وصلنا إلى أن يكون المجتمع وجها لوجه مع الدولة ومؤسساتها، بعد أن تم القضاء على الشخصية المستقلة للأحزاب، وتدجين النقابات بأموال الدعم والهبات والامتيازات …، والمعارضة لا تسمع لها همسا. وبدأت بعض الأحزاب تستشعر هذا الفراغ، بعد نكسة التعليم، لبلورة ميثاق لتأسيس جبهة لأحزاب المعارضة (حزب التقدم والاشتراكية وحزب الاتحاد الإشتراكي). وما يعيشه قطاع التعليم ما هو إلا نتيجة حتمية للتواطؤ بين النقابات والوزارة (أزيد من سنتين من الحوار)، بسبب النظام الأساسي وما فيه من فصول كرست التراجع عن المكتسبات، وغياب العدالة الأجرية داخل القطاع، ناهيكم عن مقارنة أجرة الموظفين بنظرائهم في القطاعات الحكومية الأخرى. (0 درهم لهيئة التدريس مع النظام الأساسي الجديد). فالشرعية الآن يقررها الشارع، وقطاع التعليم ليس استثناء، فقد سبقت تجارب: تنسيقية ضحايا مهنة المحاماة، تنسيقية الممرضين ….. وقريبا تنسيقية ضحايا سياسة الحكومة ….. وأي اتفاق بين الحكومة والنقابات ليس موضع ثقة، وخير دليل على ذلك: اتفاق 10 دجنبر 2023، الذي لم يقنع الشغيلة التعليمية لتعليق الإضراب، رغم أن النقابات الموقعة وجهت لقواعدها دعوة لرفع الإضراب والعودة إلى الأقسام واستئناف الدراسة، لكن تأثير هذه الدعوة محدود جدا، وأكدت النسب المسجلة في الإضراب أيام: الأربعاء والخميس والجمعة والسبت هذا الواقع، بل تمخض عن هذا الاتفاق تحقيق الوحدة على المستوى الميداني بتذويب التناقضات وتطويق الاختلافات، بالتركيز على وحدة الخصم والهدف -انتزاع الحقوق من الحكومة- والعمل على تحقيقه، وتجسدت الوحدة في مسيرات الشغيلة التعليمية باللباس الأسود " مسيرة الغربان". يوم الخميس 14 دجنبر 2023. الأسبوع المقبل -في اعتقادي- مفصلي في حراك التعليم ونضالات الشغيلة، ولذلك هناك سعي حثيث لتعليق الإضراب، فبعد أن كان رهان الحكومة على الملل من الإضراب والتعلق بأمل الاتفاق المبرم مع النقابات فاشلا، انتقلت إلى أسلوب التفاوض مع الأطراف الفاعلة في الميدان، لإحداث الشرخ وزرع بذرة الانشقاق بين الفاعلين الميدانيين، باستثمار التناقضات والفئوية التي تتأسس عليها الحركة النضالية، [نقابة الجامعة الوطنية للتعليم وما يقارب 25 تنسيقية المنضوية تحت التنسيق الوطني- التنسيقية الموحدة – تنسيقية الثانوي التأهيلي ذ الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب – تنسيقية الدكاترة … ] ويظهر من الدعوة الموجهة للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي أولا، وثانيا: للتنسيق الوطني والتنسيقيات مع FNE لعقد لقاء الخميس للاستماع للمطالب، ثم ثالثا: الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب وتنسيقية الدكاترة … يوم الجمعة 15 دجنبر 2023 ، وانتقلت الحكومة إلى المناورة لارباك الخصم وإذكاء أسباب الفرقة، برفض المواصلة في اللقاء الثاني المقرر مع أطراف لقاء الخميس مساء يوم: الجمعة 15 دجنبر 2023 لتلقي رد الحكومة، باستقبال النقابة دون غيرها، وفشلت الخطة لتمسك النقابة بالحلفاء الميدانيين، ثم أعادت الحكومة توجيه الدعوة للوفد الممثل للحراك الميداني مع شرط تقليص العدد، فاستجاب البعض دون الآخر، مما مكن الحكومة من الاستفراد بالتنسيق الوطني مع FNE لإرباك الوحدة وإحداث شرخ خصوصا بعد ظهور تنسيق ميداني في مسيرة الخميس. بعد انتكاسة السبت 16 دجنبر 2023 ستحاول الحكومة انتزاع تنسيقية الثانوي التأهيلي وتطويعها عن طريق إحدى النقابات الأربع، وتحييدها لكسر التحالف الميداني، لتفويت الفرصة على التنسيقيات الميدانية ونقابة الجامعة الوطنية للتعليم ... حتى لا تنسب لهم المكاسب المحتملة إن وجدت، فتكون النقابات الكلاسيكية هي اللاعب الأساس في ميدان المعركة النضالية.