أيهما التابث بل الأدهى أيهما المتغير، ذلك النص الذي شرع و نظم تأسيس أو تدبير هيئة قانونية، أم تلك الأوامر التي تعارف عليها العادي و البادي و اكتوى بنارها من لحقتهم لعنة التعليمات… يحدث هذا في زمن لنا فيه دستور توابثه العروبة و الإسلام و التنوع و التعدد اللغوي و الثقافي لمكونات أمة مغربية زاد قوتها هذه التوابث التي ضمنه الدستور و شرع للمواطن المغربي تأسيس هيئات و منظمات و جمعيات… تؤطره بناءا على ركائز قانونية مضبوطة و صريحة و ليس تعليمات فوقية، إنها مجازا عمودية تلقي بضلالها على قواعد أفقية… غرائب اذن في دولة الحق و القانون !!! لسان الحال يقول أنه يفترض في تأسيس الجمعيات بالمغرب أن يخضع لقانون منظم واضح و سار على جميع المغاربة !!! في حين أن البعض، و المحسوبين عند بعض الدوائر ضمن التوجه الإسلامي، يجابهون بقانون آخر غير مكتوب تمليه خبايا “الكولسة” في دهاليز السلطة التي يفترض فيها تطبيق القانون بحذافيره و صيانة الحق بتفاصيله !!!! و إليكم من أكادير نموذج صارخ لهذه المفارقة العجيبة ؛ إذ قام مجموعة من شباب بنسركاو بتشكيل لجنة تحضيرية لتأسيس جمعية “الوفاق للأنشطة التربوية و الثقافية و الاجتماعية” ، فعمدوا إلى الإجراء القانوني الطبيعي و هو إخبار السلطة المحلية بمكان و تاريخ انعقاد الجمع العام التأسيسي ؛ لكن سعادة القائد رفض تسلم الإخبار بعد عدة محاولات بدعوى ” الأوامر ” الصادرة من ” الفوق ” !!! تم إرسال الإخبار عبر المفوض القضائي و مع ذلك لم يتم التسلم ؛ فحرر المفوض محضرا برفض التسلم انعقد بمقتضاه الجمع العام التأسيس و اتبعت الخطوات القانونية للتأسيس . بعد إعداد ملف الجمعية حاول المكتب المنتخب تسليم الملف للسلطة المحلية كإجراء قانوني طبيعي يتم بموجبه تسلم وصل مؤقت من السلطة المحلية، و بعد أخذ و رد تسلم سعادة القائد الملف و أرجأ تسليم الوصل حتى يقوم بالمشاورات اللازمة !!! و التي أسفرت عن ” أوامر عليا ” مفادها أن ” جمعية الوفاق عمرها ما تكون ” ؟؟؟؟ و لم يشفع تدخل نائب برلماني للاستيضاح و التوضيح !!! حصار تام ، “ممنوع عليكم أن تحلموا بخدمة المجتمع” ، و ممنوع عليكم أن تمارسوا حقكم الدستوري في تأسيس الجمعيات ، و ممنوع عليكم أن تتمتعوا بحقوق المواطنة الكاملة … لأننا قررنا ذلك فقط !!! رغم أنف القانون !!! و باسم دولة الحق و القانون ؟؟؟؟ وابل من المنع حتى أن الأمر يبدو من هذا الإحتراز و الهاجس “الأمني” أنه يخندق شباب هذا الإطار الجمعوي المشروع في خانة المغضوب عليهم، أو من صنف من وقفت عندهم الآية : “ويل للمصلين”