أصدرت وزارة التربية الوطنية يوم 19يوليوز 2012 على موقعها الإلكتروني النتائج الرسمية النهائية لمباراة الدخول إلى مركز تكوين مفتشي التعليم . ولأول مرة في تاريخ مباريات الوزارة تم الكشف عن بيان النقط التي تخص كل مرشح ناجح . وإذا كانت هذه الخطوة تعتبر إشارة قوية ينبغي أن تصبح تقليدا في كل الامتحانات والمباريات ضمانا لشفافيتها ومصداقيتها ، فإن قراءة أولية في نتائج مباراة مفتشي التعليم الخاصة بالتعليم الثانوي التأهيلي تفضح الجهل القانوني الذي ابتليت به وزارة التربية الوطنية المغربية … إن قراءة نتائج مباراة مفتشي التعليم تعتبر بحق آفة الوزير محمد الوفا : فهي تبين من جهة أولى مستوى التلاعب بالقانون وعدم احترامه ، بل وخرق الوزير أو لمن ينوب عنه حتى للمذكرات التنظيمية التي وقعها الوزير نفسه ، حيث أن المذكرة المنظمة لاجتياز مباراة التفتيش تنص على أن اجتياز الامتحان الشفوي يجوز للمرشح الذي حصل على الأقل على معدل في الكتابي لا يقل عن 10/20. لكن يتضح من خلال نتائج الناجحين أن عدد الذين لم يحصلوا على معدل 10 فاق 45حالة ، بل منهم من اجتاز الامتحان ، وهم أكثرية ، وهو لم يتجاوز معدل20/07 .وهذا الواقع يدل على أن الوزارة تجاوزت القانون الذي وضعته هي نفسها وضربت بعرض الحائط المذكرة التنظيمية التي تستند إلى المرسوم المنظم والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5700 لسنة 2009 . وهذا ما يستلزم عاجلا من الوزارة التدخل لإصلاح الوضع وإلغاء نتيجة الذين نجحوا دون استحقاق وضدا على القانون ، لان نجاح الذين تقل معدلاتهم عن 10 في الكتابي يعتبر باطلا طبقا للمذكرة التنظيمية رقم 12-183والصادرة بتاريخ 21مايو2012 والتي تقول حرفيا ” لا يتأهل لاجتياز الاختبار الشفوي إلا المترشحون الذين حصلوا على معدل عام يساوي على الأقل 10/20″ وهذا القول الصريح يعتبر بمثابة نص لا يحتمل التأويل لأنه يعتبر في فقه القانون من المنطوق الذي لا يحتمل إلا دلالة واحدة وهي ما دل عليه اللفظ في محل النطق ” فلا اجتهاد مع وجود النص”. فإذا قبلت الوزارة المرشحين الذين لهم كنقطة أفل من 10 لاجتياز الامتحان الشفوي ، فهي ملزمة بالضرورة بقبول كل الذين حصلوا على نقط ضعيفة بشرط أن لا تكون فقط موجبة للرسوب ، أي ما فوق 05. وهذا ما يسمح للمئات من المرشحين باجتياز الشفوي . بل إن الوزارة ملزمة أيضا بالتصريح بمعدلات الذين رسبوا في الامتحان الشفوي وإنصاف الذين أحرزوا منهم على معدلات تفوق 10 في الكتابي . وهذا هو عين المصداقية والشفافية . وحتى لا يبقى حكمنا عاريا من الدليل نقدم للقارئ ملخصا للحالات التي لم تحصل على معدل 10 والتي يصل معدل أكثرها في الكتابي إلى 07و08و09 و مثال التعليم الثانوي التأهيلي يشهد على ذلك كما يظهر من خلال هذا الجدول : المادة عدد الحاصلين على معدل أقل من 10 الفيزياء 12 الرياضيات 02 العلوم الطبيعية 12 الفلسفة 01 الفرنسية 07 العربية 06 التربية الإسلامية 05 وإذا كان هذا الخرق القانوني غير المسبوق واضحا بما فيه الكفاية ، فإن النظر إليه بعمق يكشف عن جوانب خطيرة مغمورة فيه ، لدرجة تستدعي تدخل القائمين على الشأن العام ضمانا لتكافؤ الفرص وصونا لمصداقية دولة القانون التي تحملها الحكومة الجديدة كشعار لها . وتظهر خطورة هذه الحالة المرضية لوزارة التربية الوطنية الحالية في الوجوه التالية : v جهل القائمين على تنظيم المباراة بالمذكرة المنظمة لها ، إذ لا يعقل أن تسمح اللجان المشرفة على المباراة بهذا الخرق القانوني الخطير. v غياب التنسيق بين مصالح الوزارة ، إذ أن هذه الأخيرة تتوفر على مديرة للشؤون القانونية ، لكنها لم تأخذ رأيها في قرارها المتسرع واللاقانوني. v إن نتائج الحالات المشار إليها في الجدول تبين بجلاء ضعف مؤهلات هؤلاء المرشحين المعرفية والبيداغوجية والديداكتيكية . v إن السماح للذين لم يحصلوا على المعدل المطلوب في الكتابي ليعتبر كارثة تربوية في تاريخ المنظومة التعليمية المغربية ، حيث أن المفتش يقوم بمهام التأطير والتأليف والإرشاد والتكوين … فكيف يمكن للسقيم معرفيا أن يقوم بهذه المهام ؟ أليست هذه هي الرداءة عينها؟ v لاشك أن السماح للذين يقل معدلهم عن العشرة باجتياز الشفوي وقبولهم لولوج مركز تكوين مفتشي التعليم لهو مؤشر على انحطاط التعليم المغربي . فهو علامة على انتشار عدوى الانتقال الآلي للتلاميذ الذي بدأت في التعليم الابتدائي ثم وصلت إلى التعليم الإعدادي . فإذا كان بعض التلاميذ المتعثرين ينتقلون بأقل من المعدل – مدرسة النجاح – فهاهي أرقى هيئة في الجسم التعليمي تنجح هي الأخرى بأقل من المعدل . ألا يمكن اعتبار هذه الواقعة آفة في عهد وزير التربية محمد الوفا ؟ طبعا لابد للوزارة من اتخاذ قرارات حقيقة في الموضوع ومحاسبة المسؤولين عن هذه الفضيحة التعليمية وليس فقط إصدار بلاغ . ومادام الوضع لم يصحح فإن هذه الآفة ستبقى قائمة ما لم يقم الدليل على خلافها وستبقى هذه الفضيحة وصمة عار في ذاكرة الوزارة .