إلى حدود منتصف نهار أمس الاثنين، لم تتحرك الجهات المسؤولة بإقليم الجديدة من اجل تخليص رجل خمسيني من ربقة الاحتجاز داخل كوخ مهجور بدوار “أولاد عسو" الواقع بتراب الجماعة القروية لمكرس على بعد حوالي 30 كلم شمال مدينة الجديدة. و أكدت مصادر مسؤولة بالجماعة ذاتها أن الضحية الذي عُثر عليه مكبل الرجلين بسلاسل حديدية وسط أكوام القمامة، يعاني من خلل عقلي خضع على إثره لعلاجات طبية في أكثر من مناسبة لكن دون جدوى. و رجحت ذات المصادر أن تكون إصابة الضحية بهذا الخلل ناتجة عن الوراثة، إذ أكدت بأن والده كان يعاني بدوره من اضطرابات نفسية سقط على إثرها في المجرى المائي لوادي “فليفل" الذي يخترق تراب الجماعة القروية ذاتها، حيث عثر عليه جثة هامدة منذ حوالي سنتين مضتا. كما أضافت المصادر نفسها بأن دوار “أولاد عسو" المعروف بالمنطقة باسم دوار “أولاد حسين" يعاني من انتشار حالات الخلل العقلي في صفوف السكان، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى تدخل الجهات المسؤولة عن قطاع الصحة من أجل رصد أسباب هذه الظاهرة و تشخيصها في أفق تقديم العلاجات الضرورية للمرضى الذين يعانون من اختلالات عقلية. و فيما رجحت ذات المصادر أن تكون عملية احتجاز الضحية بغرض الحيلولة دون مغادرته حضن العائلة في اتجاه مجهول –إسوة بوالده الهالك- فقد استبعدت في الوقت نفسه أن يكون ذلك قد تم بغرض الاستيلاء على أرضه الفلاحية، مستدلة على ذلك بكون الأسرة تعيش حالة من الفقر المدقع و لا تتوفر على مساحات شاسعة من الأراضي التي تدفعها إلى اعتماد هذه الطريقة “الوحشية" في حق الضحية من أجل الاستيلاء على أراضيه. و كان سكان دوار “أولاد عسو" قد فجروا قضية احتجاز الضحية داخل كوخ مهجور لمدة تناهز 15 سنة، حيث تم العثور عليه مكبل الرجلين بسلاسل حديدية، عاري الجسد، بشعر أشعت و لحية كثة، و أظافر طويلة... وسط أكوام الأزبال التي أدت إلى انتشار روائح كريهة قضت مضاجع السكان ليتحركوا من اجل وضع حد لمأساة الضحية من خلال تفجير قضية احتجازه. و تضارب الآراء حول مصدر قوت الضحية الذي أضحى عاجزا عن الكلام من شدة المعاناة التي قضاها في “معتقله" طيلة سنوات من الزمن، ما بين تزويده بكسرات الخبز الحافي و قنينات الماء من طرف ابن شقيقه (الذي يشتبه بوقوفه وراء احتجازه) و الصدقات التي يتلقاها من طرف الجيران الذين يلجأ إليهم كلما استبد به الجوع و العطش. و من المقرر أن تدخل على خط هذه القضية بعض الجمعيات و الهيئات الحقوقية من أجل تخليص الضحية من معاناته و السهر على استفادته من العلاجات الضرورية و تحريك المتابعة القضائية في حق كل من تبث تورطه في احتجازه و حرمان من أبسط ظروف العيش طيلة عقد و نصف من الزمن. عبدالفتاح زغادي/الزيتوني الغزالي – الأحداث المغربية