كلما اقتربت الأزمة الفرنسية المغربية على الانتهاء، تصب باريس الزيت على النار حتى تبقى مشتعلة، فكلما انطفأت يوجد في الحكم الفرنسي من يريد لها أن تبقى مشتعلة كنار المجوس، وهذا لا يقع في الدول التي تحترم نفسها، حيث من السهل توتير العلاقات وتسميمها لكن من الصعب عودتها إلى مجاريها الطبيعية. ففرنسا الدولة العريقة لم تحترم وجود شخصية كبيرة من المغرب قصد العلاج فوق أراضيها. فالرجل الذي يوجد بمستشفى فال دو غراس هو الجنيرال دوكور دارمي عبد العزيز بناني القائد العسكري المغربي. ومهما يكن فإن الرجل مريض، وليس من الأخلاق التعامل مع رجل في هذه الوضعية بتلك الطريقة الهجينة. وما كان لمصطفى أديب الموضوع رهن إشارة جمعيات الابتزاز الحقوقي ورهن إشارة المخابرات الجزائرية أن يقوم بتلك الفعلة لولا أن هناك طرف فرنسي متواطئ مع هذا الشخص ويريد توظيفه لاستمرار التوتر. وفي هذا السياق استقبل محمد ياسين المنصوري، المدير العام للدراسات والمستندات، بالرباط، سفير فرنسا بالمملكة شارل فري لإبلاغه استياء المملكة الشديد على إثر الاعتداء المعنوي الجبان الذي كان ضحيته الجنرال دوكور دارمي عبد العزيز بناني الأربعاء في غرفته بالمستشفى الباريسي فال دو غراس من قبل مصطفى أديب. إن هذا التصرف غير المقبول الذي ينضاف للعديد من الحوادث التي عرفتها خلال الشهور الأخيرة العلاقات المغربية الفرنسية من شأنه أن يهدد بمزيد من التعقيد في مسلسل تطبيع العلاقات الثنائية. من جهة أخرى وفي اليوم نفسه باشر المغرب في شخص سفيره بباريس شكيب بنموسى إجراءات للتنديد بهذا التصرف لدى وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية، بالنظر لكونه تصرفا بالغ الخطورة من حيث طابعه المستفز والمهين تجاه شخصية مغربية سامية تخضع للعلاج بمستشفى عسكري فرنسي. وقد تقدم بنموسى بتساؤلات حول التساهل الذي يستفيد منه بعض الأشخاص المعروفين بسوابقهم، والذي لا يمكنه إلا أن ينعكس سلبا على العلاقات المغربية الفرنسية. وفي رد فعلها عبرت السلطات الفرنسية عن تأثرها البالغ إزاء ما حدث، معلنة أنها ستفتح تحقيقا على الفور تحت إشراف وزارة الدفاع. وتحرص المملكة المغربية على التذكير بتشبثها بجودة العلاقات التاريخية والعميقة مع الجمهورية الفرنسية، والتي تأخذ بعين الاعتبار قيم الاحترام المتبادل والكرامة، والتي لا يمكن في أي حال من الاحوال أن تقبل مثل هذه التصرفات التي تتنافى مع روح الصداقة والتقدير التي تطبع العلاقات الثنائية. فرنسا أصبحت هاته الأيام تعتذر عن الفعل وتأتي أشنع منه. فلقد سبق أن اعتذرت عن تورط جهازها القضائي مع لوبيات معادية للمغرب، وقامت خارج الأطر القانونية باستدعاء مسؤول أمني كبير عن طريق إرسال أعوان شرطة إلى منزل سفير المغرب، في حين كان عليها أن تحترم الاتفاقيات القضائية المبرمة بين البلدين.