أسدل الستار أمس الأحد 4 أكتوبر 2015 على حفل أختر له من الأسماء إسم "التسامح"؛ لما يحمله هذا الإسم من معنى ودلالة عميقة ومتجدرة ضمن القيم الإنسانية الراقية النبيلة؛ وأطفئ شمعته العاشرة هذه السنة وهي الشمعة التي ما فتئت تحرق الفنان المحلي الأمازيغي ككل سنة. ف كعادتها لم تكن هذه الدورة سوى نسخة طبق الأصل للدورات السابقة؛ والتي طالما أثبتت صحة المقولة الشهيرة"مطرب الحي لا يطرب"؛ دورة اتسمت بسياسة التهميش و الإقصاء الممارس في حق الثرات الفني المحلي الأمازيغي بصفة عامة؛ وفي غياب شبه تام للفنان المحلي ضمن فقرات هذه الدورة اللهم فرقة " رباب فيزيون " اليتيمة والتي كانت العزاء الوحيد للجمهور السوسي في هذا الحفل؛دورة هذه السنة عنوانها الأكبر هو الإقصاء التام والكلي للفنانين الامازيغ من المشاركة في حفل هم الأولى به سيما أنه يقام في عقر دارهم. وبالرغم من أن المنظمين يعتبرون أن نشاطهم يندرج في إطار تشجيع ثقافة التسامح ونبذ العنصريةإلا أنه شعار يظل أجوف بدون معنى حقيقي على أرض الواقع؛ حيث إستمرت اللجنة المنظمة في تحقير وتهميش الفن الأمازيغي والاستهزاء والاستهتار بمشاعر الفنانين المحليين؛ وجعل الثقافة واللغة الأمازيغية مجرد لغة وثقافة هامشية لا تمت للتسامح بصلة ؛ في حين عملت على تأثيت شاطئ أكادير بفنانين أجانب من مختلف الجنسيات كانت حصة الأسد فيهم للفن الفرنسي؛ كأن الفن الغربي القادم من الفردوس الأوربي هو فقط من يؤمن بقيم التسامح والانفتاح وزرع المحبة والتآخي .والفن الأمازيغي عكس ذلك. وما يحز في النفس أكثر هو كون هذا الحفل الذي يدعي التسامح ينظم تحت الرئاسة والإشراف والدعم الفعلي لأحد أبرز رجالات سوس السياسية الشهيرة بأصولها الأمازيغية أبا عن جد؛ ومع ذلك لم يشفع هذا الإشراف للفنان الأمازيغي في شيء؛ كأنما هذا الرجل المحترم لا يعترف بالثقافة واللغة الأمازيغية ومتنسيا أن أمير المؤمنين الملك محمد السادس إعترف بها ضمن الدستور المغربي الجديد وقررها كلغة رسمية معترف بها ضمن الدستور وضمن المناهج التعليمية؛ أم أنه يتنكر لهويته الثقافية وعرق أجداده والذين أتبثوا على مر التاريخ أن الأمازيغ يؤمنون بالعلاقات الاجتماعية وثقافة التسامح وقبول الآخر والتعدد الفكري والديني؛ والذي جعل منهم وعاء إنصهار الثقافات وإختفاء العرقية والعنصرية ومحاربة الأديان؛ حيث تعايشوا مع اليهودية والمسيحية وتاْثروا بالبونيقية والهلينية واللاتينية. فلنذكر هذا الرجل أن التاريخ الأمازيغي يروي عن كتابة الملك"ماسينيسا"بالبونيقية؛ والروائي الأمازيغي"افولاي" باللاتينية"ويوبا "باليونانية و"ابن خلدون"بالعربية؛ وجاب ابن بطوطة العالم لدراسة ثقافات الشعوب بالإطلاع على تجاربها كرمز للإنفتاح والتسامح مع ثقافة الآخر،ولم تشكل عملية التاْثير والتاْثر عقدة للمجتمع الامازيغي . لدى فهل سيستفيد هذا الرجل المحترم من التاريخ المشرق لأجداده في التسامح والانفتاح ويتسامح مع الفن والفنانين الأمازيغ بإشراكهم في الدورات القادمة أم أن نفس السيناريو سوف يتكرر مرة أخرى.