أي دور لجمعية الآباء في الإصلاح؟ 1- كانت المؤسسة التربوية بمختلف مستوياتها طيلة القرون الماضية – ولا تزال – تقوم بعملية التنشئة الاجتماعية لتحقيق درجة من التماسك الاجتماعي بين الأفراد والجماعات (لان مبادئ الحياة الاجتماعية ومبادئ الحياة المدرسية متماثلة – جون ديوي) , و لهذا اسند إليها المجتمع أدوارا ووظائف تتعلق بتزويد الأجيال الحديثة بالمعارف والمهارات والقيم الاجتماعية والثقافية الضرورية للاندماج الاجتماعي والتلاؤم مع المحيط . 2- كانت المؤسسة التربوية أداة أساسية للحركية الاجتماعية للارتقاء في السلم الاجتماعي تم أصبحت في مرحلة لاحقة أداة لإعادة الإنتاج (إعادة إنتاج بنية المجتمع – بيير بورديو), فتوسع دورها حتى طال اختصاصات الأسرة فاضطرت هذه الأخيرة – تحت تراتب معين للسلط – إلى التخلي عن كثير من وظائفها لفائدة سلطة المؤسسة التربوية حتى أصبحت هذه الأخيرة سلطة شاملة متضخمة استحوذت على حقوق الغير ولا تقبل التنازع أو النقض . 3- إن المؤسسة التربوية والى سنوات قريبة كانت تحتكر العملية التربوية – التعليمية وتعتبر نفسها الوصي الشرعي الموكول إليه تكوين الأجيال وإعدادهم للحياة….وكانت تقصي مؤسسة الأسرة بل تعتبر تدخلها في العملية التربوية تطاولا على اختصاصاتها مما أدى إلى توليد قناعة لدى الآباء والأولياء بضرورة الاستسلام والابتعاد عن مهام المدرسة والمدرس. هذه المهام الكبرى والمسؤوليات المتعددة هي التي حتمت على المدرسة فيما بعد للدخول في نسيج من العلاقات التربوية و التدبير ية مع مختلف المؤسسات الاجتماعية الأخرى بهدف التنسيق وتوزيع الأدوار فيما بينها لأنها أصبحت غير قادرة وحدها على تفعيل الإصلاح ومنجزاته أو تنفيذ توصيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين. ومن الخطر أن تحتكرها لنفسها حيث هناك مؤسسات أخرى يتأثر بها الفرد كمؤسسة الأسرة التي لها دور في إعداد شخصية الفرد حتى يكون قادرا على التكيف مع متطلبات السلوك المدني الذي تبنيه تغرسه وتقويه مؤسسة المدرسة . لذا كان من الضروري تطوير وتشجيع ثقافة الحوار والشراكة بين منظمات وجمعيات المجتمع المدني من جهة والمؤسسة التربوية من جهة أخرى كسبيل وحيد لربط المدرسة بمحيطها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي وعبر قناة الأسرة التي تعد الخلية الأولى للتنشئة الاجتماعية لان التوازن والتجانس بين الأسرة والمدرسة ضروريان حتى يتكامل نمو الفرد من جميع الجوانب بما يؤهله لولوج عالم الحياة . انه ورغم وعي المجتمع وقناعة الجميع بضرورة الحوار بين المؤسسة التربوية وخلية الأسرية إلا أن عددا من الآباء والأمهات يتهربون ويتملصون من مسؤولية المشاركة في قيادة عمليات الدعم والمساعدة أو تقاسم المسؤوليات التدبير ية, مما زاد من ضعف تأثير المؤسسة الاجتماعية (الأسرة) داخل وبين أجنحة فضاء المؤسسة التربوية. ومن المحددات المفسرة لأهم الاختلالات الموجودة بين الأسرة والمدرسة في ظل استمرار الغياب أو ضعف آليات التقاسم والشراكة بين المؤسسة التعليمية من جهة وجمعيات آباء وأولياء أمور التلاميذ من جهة أخرى يمكننا الاستدلال بالعناصر التالية : وجود نقص في التشريعات والقوانين المنظمة مما عطل آليات التأسيس والتطوير وخلق الجمعيات الموازية ولذا يجب مراجعة القانون الإطار للمؤسسات التعليمية حتى يتماشى مع متطلبات التسيير الذاتي للمؤسسات مع استقلاليتها في التدبير والتسيير والتشريع كما يجب إعادة النظر في طبيعة القوانين المنظمة للعلاقة بين المؤسسة التربوية و الجمعيات ذات الصلة بالقطاع التربوي . غياب الإعلام والتواصل مع مختلف الفاعلين في الحقل التربوي للمساعدة في انفتاح المؤسسة على محيطها السوسيو اقتصادي والثقافي وتامين إشعاعها على الصعيد المحلي و الجهوي والوطني . حرص المؤسسات التعليمية على الانغلاق البيروقراطي مما جعل الإدارة التربوية غير قادرة على مسايرة التغيرات المعرفية والتواصلية والتنظيمية والتكنولوجية لذا لا محيد من تغيير مناهج التسيير الداخلية للمؤسسة من جهة وتغيير علاقات هذه الأخيرة بمحيطها السوسيو اقتصادي والثقافي. طغيان الجانب المادي في العلاقة بين جمعيات الآباء والمؤسسات التربوية حيث لا ترى الإدارة التربوية في هذه الجمعيات سوى أنها بقرة حلوب يمتص ضرعها لا اقل ولا أكثر وليس شريكا في الحكم والتدبير. غياب مناخ إداري وتربوي سليم, أو بنيات إدارية متجانسة قادرة فاعلة على انفتاح المؤسسة على محيطها لتصبح مصدر إشعاع ثقافي واجتماعي وتربوي . المدرسة والأسرة كيانان متلازمان – ضروريان في التدبير ألتشاركي إرساء مقومات الشراكة بين المؤسسة التربوية وجمعيات الآباء وأولياء أمور التلاميذ في إطار تدبير تشاركي أو تعاقدي قد يستهدف الرفع من إسهام الفاعلين التربويين وقد يساعد على إشاعة روح المسؤولية لدى كافة الأطراف المنخرطة في الإصلاح للوصول إلى تأسيس مدرسة الجودة والإنصاف وبالتالي (مأسسة قواعد الشراكة ) وان تحفيز الجمعيات التربوية وتشجيعها للاضطلاع بالمسؤولية المشتركة لانقاد المدرسة المغربية نظرا: -أ- فشل السياسات التعليمية المتعاقبة وما ولد من شعور بانعدام الثقة في المؤسسة التربوية, والحال أن النهوض بهذه المدرسة المغربية يقترن بالتعبئة المجتمعية وبانخراط كل الفاعلين والشركاء في تجديدها, وخصوصا الشركاء المعنيين عن قرب كجمعية آباء وأولياء أمور التلاميذ . ب- ضعف انخراط الفاعلين وشركاء المؤسسة في الرفع من المردودية والكفاءة التدبير ية للمؤسسات التعليمية , حيث تستلزم منا الحكامة التدبير ية الجديدة:- نهج أسلوب الإشراك والتشارك /- نهج أسلوب التوافق والتناسق بين المؤسسات والجمعيات ذات الصلة بالحقل التربوي- /تحسين جودة الخدمات التربوية -/ نهج أسلوب التواصل والرؤية الإستراتيجية . وهذا ما قد يعطي دينامية جديدة للممارسة الديمقراطية والتدبير الجماعي بإشراك فعال لشركاء المؤسسة والفاعلين فيها بمن فيهم آباء وأولياء أمور التلاميذ و الجماعات المحلية وجمعيات المجتمع المدني . ج – عجز الدولة عن تمويل التعليم , دفعها إلى تحويل مزيد من المهام والمسؤوليات من المركز إلى الجهات تم إلى المؤسسات .تم دعت إلى تعبئة موارد التمويل وترشيد تدبيرها وسعت لاستكشاف سبل مبتكرة لتنويع مصادر تمويل المنظومة, لان هذه المنظومة التربوية بحاجة إلى توزيع أفضل لمواردها والتعبئة اليوم تتطلب تعبئة المجتمع برمته , ولقد الميثاق الوطني للتربية والتكوين إلى (إسهام الفاعلين والشركاء في عملية التربية والتكوين من دولة وجماعات محلية ومقاولات واسر ميسورة ) المادة 169-الدعامة 19 فهل هي بداية لإلغاء المجانية تحت يافطة إرساء مقومات الشراكة بين الأطراف المعنية في إطار تعاقدي ؟. إن النهوض بالمدرسة المغربية حسب وثيقتي الإصلاح(الميثاق والرؤية), يتطلب الانفتاح على جمعيات ومنظمات المجتمع المدني بصفة عامة وعلى جمعيات آباء وأولياء أمور التلاميذ بصفة خاصة , وذالك قصد الانخراط في مواجهة كافة النفقات التي يتطلبها تعميم التعليم دون المس بمجانيته إن أردنا تحقيق مدرسة الإنصاف بين الجميع . المذكرات الوزارية في شان دور جمعيات الآباء وأولياء أمور التلاميذ من المذكرات التي صدرت من طرف وزارة التربية الوطنية والتي يمكن الاستئناس بها في إطار إرساء مقومات الشراكة بين الأطراف المعنية ,وخصوصا منها جمعيات آباء وأولياء أمور التلاميذ نشير إلى : المرسوم الوزاري الصادر بتاريخ 11/2/1972 المذكرة الوزارية الصادرة بتاريخ 7/2/1983 و تقر على تمثيل جمعية الآباء في المجالس التقنية. المذكرة 67/1991 وتدعو لتثمين التعاون بين المدرسة و الأسرة. المذكرة رقم 199/1991 في إحداث مجلس الخزانة بكل مؤسسة إعدادية وثانوية تمثل فيها جمعية الآباء. المذكرة 28/1992 وتدعو للتعاون بين الآباء وأولياء التلاميذ والمؤسسات التعليمية مع التشجيع على إحداث جمعيات للآباء. المذكرة 73/1994 حول موضوع دعم التجديد التربوي في المؤسسات التعليمية من باب العمل بمشروع المؤسسة شرط أن يحظى بموافقة جمعية الآباء. المذكرات 27/1995- 133/1996- 141/1996- 75/1997 وهي مذكرات تؤكد على الدور الهام الذي تقوم به جمعيات الآباء. هذه المذكرات وغيرها تدعو إلى التدخل التربوي وتنشيط الحياة المدرسية بمساهمة ومشاركة من جمعيات الآباء من قبيل الإشراك في عمليات التجديد التربوي – الاهتمام بصحة التلميذ ونفسيته – خلق جسور التواصل مع الأسر – الانفتاح على المحيط الخارجي – التمثيل في المجالس التقنية- المساهمة في الترميمات والإصلاحات – وللتذكير فهذه المذكرات وغيرها وجهت – فقط – إلى الإدارة التربوية وليس لجمعيات الآباء و أولياء أمور التلاميذ . فكيف رأت هذه المذكرات العلاقة الإدارية و القانونية والتنظيمية بين المؤسسة التربوية وجمعيات الآباء وأولياء أمور التلاميذ ؟ 1- إن جمعيات آباء وأولياء أمور التلاميذ مثلها مثل باقي جمعيات المجتمع المدني , تؤسس بمقتضى ظهير الحريات العامة , وهي جمعية مستقلة عن المؤسسة التعليمية ماديا ومعنويا (ظهير 1958). 2-الانخراط في الجمعية يكون اختياريا وليس إجباريا وان كان يتخذ طابع الإجبارية في اغلب المؤسسات –وان كان- قصد استخلاص واجب الانخراط. 3-إنها مسؤولة عن جميع نشاطاتها وتصرفاتها أمام القانون ويمكن أن تختار مقراتها خارج المؤسسة أو تكتفي بمقر خاص داخلها. 4- لا ينص قانونها على ضرورة تمثيلية إدارة المؤسسة في مختلف اجتماعاتها وأنشطتها حفاظا على استقلالية قراراتها 5- أهدافها وغاياتها غالبا ما تصاغ بلغة و أسلوب فضفاض وعام , كما أن اغلب هذه الجمعيات لا تحدد نظامها ألتدبيري بما يتناسب مع أجندتها التربوية داخل المؤسسة وأنشطتها الإشعاعية التواصلية بمحيطها السوسيو ثقافي. 6- موضوع نشاطها ينصب على دعم المبادئ الأساسية للمنظومة التربوية ,كالحفاظ على الهوية الثقافية الوطنية والانفتاح على الثقافات ,,,. ثم توفير بعض المستلزمات ووسائل العمل , إضافة إلى تعزيز التعاون بين الأسرة والمدرسة . في ظل هذا الوضع الاعتيادي الذي تعمل فيه هذه الجمعيات , من الصعوبة بمكان أن تضع تصورات شاملة لكيفية مواجهة الاكراهات المستجدة التي تتخبط فيها ويتخبط فيها نظامنا التعليمي, ومن الصور السلبية التي تتراكم سنة بعد أخرى و تفرزها الوضعية الحالية للجمعيات داخل المؤسسات التربوية : -عزوف الآباء عن حضور الجموع العامة مما يحول اجتماعاتها أو جموعها العامة إلى شبه لقاءات باردة جافة تقدم فيها كؤوس الشاي وتقرا التقارير بطريقة إنشائية, ويصادق عليها أحيانا بالتصفيق أو رفع الأيدي ثم ينصرف الجميع على أمل العودة بعد انتهاء فترة الانتداب بنفس “الريتم ” الجاف . -هذا العزوف يؤدي إلى تشكيل مكاتب غير ديمقراطية او يعاد تشكيل نفس المكاتب بنفس الأعضاء ونفس الحضور ونفس طريقة التصويت , وغالبا ما يتم ذالك بطريقة عشوائية حيث يكلف من حضر بتشكيل المكتب سواء اقتنع أو لم يقتنع بنبل وجسامة المسؤولية . -هذه الطريقة المتبعة في تشكيل المكاتب تنعكس على السير العادي للمكاتب الإدارية للجمعيات إذ يلاحظ أن الغياب في اجتماعات المكاتب يكون مرتفعا جدا (حتى أن مدير المؤسسة لا يبحث إلا عن الرئيس- الآمر بالصرف- فهل يجده آم لا ؟) يتم غالبا التعامل بحذر مع مكتب الجمعية خوفا من حدوث اصطدام قد ينعكس سلبا على المناخ الإنساني والتربوي داخل المؤسسة خصوصا إذا علمنا أن الواقع الثقافي والفكري والسياسي للآباء الذين تتعامل معهم الإدارة التربوية يتنوع تنوعا كبيرا الشيء الذي يؤدي إلى تداخل مصالح أو اعتبارات خاصة لا تدخل ولا تخدم بأي حال من الأحوال العملية التربوية من قبيل : أ- تدخل بعض أفراد الجمعية لصالح أبناء بعض الأشخاص لاعتبارات معينة : عائلية أو حزبية أو نقابية أو مصلحيه-زبونية ….. ب- التدخل في القضايا التربوية الصرفة كالحديث عن مرد ودية بعض الأساتذة أو عن غيابهم …. ج- طلب تغيير بعض الأساتذة لفائدة أقسام معينة أو إزاحتهم عنها . د- الاحتجاج على تنقيط بعض الأساتذة أو الاحتجاج على صرامتهم . ه- رغبة بعض الآباء في تغيير الأقسام مع اختيار أساتذة مفضلين لديهم . و- الرغبة في تفريغ أنصاف أيام معينة لأبنائهم حتى يتمكنوا من القيام بساعات في مؤسسات أخرى آو مزاولة أنشطة رياضية مع فرق وجمعيات . الاحتجاج على بعض الممارسات التربوية الجادة للأساتذة الذين يتشددون في تأخر التلاميذ أو عدم إحضار الكتاب المدرسي أو التمارين القبلية . وهذه التدخلات والتصرفات ليست من المهمات المنوطة بالجمعيات . جمعيات الآباء وأولياء التلاميذ في الميثاق الوطني للتربية والتكوين : مقاربة جديدة للجمعيات التربوية دور أساسي ليس فقط في مساعدة الإدارة التربوية في تكريس آليات التدبير ألتشاركي بل في المساهمة اليومية إلى جانب (الإدارة التربوية وأساتذتها واطر التوجيه التربوي و التاطير البيداغوجي في معالجة عدة قضايا تهم دراسة أبنائها وبناتها …وتهم بصفة عامة الصورة التي يرسمونها ويرسمها المجتمع المدني باعتبار –المؤسسة التربوية- امتدادا للبيوت من حيث تربية الأبناء والبنات وتنشئتهم الاجتماعية ) الملتقى الوطني الأول لجمعيات آباء وأولياء التلاميذ ابريل 2000 إن النهوض بنظام التربية والتكوين وضمان حسن أدائه وجودته وتوسيع نطاق انتشاره يبقى رهينا بتحمل المسؤوليات الملقاة على الشريك الأساسي للمؤسسة وهي جمعية آباء وأولياء أمور التلاميذ. في هذا السياق تأتي تساؤلات المرحوم السيد عبد العزيز مزيان بالفقيه في اختتام أشغال الملتقى الوطني الأول لجمعيات الآباء وأولياء أمور التلاميذ عن المهام والأدوار التي تنتظر الآباء أو جمعياتهم, متسائلا ومستفهما بشكل إنكاري : -هل يتأتى للمدرسة أن تؤدي بفعالية وظيفتها التربوية والتكوينية بمعزل عن محيطها الاجتماعي والاقتصادي ؟ -هل يمكن تحقيق سير دراسي سليم وفعال قادر على تجاوز المشاكل والصعوبات التي من شانها أن تعترضه وكذا ضمان تعليم ناجح للتلاميذ في غياب إشراك آبائهم وأولياء أمورهم؟ -أية ضمانة حقيقية تتوافر لالتحاق هؤلاء التلاميذ بالمدرسة ولمتابعتهم الجادة لسيرورتهم الدراسية إذا لم يحضوا برعاية وتتبع ومراقبة آبائهم لتلك السيرورة ولشروطهم المؤسسية و البيداغوجية؟ -و أي مشروع تربوي يمكن للمدرسة المراهنة على تحقيقه إذا ما ظلت الجسور مقطوعة بينها وبين المجتمع ؟ هذه التساؤلات الإنكارية هي التي حاول الميثاق الوطني للتربية والتكوين أن يجيب عن بعضها في الوثيقة الإصلاحية في القسم الأول الخاص بالمبادئ الأساسية حين قدم مقاربة تشاركية تؤكد أن على الآباء (الوعي بان التربية ليست وقفا على المدرسة وحدها وبان الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي تؤثر إلى حد بعيد في تنشئة الأطفال وإعدادهم للتمدرس الناجح كما تؤثر في سيرورتهم الدراسية والمهنية بعد ذالك ) من الميثاق الوطني للتربية والتكوين – المادة 16 وحدد الميثاق الوطني للتربية والتكوين بوضوح التوجهات الكبرى التي يجب أن ينبني عليها الإصلاح والآليات التي يتعين اعتمادها لترجمة مضامين الميثاق , و من أبرزها نهج الحكامة الجيدة كأسلوب جديد في تدبير الشأن التربوي, و ضرورة حرص الوزارة على تجسيد هذه الحكامة كنمط في التدبير مركزيا وجهويا ومحليا ومؤسساتيا . كما أن نجاح الإصلاح التربوي بموجب هذا الميثاق الوطني والنصوص القانونية والمذكرات التطبيقية المصاحبة له هي مسؤولية مشتركة يتحملها الجميع بحكم التمثيلية القوية والصلاحيات الواسعة التي أصبح يتمتع بها كافة الفرقاء داخل الهياكل التمثيلية لمختلف مؤسسات التربية والتكوين وبالأخص الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين والتربويين الذين يتعين عليهم الانخراط الفعلي في تأهيل المنظومة التربوية من خلال التمويل والخبرة والمساهمة في تجويد الحياة المدرسية . إن الحكامة الجيدة التي يتوخاها الميثاق الوطني وربيبته في مسلسل الإصلاح ( الرؤية الإستراتيجية للإصلاح (2015/2030)) في ميدان التربية والتكوين تسعى إلى عقلنة وترشيد الموارد البشرية وتحسين مستوى التدبير ,ومستوى الإشراك ,ومستوى التشارك لتفادي الممارسات السلبية, تم القطع مع الطرق البيروقراطية في التسيير والتدبير الإداريين , وفي المقابل العمل على تذويب الحدود وكافة أشكال التقاطع والاختلاف السلبي بين مختلف مكونات المجتمع وخصوصا مع جمعيات المجتمع المدني. هذه المقاربة الجديدة التي خطها الميثاق الوطني قوامها: بناء عقد متين بين المدرسة والمجتمع حتى يفتح المجال للجميع كل حسب موقعه وسلطته الرمزية من اجل الانخراط الفعال في تشييد صرح مدرسة جديدة تضمن الجودة والإنصاف.وتقر المسؤولية المشتركة بين مختلف الفاعلين فيها والمعنيين المباشرين بها , وفي مقدمتهم آباء وأولياء أمور التلاميذ (الذين عليهم أن يسهرا على تتبع سيرورة تعلم أبنائهم كما عليهم أن يساهموا في تحديد اختياراتهم ومسالكهم الدراسية حتى يقوموا بدور أساسي في بلورة اتجاه مستقبل أبنائهم على المستوى التعليمي والوظيفي .) ومن الإجراءات التي خطها الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مجال الحكامة الجيدة , و طالب أن يتعبا لتنزيلها كافة الأطر والفعاليات لضمان نجاح الإصلاح التربوي وحسن تدبير المرفق التربوي قصد الإسهام في إنجاح مختلف الأوراش الإصلاحية الكبرى من قبيل : أ- إقرار اللامركزية و اللا تركيز الإداري في تدبير المنظومة التربوية اعتبارا لضرورة ملائمة التربية والتكوين للحاجات والظروف الجهوية والمحلية . ب – تكريس قيم الشفافية في التدبير وتحقيق شفافية الميزانيات المرصودة وملائمة الأسبقيات على مستوى نظام التربية ككل . ج- الرفع من جودة الخدمات والارتقاء بمستوى التاطير الإداري والتربوي وتحسين وسائل التواصل. ومن آليات وأشكال التدبير الإداري التربوي الناجعة في النظام التعليمي : الإشراك في كل القرارات والمسؤوليات ك : إشراك جميع الفاعلين التربويين والاجتماعيين في اتخاذ القرارات التي تهم الارتقاء بالمنظومة التربوية حيث يجب على هؤلاء الفاعلين الالتزام بمعايير التجهيز و التاطير والبرامج والمناهج في التعليم باعتبار التربية والتكوين مرفقا عموميا لذا دعا المجلس الأعلى للتربية والتكوين إلى إرساء مقومات الشراكة بين الأطراف الفاعلة في إطار تعاقدي. إشراك جمعيات آباء وأولياء أمور التلاميذ في الهياكل الإدارية التي تعنى بالشأن التربوي بل أن الميثاق الوطني للتربية والتكوين أضاف لمسؤولية الجمعية تجاه المدرسة (واجب العناية والمشاركة في التدبير والتقويم وفق ما تنص عليه مقتضيات الميثاق) المادة 16 من الميثاق. التشارك من قبيل : إشراك جميع الفاعلين في مسلسل الإصلاح التربوي وفق منظور تشاركي يقر بوحدة الأهداف والتصورات . إن إرساء مقومات هذه الشراكة بين الأطراف المعنية دفعت واضعو ومنظرو الرؤية الإستراتيجية إلى الدعوة لتعزيز آليات التعاقد بين الدولة ومؤسسات التربية والتكوين وباقي الأطراف من خلال سلك تدابير عملية , من بينها : ماسسة قواعد الشراكة بين الفاعل التربوي والاقتصادي والاجتماعي من جهة ومؤسسات التربية والتكوين من جهة أخرى لضمان التفاعل الايجابي بينها. وضع برامج تعاقدية بين الدولة ومؤسساتها على المستويات الترابية تحدد بوضوح التزامات كل طرف وضع آليات للتواصل والتحسيس مع مختلف الفاعلين لإدماجهم في المقاربة التشاركية. تشجيع الشراكة بين الدولة والمؤسسات وجمعيات المجتمع المدني ذات الصلة بميادين التربية والتكوين. المادة 92-الرافعة15من وثيقة الرؤية الإستراتيجية هذه التدابير الإجرائية أوصي بها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي قصد جعل الأسرة أو من يمثلها فاعلا جوهريا في كل تغيير لأجل إنجاح التعبئة حول إصلاح المنظومة التربوية والمدرسة المغربية , و دعا هذا المجلس الأعلى إلى إرساء تعاقد متين بين المؤسستين لإعطاء نفس جديد لادوار الأسر وانخراطهم في الإصلاح المأمول, بل طالب بإشراكها في تدبير المؤسسة عبر تمتين دورها , وهي مدعوة الآن (لتجديد منهجيات عملها وتقوية تعاونها مع المؤسسات ومشاركتها الفعلية في التدبير والتتبع و.. توفير فضاءات للتنسيق والحوار المنتظم معها داخل المؤسسات التعليمية) و خول الميثاق الوطني للتربية والتكوين حقوقا لجمعيات آباء وأولياء أمور التلاميذ حتى تكون شريكا للأطر التربوية و الإدارية والتلاميذ في الحياة الإدارية التي تعنى بالشأن التربوي ومن تلك الحقوق التي اقرها للجمعيات : التمتع بالعضوية الكاملة في مجالس الأكاديميات مما سيمكنها من تخطيط وتدبير ومراقبة الشأن التربوي . المشاركة المباشرة في التسيير الإداري والتربوي للمؤسسات التعليمية بموجب تمثيلها في مجالس تدبير المؤسسات مما يخول لها حق المساعدة وإبداء الرأي في برمجة الأنشطة او مواقيت الدراسة او استعمالات الزمن وكذا الإسهام في التقويم الدوري للأداء التربوي والوضعية المادية للمؤسسة وتجهيزها. الإسهام في اقتراح حيز هام من مكونات البرامج والمناهج التي تخص الواقع الجهوي والمحلي . لكن في نفس الآن فرض على الجمعيات واجبات تجاه المدرسة من اهمها : الانخراط في الجهود المخصصة لاستقطاب جميع المتمدرسين وضمان تدرجهم بشكل مباشر ومتواصل. تعبئة الآباء والأسر لتشجيع تمدرس الفتيات في البوادي, وتعزيز الدعم الاجتماعي للتلاميذ المعوزين. التجند الهادف إلى تجديد المدرسة والمشاركة في كل اوراش الإصلاح الخاصة بمنظومة التربية والتكوين . وليتسنى لهذه الجمعيات ممارسة حقوقها وواجباتها- معا – على الوجه الأمثل دعا الميثاق الوطني للتربية والتكوين إلى نهج الشفافية والديمقراطية والجدية في تنظيم الجمعيات من خلال : انتخاب أجهزتها المسؤولة وفي ممارستها لمهامها وتسييرها الداخلي العمل على توسيع قاعدتها التمثيلية حتى تكون محاورا وشريكا ذا مصداقية. إن (على جمعيات الآباء والأولياء بصفة خاصة واجب نهج الشفافية والديمقراطية والجدية في التنظيم والانتخابات والتسيير وواجب توسيع قاعدتها التمثيلية لتكون بحق محاورا وشريكا ذا مصداقية ومردود ية في تدبير المؤسسات التربوية وتقويمها والعناية بها)- المادة 16 ولتستطيع هذه الجمعيات أن تقوم بكل هذه الأدوار كاملة وتضمن انخراطها في تدبير الشأن المدرسي يقترح الميثاق الوطني القيام بمهام مستعجلة منها: -1- إعادة هيكلتها ووضع إطار قانوني جديد ينظمها ويحدد اختصاصاتها وفق المهام التي خولها لها الميثاق الوطني مع العمل على توسيع تمثيليتها وتقوية قدراتها في تدبير الشأن التربوي 2- استرجاع ثقة الآباء والأولياء في المدرسة وتحسيسهم بضرورة المراهنة عليها بالنسبة لمستقبل أبنائهم . 3- فتح حوار دائم بين الآباء والمدرسة وإرساء دعائم تواصل حقيقي بين الطرفين . استنتاج: إن المجهود التنظيمي والتشريعي في مجال التسيير والتدبير وفي إرساء مقومات الشراكة بين الأطراف المعنية بالإصلاح التربوي لم يواكبه مجهود مواز على مستوى إرساء وتفعيل آليات هذا التجديد في تطوير الممارسة التدبير ية إداريا وتربويا. لذا فإن مساءلة النظام التربوي هي مسؤولية من قبل الدولة والهيئات المنتخبة والأحزاب السياسية وكافة مكونات المجتمع المدني وخصوصا جمعيات آباء وأولياء أمور التلاميذ بعدما تم إشراك التلاميذ وآباءهم وأولياء أمورهم في تدبير وتسيير المؤسسات التعليمية وبعد اختيار مبدأ الشراكة كوسيلة من وسائل تحمل المسؤولية من جهة وكإشراك فعلي لكافة شركاء المؤسسة وتم هذا بحكم اختيار اللا تركيز كأسلوب جديد للتسيير مما حول المؤسسات التعليمية إلى بنيات قارة مؤهلة للتنظيم الذاتي في إطار دمج الأهداف المحلية بالأهداف العامة للسياسة التعليمية . فهل ستخرج الجمعيات من إطار جماعة الخير و الإحسان إلى صفة الشريك الذي يعمل لأجل خلق شراكات مع كل الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين ومع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والهيئات المنتخبة محليا وإقليميا و جهويا من اجل شراكة فاعلة ومستديمة للنهوض بالشأن التربوي وترقيته إلى ما يؤهل الجيل الصاعد لتحدي رهانات الألفية الثالثة . ذ: محمد بادرة مدير ثانوية بالدشيرة الجهادية