لا يمكن الحديث في المملكة المغربية، عن مسائل الأديان وتطوير التعليم العتيق، وغلق منابع الإرهاب، بدون حضور اسم الدكتوره مريم آيت أحمد، التي سطع نجمها في سماء التفكير الذي يرمي للقضاء على التطرف الديني بمختلف أشكاله وأنواعه، وذلك جراء سنوات من الكفاح الذي خاضته بالعديد من الأساليب العلمية والإعلامية، وعلى رأسه (الكفاح)، التدريس في مدرجات الجامعة، والمشاركة في التظاهرات الوطنية والدولية. وشرعت ابنة مدينة تطوان، مسيرة كفاحها العلمي المناهض للتصعب والتطرف، أيام دراستها الجامعية أواخر ثمانينات القرن الماضي، بشعبة الدراسات الإسلامية، بجامعة عبد المالك السعدي، وذلك حيث كانت تقوم بمساعي في شتى الأصعدة لزرع بذور التنوير والسلمية، رغم الحملات الشرسة والمشؤومة التي كان يخوضها المتطرفون ضد الدّين الإسلامي، من خلال الغو والتشدّد فيه، أو التنكّر له ومعاداته. وعرفت الدكتوره مريم آيت أحمد، بكفاحها الرزين والعلمي، ضد دعاة التطرف والإرهاب، بعيداً عن الغوغائية ومجالس المجادلات الفارغة، وذلك حيث تدرجت في المسالك العلمية والفكرية، حتى حصلت على مجموعة من الشواهد الجامعية والعلمية، وعلى رأسها، دبلوم الدراسات المعمقة في العقائد والأديان، سنة 1992، ودبلوم الدراسات العليا الماجستير في العقائد والأديان، سنة 1995، بالإضافة إلى دكتوراه الدولة، في موضوع "الصراعات المذهبية في الأديان.. قراءة في مستقبل ثنائية الديني والسياسي"، والذي حصلت عليها بميزة حسن جدا، سنة 2002. ومثل أي امرأة ناجحة، لم تسلم الدكتوره مريم آيت أحمد، من السّطوة الذكورية لرجال الدّين الذين كانوا يهيمنون على المجال الديني بشكل تام، وتعرضت في سبيل ذلك لجملة من المعاكسات والهجومات، إلا أنها بعزيمتها في المضي على درب محاربة التشدد والتعصب، وقدرتها العلمية والفكرية في المحاججة والمناظرة، استطاعت أن تبصم بصمة متميزة، وتسطّر مجموعة من المساهمات القيّمة، عبر مختلف الهيئات، الوطنية والدولية. وبفضل مجهوداتها في مجال محاربة كافة أنواع التعصب والتشدّد الاديولوجي، وتطوير مناهج التعليم الديني، حصلت الدكتوره مريم آيت أحمد، على الجائزة العالمية لحوار الأديان، التي احتضنتها دولة قطر سنة 2013، كما عينت نائبا لعميد الكلية الأوروبية للدراسات الاسلامية، وعينت كذلك مستشارة لمركز تبادل الحضارات بميريلاند الأمريكية، ولمركز عجمان الإماراتي، ومركز البحوث والعلوم بإسطانبول، ومنتدى الكرامة للمرأة المسلمة بواشطن، ومؤسسة رومي للأبحاث بواشطن، كذلك. وعملت الدكتورة مريم آيت أحمد، على الحصول على تأسيس مركز إنماء للأبحاث والدراسات المستقبلية، والمشاركة في تأسيس مؤسسات أخرى، لتكون فضاءات خصبة للطلبة والباحثين، حتى يتبادلوا الخبرات فيما بينهم، ويتسنى لهم كذلك الخوض في مختلف النقاشات، بالإضافة إلى توفير فرص لهم، للقاء أساتذة ومفكرين ورجال دين، من مختلف المشارب الدينية والإديلوجية والجغرافية، من خلال تنظيم تظاهرات فكرية وورشات علمية، ودورات تكوينية. ولم تكتفِ الدكتورة مريم آيت أحمد، بالكفاح ضدّ دعاة التعصب الديني في المغرب وحسب، وقادت مجموعةً من المبادرات الدولية، للتحذير من الأفكار التي تؤدي لجرائم الإرهاب والتوحش، وترأست بذلك جمعية الأخوة المغربية الإندونيسية، ونظمت في إطارها مجموعة من الأنشطة ذات الصّلة بتثبيت قيم التسامح الديني، ومحاربة كل ما من شأنه أن ينبت العداء والحرب. ولا تزال الدكتورة مريم آيت أحمد، وعلى امتداد أزيد من خمسة وعشرون، تواصل كفاحها الذي تخوضه إلى جانب زملائها وطلابها للقضاء على التشوهات التي لحقت بالدّين الإسلامي، مما جعلها تحظى بشعبية كبيرة ومتزايدة، وذلك إذ شاهد مشاركتها في برنامج "نقطة ضوء" الذي بث شهر رمضان المنصرم، على القناة المغربية الثانية، حوالي ستة ملايين شخص.