الاهتمام بالفلسفة هو طريق يُكسبنا آليات التفكير ويساهم في تجويد طريقة نظرتنا للأشياء وهو ما ينعكس إيجابا على حياتنا. ليست الفلسفة شَرا يُبعدنا عن الله، وإلا كيف نفسر ملازمة الفيلسوف سبينوزا طيلة حياته، لعائلة مسيحية متدينة ولم يؤثر فيها بأفكاره حتى أنه حين مات، كانت العائلة تؤدي صلواتها في الكنيسة. كما أن الفلسفة لا تملك الحقيقة وإلا كيف نفسر فلسفة توماس هوبز التي تُنظِّر للنظام السلطوي وفلسفة روسو التي تُنظِّر للديمقراطية. الفلسفة هي طريقة في التفكير والاهتمام بها ضرورة مجتمعية ولا وجود لفلسفة يمكنها هزم الدين. يقول الفيلسوف الكندي " الدين يُفسر للعقل ما هو عاجز عن تفسيره أو فوق طاقته كالقضايا الغيبية. بالمقابل الفلسفة باعتمادها على العقل تساعد على توضيح ما هو غامض من الشريعة وتُدعم بالأدلة العقلية ما أتى به الدين" في خضم التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم في ظل عولمة لا تتوقف عن التوسع، يجتهد العالم العربي في اللحاق بالركب وتقليص هوة التقدم مع الدول النامية، فطرحتِ العديد من الدول العربية نماذج تنموية لبلوغ هدف الرقي والرخاء والتقدم. المغرب هو الآخر طرح نموذجه التنموي، ويعمل على جعل البلاد تستفيد من الفرص المتاحة لتحقيق التنمية المنشودة. وإذا كان بناء الإنسان هو مركز أي نموذج تنموي، فإن بناء العقل التنموي هو أساس هذا البناء. وهو الأمر الذي يتطلب اكتساب آليات التفكير لإنتاج المعرفة الصحيحة القادرة على بناء التنمية والتقدم والرقي. الاهتمام بالفكر الفلسفي يندرج في هذا الإطار. سلسلة المقالات التي نطرح بين أيديكم تحت عنوان "فسحة الصيف مع الفلسفة"، تهدف إلى جعل المصطاف يستمتع كل يوم بأفكار فيلسوف إلى جانب استمتاعه بعطلته. والاستمتاع بالعطلة يقتضي الابتعاد عن مسببات الإرهاق والعناء، والقيام بأنشطة تريدها الذات وتهويها النفوس. ولجعل حلقات "فسحة الصيف مع الفلسفة" بعيدة عن الجهد الفكري الذي يتطلبه الفكر الفلسفي، وقريبة من متعة القراءة والاستمتاع بفكر الفلاسفة، سيجد القارء الكريم كل مقالات هذه السلسلة تتميز بالتركيز في الكتابة، والتبسيط في نقل المعرفة والإيجاز في عرض الأفكار بحيث تكون المقالات قصيرة في القراءة وسهلة في الفهم، وأخيرا اعتماد أسلوب أدبي سلس بعيد عن تعقيدات الأسلوب الفلسفي. فالهدف هو إيصال فكر الفلاسفة لكل القراء لينعموا بمتعة القراءة التي تغذي العقل إلى جانب متعة الاصطياف التي تُريح النفس. سلسلة مقالات "فسحة الصيف مع الفلسفة" ستجعل المصطاف يعيش رحلة مع الفلسفة بالموازاة مع رحلته مع الاستجمام. كما أن ترتيب المقالات حسب مراحل التطور التاريخي للفلسفة: النشأة – مباحث الفلسفة – الفلسفة اليونانية – فلسفة العصور الوسطى – فلسفة العصر الإسلامي – فلسفة عصر النهضة، ستجعل المصطاف كذلك يسافر في عالم الفلسفة إلى جانب سفره بين السهول والجبال والشواطئ وهو يقضي عطلته الصيفية. هذه السلسلة من المقالات ستجعل المصطاف يعرف أهم الأفكار التي تطرق لها فلاسفة اليونان: سقراط -أفلاطون وأرسطو، فلاسفة العصر الوسيط: القديس أوغيسطين والقديس توما الأكويني، فلسفة العصر الإسلامي: الكندي – الفرابي – ابن سينا – أبي حامد الغزالي وابن رشد، الفلسفة السياسية: توماس هوبز – جون لوك وجون جاك روسو، فلسفة عصر النهضة: فرانسيس بيكون – رينيه ديكارت – باروخ سبينوزا – مونتيسكيو – كانط – هيغل ونيتشيه. بهذه المنهجية، تتوخى سلسلة مقالات "فسحة الصيف مع الفلسفة" أن تطرح أفكار الفلاسفة بهدف امتلاك آليات التفكير من أجل الوصول إلى معرفة واضحة وقريبة من الحقيقة، وضبط التفاعلات المتواجدة بين هذه الفلسفات من أجل فهم موضوعي لكل النظريات الفلسفية. استنادا إلى المنطق يمكننا أن نُكوِّن فكرة ذاتية عن النظريات الفلسفية، ولا نجعلها تسيطر على تفكيرنا ونحن لا نفهم كنه نظرياتها. بمعنى أننا يمكن أن نمنح لعقولنا كل الفلسفات، لكننا لا نمنح عقولنا لأفكار تلك الفلسفات. أخيرا نقول إن الفلسفة هي أفكار والدين هو قناعات. والاهتمام بالفلسفة لا يؤثر على القناعات وإنما يطور آليات التفكير لدى الإنسان من أجل فهم أفضل للدين وللحياة وهو ما يساهم في تحقيق الطفرة التنموية التي تنشدها كل المجتمعات.