أكد مسؤولون بوزارة الصحة أن 48.9 في المائة من الفئة العمرية 15 سنة فما فوق عانوا من اضطرابات نفسية، بينما تعاني نسبة 26 في المائة منهم من الاكتئاب، وهو ما يعني أن حوالي خمسة ملايين ونصف مليون مغربي يعانون من الاضطرابات النفسية. وأكد المسؤولون أنفسهم، في لقاء دراسي نظمه فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أن 3 في المائة من الفئة المذكورة يعانون من أمراض نفسية سببها تعاطيهم للمخدرات، وأن 2 في المائة من المصابين يعانون بسبب الإدمان على استهلاك الكحول. اللقاء الدراسي الذي نظم بمجلس النواب حضره أولياء المرضى وبرلمانيون وأطره أطباء من ذوي الاختصاص ومسؤولون بوزارة الصحة، وخصص للبحث عن حلول تشريعية وقانونية لحماية حقوق المرضى الذين يعانون من اضطرابات عقلية تزامنا مع قرب المصادقة على مشروع القانون المتعلق بمكافحة الأمراض العقلية وحماية حقوق الأشخاص المصابين بها، الذي يثير الكثير من اللغط، خاصة بين الأطباء المهنيين في هذا التخصص وأولياء أمور المرضى بسبب ما يصفونه ب"تعقيد المساطر" وصعوبة الولوج للعلاج. وأكد المسؤولون ذاتهم خلال اللقاء أن الصحة النفسية في المغرب تعرف "تدهورا كبيرا"، بل إنها في أحيان كثيرة جدا تكون السبب الرئيس في ارتفاع وتكرار جرائم القتل والاعتداء التي تكون ضد الأصول أحيانا، وأن هناك عدة معيقات قانونية واجتماعية وبنيوية وصحية هي سبب رئيسي في تراجع الصحة النفسية والعقلية في المغرب ويجعل منها "معضلة حقيقية"، منها نقص الأطباء والإمكانيات والتي برزت بقوة بعد قرار إغلاق "بويا عمر". وقال عبد الرحمان المعروفي، المسؤول بمديرية الأوبئة ومحاربة الأمراض بالرباط، إن معدل الأطباء في المغرب يصل إلى 0.85 طبيبا نفسيا لكل مائة ألف نسمة، فيما يبلغ عدد الممرضين النفسيين 1069، بمعدل 3.2 ممرضين لكل مائة ألف نسمة. وكشف المصدر ذاته أن ميزانية الأدوية النفسية وصلت إلى 90 مليون درهم سنة 2016، أي 6 بالمائة من إجمالي ميزانية الأدوية المخصصة لوزارة الصحة. ويثير القانون الجديد لغطا كبيرا واستياء وسط الأطباء المختصين، خاصة في ما يتعلق بالعقوبات التي يرون أنه "مبالغ فيها كثيرا" وهي "لا تتماشى مع الواقع المغربي" وكذا الشق المتعلق بالسماح للضابطة القضائية بالاطلاع على ملفات المرضى وهو سلوك يتنافى مع السر المهني للطبيب، يقول أحد الأطباء المتخصصين، وأن كل هذه التعقيدات قد تكون سببا في تراجع عدد الأطباء المتخصصين في الأمراض النفسية، خاصة أن الأمر قد يصل حد جر بعض الأطباء إلى القضاء وقد ينتهي بهم الأمر إلى السجن وهو "أمر خطير"، يقول المصدر ذاته. وطالب المجتمعون الحكومة بتنزيل استراتيجية واضحة لإيجاد حلول ناجعة لتتبع الاضطرابات العقلية والنفسية للمغاربة وتعديل مقتضيات مشروع القانون رقم 13-71.