تسعى الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى تطبيق خطة ترى أنها الحل الوحيد من أجل حرمان روسيا من الاستفادة من الارتفاع القياسي لأسعار النفط، ذلك أن هذا الأمر جعل موسكو في مأمن لحد الآن من العقوبات الاقتصادية الغربية. في هذا الصدد، حاول الرئيس الأميركي جو بايدن خلال القمة الأخيرة لدول مجموعة السبع، أن يقنع قادة هذه الدول بالشروع في تطبيق خطة وضع سقف لسعر النفط الروسي، بحيث تتقلص موارد الدولة الروسية بشكل كبير مما سيؤثر على موازنتها. وأظهرت بعض الدول الأوروبية استعدادا لتبني هذه الخطة ولكن بحذر، لأنها تحتاج الكثير من التخطيط، كما أن فرص نجاحها غير مضمونة. ماذا يعني تسقيف سعر النفط الروسي؟ قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، إن هدف الدول الغربية يجب أن يكون تقليص مداخيل روسيا من النفط. ولتحقيق هذا الغرض، أوضحت الوزيرة أنه وجب خفض سعر النفط الروسي، من خلال اتفاق أكبر الدول المستوردة له -وخصوصا في الغرب- على سعر موحد يغطي فقط تكاليف الإنتاج. وتبلغ كلفة إنتاج النفط الروسي حوالي 4 دولارات أو 5 دولارات للبرميل الواحد، وحسب المعلومات المتداولة فإن الولاياتالمتحدة تفكر في وضع سقف لسعر النفط الروسي لا يتجاوز 25 أو 30 دولارا للبرميل الواحد، وهو السعر الذي سيكون على كل الدول الراغبة في اقتناء النفط الروسي أن تدفعه لموسكو، حتى لو كان السعر العالمي للنفط يبلغ حوالي 100 دولار للبرميل. ما هو هدف الولاياتالمتحدة من تطبيق هذه الخطة ؟ حسب آخر التوقعات الاقتصادية لميزانية روسيا، فإن مداخيل مبيعات النفط لوحدها سوف تغطي حوالي 70% من ميزانية الدولة لسنة 2022 دون الحديث عن مداخيل الغاز، وهو ما يعني أن ميزانية روسيا تعرف وضعا مريحا رغم حالة الحرب المستمرة منذ أشهر. وفي الأوضاع الحالية، تغطي مداخيل النفط حوالي ثلث ميزانية روسيا، وفي حال تم تقليص هذه المداخيل بشكل كبير فإن مداخيل موسكو ستعرف انهيارا حقيقيا، وهو ما تسعى إليه الولاياتالمتحدة. هل ستقبل روسيا بتسقيف سعر نفطها ؟ يعتبر الاتحاد الأوروبي من مستوردي النفط الروسي، حيث بلغت صادرات روسيا من النفط نحو أوروبا حوالي 4.5 ملايين برميل في اليوم قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، وهو ما يمثل تقريبا نصف إنتاج موسكو من النفط. لكن في المقابل، أعلن الاتحاد الأوروبي عن قرار نهائي بوقف النفط الذي يصل إلى القارة العجوز من البحر مع نهاية 2022، على أن يكون التوقف عن استيراد النفط الروسي بشكل نهائي مع نهاية 2023. ويتوقع محللون اقتصاديون أن تنجه روسيا نحو البحث عن أسواق أخرى، وهنا تظهر الصين والهند بديلين محتملين، لاستيعاب النقص الذي ستخلقه المقاطعة الأوروبية للنفط الروسي. إن عدم قبول روسيا بتسقيف أسعار النفط سيجعلها مضطرة للبحث عن بديل عن السوق الأوروبية، لكن حتى لو فعلت ذلك، فإنه من الصعب عليها أن تقوم بإعادة توزيع كل النفط الذي كانت تصدره إلى أوروبا نحو وجهات أخرى، ذلك أن خطوط الإمداد التي تربط روسيا بأوروبا تم بناؤها على امتداد عشرات السنوات وتطلبت استثمارات بعشرات المليارات من الدولارات، وهي شبكة من أنابيب الإمداد المعقدة التي تمتد لآلاف الكيلومترات. هذا، وحتى لو أرادت روسيا الاعتماد على شبكة تصدير النفط إلى آسيا، فإن الأخيرة تعتبر جديدة وصغيرة جدا مقارنة مع شبكة الإمداد الروسية نحو أوروبا. وإلى جانب ذلك، يضع تصدير النفط نحو الصين أمام روسيا تحديا أكبر، وهو العثور على ناقلات نفط كافية نحو آسيا، ذلك أن تحويل النفط إلى أوروبا يتطلب مسافات قصيرة، في حين أن نقله لآسيا سيتطلب قضاء 10 أضعاف عدد الأيام التي تقضيها الناقلات نحو أوروبا، وقد تصل مدة بعض الرحلات ذهابا وإيابا أكثر من شهرين.