وصفت مصادر متطابقة، تُعنى بالاقتصاد والمالية، مشروع قانون 110.13 الخاص بالسنة المالية 2014 بكونه مشروع ال"لاعدالة اجتماعية" بامتياز. واستدلت المصادر في وصفها للمشروع المذكور بهذا الوجه لكونه يفتقد إلى بدائل ناجعة لتنويع مصادر الدخل والعائدات المالية التي من شأنها أن تضمن توازنا للميزانية العامة عن طريق مساهمة كل المواطنين وبشكل عادل بينهم. وزادت على أن اعتماد المشروع المذكور على الضريبة في غالبية عائداته ومداخيله المالية مؤشرا قويا على النية المبيتة لإنهاك جيوب المواطنين لفائدة ميزانية الدولة عبر هذه الضرائب المتنوعة، خصوصا منها تلك المفروضة على المقاولات والمُستغلات الفلاحية التي دخلت بعض تصنيفاتها قاموس الضريبة لأول مرة، بعدما كان يشملها الإعفاء، وهي الضرائب التي ستخرج من بين ظُهراني المغاربة عن طريق الاستهلاك مادام مشروع القانون المذكور يعتمد في أساسه على ارتفاع الطلب الداخلي ومعه الضرائب التي ستنهك جيوب المواطنين في آخر المعادلة، وما دامت المقاولات تسترجع قيم الضريبة على القيمة المضافة مثلا على أنماط وفترات مختلفة والتي لن يؤديها، كتحصيل حاصل، إلا المواطن المغربي حيث لن يسترجع هو الآخر قيم هذه الضريبة ولو من باب الأحلام والمتمنيات، في الوقت الذي يترك مشروع مالية 2014 الفرصة متاحة للمتملصين من الضرائب. واستنادا إلى مضامين مشروع مالية 2014 فإن الدولة لن تجني على مستوى الموارد في السنة المالية الوشيكة إلا 264 مليارا و400 مليون درهم في الوقت الذي كانت قيمة هذه الموارد وصلت إلى قرابة 284 مليارا، وبالضبط إلى 283 مليارا و500 مليون درهم في 2013 أي بتراجع تصل نسبته إلى 6.7 في المائة وفارق مالي يتعدى 19 مليار درهم وبالضبط 19 مليارا و100 مليون درهم. وهو ما يعني أن المواطن، وفي إطار استدراك الدولة لهذا الفارق من العائدات والمداخيل، سيكون كبش فداء عبر أنواع الضريبة التي اجتهدت حكومة بنكيران في نسختيها الأولى والثانية في جعلها أداة ضخ مالي كبير لفائدة الدولة، على حساب هذه الأنواع الضريبية المفروضة، خصوصا منها الضريبتين التي يؤديها عادة السواد الأعظم من المأجورين وكل البسطاء من المستهلكين، ومنها الضريبة على الدخل التي كدَّت الحكومة في مشروع المالية على رفعها من 32 مليار درهم في 2013 إلى 35 مليار درهم في 2014، هذا بالإضافة إلى أن الضريبة على القيمة المضافة سترتفع مداخيلها من 21.6 مليار درهم إلى 22.3 ملياردرهم. من جانب آخر، تبين أن الحكومة في مشروع مالية 2014 افتقدت إلى "الابتكار" والاجتهاد والبحث فيما يخص التنمية الاجتماعية والاقتصادية معتمدة على التمنيات والتوقعات الإيجابية في محاربة الفقر والهشاشة وفيما يخص الأوراش الاستثمارية كذلك، واكتفت بالاعتماد إما على الاستثمارات التي تم جذبها من طرف جلالة الملك محمد السادس عبر علاقاته المتنوعة مع العديد من الدول وإما بالركوب على مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي كان أطلقها هي الأخرى جلالة الملك قبل ثماني سنوات من الآن خصوصا ما تعلق بأوراش المغرب الأخضر المتعددة والمرتبطة بمشاريع مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط وشركاء آخرين يتداخلون في مشاريع الكهربة القروية والتعليم، إضافة إلى مشروع رؤية 2020 للسياحة ومشاريع مغرب تصدير ومشاريع أخرى كانت الحكومات السابقة وراء انطلاقاتها. وعلى الرغم من تخصيص مشروع مالية 2014 لكتلة أجور ترتفع إلى 103 مليار درهم إلا أنه قلص من مناصب الشغل إلى قرابة 18 ألف وظيفة (17.925) فقط مقابل 24.300 ألف وظيفة في 2013 بينما كان تخصيص 26 ألف وظيفة في 2012، مكتفيا بألفي منصب للصحة فقط وسبعة آلاف فقط للتعليم باعتبارهما القطاعين الاجتماعيين الأكثر حساسية.