ثارت ثائرة الخلايا النائمة لحزب العدالة والتنمية عندما أقدم فرنسوا سودان، مدير تحرير أسبوعية جون أفريك، على تشبيه حزب العدالة والتنمية بحزب الجبهة الوطنية الفرنسية اليميني المتطرف، واعتبرته صوت من الماضي. في الواقع من الصعب قبول مثل هذا التشبيه الذي يحيل عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب، على جان ماري لوبان، مؤسس الجبهة الذي تخلى ديمقراطيا عن الزعامة لكريمته. لكن لنفترض أن كاتب المقال غير فرنسوا سودان أو أنه لم يتم توقيعه، هل يحمل عناصر الموضوعية أم لا؟ لقد اعتمد كاتب المقال على منهج المقارنة، ولم يوفق كثيرا لأنه يعرف القليل عن العدالة والتنمية، ونحن نعرف عناصر التطرف داخله أكثر مما يعرفها، لكن كان له الفضل في هذه المقارنة. ونشير بداية إلى أن وصف حزب العدالة والتنمية بالتطرف لا يعني بتاتا أية دعوة لشيطنته أو رفضه أو التشطيب عليه، ولكن يعني التعامل معه وفق هذا المعيار باعتباره حزبا يعتمد الديمقراطية لتحقيق أهداف غير ديمقراطية. فالجبهة اليمينية المتطرفة حزب عنصري يرفض إقامة غير الفرنسيين فوق فرنسا، ويميز الناس بسحناتهم، وهو حزب يتنافس ديمقراطيا ويمكن أن يفوز في أي لحظة من اللحظات برئاسة فرنسا وستكون الكارثة. وحزب العدالة والتنمية حزب متطرف يتنافس مع الأحزاب الأخرى، والتطرف داخل العدالة والتنمية له جذور في المنشأ، فعندما قال سودان إن الحزب لم يقطع نواته الصلبة المتمثلة في التطرف الراديكالي فهو لم يقل شيئا جديدا، وقد اشتغلنا على هذا الموضوع بالحجة والدليل، فالحزب لم يقطع مع جذوره السلفية السرورية، نسبة إلى زين العابدين سرور الذي يقر في مذكراته حول العمل الإسلامي أن قادة العدالة والتنمية بدون استثناء هم تلاميذته، وكان واضحا التوجه السلفي لمجموعة بنكيران لكنها سلفية مودرن. فنشأة حزب العدالة والتنمية نشأة غامضة، فهو وليد غير شرعي لحركة التوحيد والإصلاح، التي هي بدورها صناعة غير مفهومة المنطلقات والتي اجتمعت حول نواة حركة الإصلاح والتجديد التي كانت تسمى الجماعة الإسلامية، التي جمعت بين التنظيم الإخواني والتوجه العقدي السلفي، لهذا احتفلت الحركة برموز الشرق ولم تعط أي اعتبار لعلماء المغرب، وتعب الريسوني فقيه الحركة في تأصيلات باهتة لم تصل عشر ما وصله علال الفاسي، لكن المجموعة فضلت أبو الأعلى المودودي وسيد قطب والقرضاوي والغنوشي والترابي. إن مرد المقارنة يعود إلى ممارسات ناتجة عن معتقدات، فالحزب الإسلامي يرفض التوجه المدني للدولة ويعاكس بثراتيات في حاجة ماسة اليوم لقراءتها، وهو حزب يصل به الأمر حد تحريض مواطنين ضد محل تجاري، وهو حزب يريد زعيمه أن يحكم "بزز" مثلما قال لوبان ذات يوم فاتحدت ضده فرنسا. لكن الفرق بين الإثنين، هو أن لوبان العنصري قبل قواعد اللعبة وعندما تحالفت ضده الأحزاب رضي بذلك، وبنكيران المتطرف عندما يرى تحالفا لم يعلن أنه ضد العدالة والتنمية يقول عنها مؤامرة.