لا يمكن للملاحظ إلا أن يشفق على حال وحالة زعيم الانفصاليين عبد العزيز المراكشي الذي صدّق الأوهام التي باعه إليه النظام الجزائري وهي تنصّبه رئيسا للجمهورية الصحراوية من دون أن يعلم المسكين أنه رئيس للجمهورية الجزائرية للبوليساريو. هذه الأوهام التي نفخت رئيسا بدون بلد وبدون أرض ولا شعب، والتي زيّنتها الأجهزة الجزائرية لصنيعها، جعلته يتهافت وهو يلهث وراء زعيم أيّ دولة كبرى للاقتراب منه والبحث عن مصافحته في الوقت الذي تكون فيه يد وسائل الإعلام الجزائرية على "القرص" لكي تضغط على الزر من أجل تسجيل اللقطة التاريخية مع "الزعيم" وهو بجوار أو يصافح الزعماء الكبار. "هَا هُوَ جَا إلى أبُوجَا"، طبعا على متن طائرة الخطوط الجزائرية، وعلى حساب الخزينة الجزائرية، وبأموال الشعب الجزائري، لكي "يَتَبَنْدَر" أمام الكاميرات، إلى جانب الرؤساء الحقيقيين وهو يحاول أن يصدّق نفسه أنه رئيس دولة. "عبد العزيز جَا لأبُوجَا" بعد أن أرسلته الجزائر على عجل، وحشرته في إحدى طائرات الشعب الجزائري لتنقله إلى نيجيريا لتسجيل حضوره بين الزعماء، مع العمل على استغلال هذه الفرصة النادرة بوجود الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، والسعي للقائه والسلام عليه، و"الباقي اتركه لنا نحن في المخارات الجزائرية". طبعا لتسويق الصورة وإبرازها واللعب عليها بجميع الأساليب الخادعة التي أصبح النظام الجزائري خبيرا فيها... من أجل المزيد من تعكير صفو العلاقات الفرنسية المغربية. الصفعة كانت صفعتين: صفعة بتجنّب هولاند لقاء رئيس شبح، وصفعة بتفويت فرصة التقاط "الصورة التاريخية" التي ظل يترقّبها ويلهث وراءها منذ زمان. أما الصفعة الثالثة فتتمثل في إبعاد الشبح عبد العزيز إلى الصفوف الخلفية وحرمانه من التواجد ضمن الرؤساء الكبار في الصفوف الأمامية بمناسبة التقاط "الصورة العائلية" لهم. وسواء تعلق الأمر بالموقف الأول أو الثاني أو الثالث، فقد حرص هولاند على التهرّب من وجه الشبح وعدم ملاقاته حتى لا يسقط في الفخ الجزائري الذي نصبته له بعناية للإيقاع به. فكان التجاهل واللاّمبالاة الأسلوب الناجع للرد على المقلب. كان فرانسوا هولاند رئيس الدولة الوحيد الذي جاء إلى أبوجا لحضور احتفال الذكرى المائوية لتوحيد نيجيريا. وهو ما يفسر التهافت المحموم للرئيس الشبح على انتهاز الفرصة التي لن تتكرر، ومنح "الصورة التاريخية" للأجهزة الجزائرية لاستخدامها في حربها العدائية التي لا تنتهي ضد الرباط وباريس. الغريب في الأمر، بل التناقض الأفظع هو أن نيجيريا، المتمادية في عدائها الأعمى للمغرب، تحتفل بذكرى توحيدها بدعوة الوجه القبيح للانفصال. نيجيريا التي تعيش على هاجس الانفصال بالرغم من مرور مائة عام على توحيدها، تؤيد وتدعّم الانفصال ضد المغرب الذي يعتبر من واضعي النواة الأولى لمنظمة الوحدة الإفريقية التي سمحت لدول حديثة الوجود بالالتحاق بها وتصبح عضوة كاملة العضوية، في وقت لم يكن وجود لدولة الجزائر ولا للجمهورية الجزائرية للبوليساريو. دولة تحتفل بذكرى توحيدها على إيقاع الانفصال. تلك حالة نيجيريا. غريب حقّا أمر بعض الدول. لكن الأهم هو أن الصفعة الفرنسية دوّى صداها في أرجاء إفريقيا. وما زالت صفعات أخرى في الطريق.