكثر مشاهدة في المغرب. القناة الثانية ٪26 الجزيرة ٪24 العربية ٪6 فرانس 24 بنسبة ٪2 والباقي قنوات أجنبية (مصر مثلا لا تحظى الجزيرة فيها سوى ب٪14 من نسب المشاهدة. وتونس بنسبة أقل ٪7 العراق ٪6 وهذا معناه أنه كلما كانت هناك وسائل إعلام محلية حرة وتعددية ومنفتحة يقبل الناس عليها ولا يستهلكون الإعلام الأجنبي عربيا كان أو غربيا). ماهو سبب الثورات العربية التي ضربت المنطقة قبل سنتين ومازالت تهدد دولا وزعامات أخرى؟ يرى المغاربة مثل عموم العرب¡ أن السبب الأول لنشوب الثورات في المنطقة هو انتشار الفساد المالي والإداري (٪42) ثم يليه سوء الأوضاع الاقتصادية (٪20) ثم في المرتبة نفسها يأتي غياب الحريات (٪20) ثم رابعا يأتي غياب العدل وسيادة التسلط والظلم (٪11). هل هذا الشعب يفهم ما يجري حوله أم لا؟ هل هذا الشعب يعرف أمراضه أم لا؟ هل هذا الشعب يعرف دواء أعطابه أم لا؟ أترك لكم الجواب بعد قراءة مضامين المؤشر العربي