لم يكن لقاء الجهادي الفلسطيني سهلاً، حيث جاء بعد سلسلة من الترتيبات الطويلة، والانتقال بين عدة منازل، لينتهي بنا الأمر في منزل مهجور التقينا فيه الجهادي الفلسطيني الذي بدا في نهاية الأربعينات من العمر، نحيفاً، حاد البصر، يظهر عليه التوتر بعض الشيء، وزاد توتره عندما علم أن هناك حملة للجيش بالقرب من المنطقة التي كنا موجودين فيها. وشن «المقدسي» الذي فضل تعريف نفسه بأنه أمير تنظيم «حواريو المهدي وأنصاره»، والمتحدث باسمه، هجوماً لاذعاً على تنظيم «الإخوان»، وقال إنه ارتكب جرائم ضد الشعب المصري تماثل الجرائم التي ارتكبتها حركة حماس ضد الفلسطينيين. وانتقد حديث التنظيم عن تطبيق الشريعة بعد عزل «مرسى» قائلا إنه ظل في الحكم عاماً كاملاً في مصر ولم يطبقها، كما ظلت «حماس» في الحكم 6 سنوات في غزة ووقفت دون تطبيقها، وقال إن المعركة الحالية في مصر خاسرة لأن الطرفين يحملان رايتين باطلتين. كيف ومتى تشكل تنظيم «أنصار المهدي»؟ - أنا ومعظم أعضاء التنظيم كنا عناصر في تنظيم «جند أنصار الله»، وهو كان واحداً من أهم تيارات السلفية الجهادية في قطاع غزة، لكنه بدأ يضعف بعدما وقعت فتنة مسجد ابن تيمية، وهدمت «حماس» المسجد على الشيخ عبدا للطيف موسى أحد كبار قادة السلفية الجهادية في غزة، وقتها اعتقلت لدى حركة حماس بتهمة الانضمام إلى إمارة «جند أنصار الله» التي قتل أميرها الشيخ أبوعبدالله السوري، وعندما خرجت من سجون «حماس» كان تنظيم «جند أنصار الله»، الذي كنت انتمى إليه، قد وقعت داخله انشقاقات، وانفصلت أنا ومجموعة تقدر ب100 عضو، وأعلنت إنشاء تنظيم «أنصار المهدي وحواريه»، ونحن تنظيم سلفي جهادي هدفه مقاتلة اليهود، ونتخذ من غزة مركزاً لنا، وسبق أن نفذنا عمليات جهادية ضد إسرائيل لكن الآن نعانى من تضييق «حماس» علينا لذلك جئت إلى مصر. * كيف دخلت إلى مصر؟ في منزل مهجور بالشيخ زويد، وبعد إجراءات أمنية طويلة ومعقدة، التقت «الوطن» الشيخ أبوعبيدة المقدسي الذي انشق عن تنظيم «جند أنصار الله»، وأسس تنظيماً جهادياً جديداً باسم «حواريو المهدي وأنصاره»، وهو التنظيم الذي يضم في صفوفه فلسطينيين، ومصريين من أبناء سيناء يتلقون تدريباتهم في مصر وغزة. - بأوراق رسمية، ومن خلال معبر رفح، لأن «حماس» في غزة ترحب بطردنا، وتتمنى ألا ترى أي سلفي في غزة، وأنا هنا في سيناء منذ نحو 8 أشهر. * كم يبلغ عدد أعضاء التنظيم؟ وهل نفذتم أي عمليات ضد إسرائيل؟ - أعتبر أن كل الإخوة في السلفية الجهادية في قطاع غزة هم أنصار للجماعة، ولكنى تحدثت وأخذت العهد من كبار القيادات في السلفية الجهادية بغزة، وتكلمت مع قادة «جيش الإسلام» و«أنصار الشريعة» و«أنصار السنة» و«جيش الأمة» في أمر جماعتنا، ووعدوا بإمكانية توحدنا كلنا قريباً، وعدد التنظيم حتى الآن 100 فرد في غزة، ونجحت في ضم نحو 70 فرداً في سيناء، ولم ننفذ أي عمليات ضمن تنظيم «أنصار المهدي وحواريه»، لكننا شاركنا في الكثير من الغزوات ضد اليهود ضمن تنظيم «جند أنصار الله». * إذن أنت قائد هذه الجماعة؟ - نعم أنا أمير التنظيم، وأنا الآن أدعو له في كل مكان، وقد بدأت الدعوة له من داخل سيناء منذ عدة أشهر، والحمد لله انضم لنا نحو 70 مقاتلاً من مصر. * هل كلهم من سيناء؟ - بينهم شباب من سيناء، وآخرون من الشرقية، والجيزة وتحديداً من منطقة الهرم، وما زلت في مرحلة الاستقطاب. سنقاتل اليهود عندما نجهز 300 مقاتل وجئنا إلى مصر هرباً من حماس * قلت إنه انضم للتنظيم 70 شاباً من المقاتلين المصريين، هل ستقاتلون اليهود من مصر؟ - لا، أحد مبادئنا أن قتال اليهود سيكون في أرض فلسطين، ولا يجوز لنا استخدام الأراضي المصرية. * كثير من التنظيمات تقول ذلك ثم نجدها تنفذ عمليات من الأراضي المصرية؟ - هذا لا يجوز. * إذا جاءك مقاتل مصري مجهز يريد أن ينفذ عملية ضد إسرائيل هل سترفض؟ - نعم سأرفض، لأننا الآن في مرحلة الدعوة والاستقطاب، ولسنا في مرحلة القتال، وعندما يصل عددنا إلى 300 مقاتل سنبدأ القتال. * هل تنفذون تدريبات في سيناء؟ وما نوعيتها؟ - نتدرب على الخيول فقط بعيداً عن السلاح، وأقول للإخوة إن عمليات التدريب على الخيول هي إعداد جيل مدرب استجابة لقول الله (تعالى): «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بت عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ»، أما تدريبات السلاح فتكون في غزة. * أين تنفذون تدريباتكم في سيناء؟ - في الخلاء هنا. * قلت إن لكم اتصالات ب«جيش الإسلام» و«جند أنصار الإسلام» والجماعات والتنظيمات الجهادية في غزة، فهل لكم اتصالات بالجماعات الجهادية في سيناء؟ - جلست مع البعض منهم، ونصحتهم بفكر النبي (صلى الله عليه وسلم)، وقلت لهم إن دين الله لا يقوم بالسيف، ولا يقوم بضرب الرصاص، وما تظنونه أنتم أنه جهاد هو ليس بجهاد. «حماس» دموية.. قتلت 600 مواطن في عام وأطلقت الرصاص على أطراف 1000 من معارضيهم * كم تنظيماً فلسطينياً يمارس عمليات في سيناء؟ - هم ليسوا تنظيمات كثيرة، هناك فقط «التوحيد والجهاد» وهو فرع لتنظيم «التوحيد والجهاد» بغزة، والحقيقة أنهم من أكثر التنظيمات تشدداً تقريباً ويحملون أفكاراً تكفيرية، وقد انقرضوا من غزة ولم يبقَ غير بعض قياداتهم في مصر تدير مجموعة هنا وهناك، أيضاً تنظيم «أنصار بيت المقدس» وأعدادهم في سيناء قليلة، وسبق لتنظيم «مجلس شورى المجاهدين» أن أعلن عن وجوده في سيناء من خلال عدة بيانات أكد خلالها تنفيذه لعمليات ضد العدو الصهيوني. * بما أنك كنت أحد قيادات تنظيم «جند أنصار الله» المتهم بحادث قتل الجنود المصريين في رفح، هل تورط التنظيم بالفعل في ذلك الحادث؟ - لا أبداً لم يكن له أي علاقة بهذا الحادث، وأؤكد لك أن «جند أنصار الله» ليس له أي علاقة بهذا الحادث لا من قريب ولا من بعيد. * مَن في تقديرك فعلها؟ - لا أعرف. * هناك تقارير تتحدث عن تورط «حماس» في هذا الحادث لمساندة الإخوان في مصر في إزاحة قادة المجلس العسكري؟ - لا أعرف، فقد كنت مطارداً في العام الأخير، ولا أعرف الكثير من المعلومات في هذا الإطار. * بما أن مركزكم في غزة لماذا جئت إلى سيناء؟ - السبب التضييق الشديد علينا في غزة، وما أخرجني إلا الخوف من الله (سبحانه وتعالى)، وروح المسئولية التي أحملها كمؤمن ومسلم على ما يحدث الآن في غزة، وفى الشارع العربي، وما خرجت إلا شفقة على حالي وحال الناس فنحن في غزة نعانى معاناة شديدة من تضييقات «حماس» علينا ومطاردتها للسلفية الجهادية وعناصرها في غزة. نجرى تدريباتنا في سيناءوغزة.. وانضم لنا 70 مصرياً من الشرقية والهرم.. ولا أستطيع العودة للقطاع وأطالب المصريين بأن يحتوونا * ما رأيك في الأزمة السياسية الحالية في مصر، ودعوة الإخوان إلى النزول لتطبيق الشريعة؟ - أقول نداء لكل مسلم صادق إن المعركة التي تحدث اليوم في مصر بين طرفين معركة خاسرة، لأن الرايتين باطلتان، وأقول لمن يريد تطبيق شريعة الله (عز وجل): هل تطبيق شريعة الله (عز وجل) وإقامة دين الله (عز وجل) عبر المظاهرات أو الانتفاضات أو الخروج، وقتل الناس، والمشاركة في التخريب على العامة، وهذا لا يجوز أبداً؟ وأوجه رسالة لمن غرر بهم الإخوان للخروج في المظاهرات من أجل تطبيق الشريعة: إن الجماعة أخذت الفرصة كاملة وعلى مدار عام كامل ليطبقوا الشريعة لماذا لم يطبقوها؟ كما أن «حماس» ظلت 6 سنوات في الحكم في قطاع غزة، ولم تطبق الشريعة ولن يطبقوها، نحن نقول هذه الراية راية خداع وراية باطلة، ونقول إن الشرعية التي ينادونا بها هي شرعية كفرية، وباطلة، وبالأمس القريب كان بعض الإخوة الجهاديين يكفرون «مرسى»، اليوم نحن نقول إن الإخوان لا يمثلون إلا أنفسهم، ولا يمثلون دين الله، ولا يمثلون الشريعة، ولا يمثلون الإسلام. * شبهت حكم الإخوان خلال العام الماضي بحكم «حماس» في غزة خلال 6 سنوات، فكيف ترى طريق الخروج من الأزمة الحالية؟ - يجب أن نأخذ عبرة مما حدث في غزة، فالإخوة في غزة خدعوا عندما نادت حركة حماس بتطبيق الشريعة، ودخلوا الانتخابات وفازوا في الانتخابات، وخدعوا الناس بعد ذلك، وفرضوا حكمهم بالقوة المفرطة فخلال عام تقريبا قتلوا 600 مواطن، غير الذين أطلقوا عليهم الرصاص وشلوا أطرافهم، وعددهم نحو 1000 شخص، هذا تاريخ «حماس» يجب أن تتعلموا منه. الشيخ المقدسي خلال التدريبات وما يحدث في مصر الآن من مشاهد إلقاء المواطنين من أسطح المنازل هي مشاهد مكررة بالنسبة لنا، هذا حدث عندنا في غزة بنفس الطريقة، كانوا يحملون الرجل ويلقونه وهو حي فيسقط ميتاً، وهذه المشاهد نفسها تحدث اليوم في مصر، وأنا لا أستبعد أن يقتلوا بعض عناصرهم ويتهموا الجيش حتى يصلوا إلى مآربهم فهم فعلوا ذلك كثيرا، ويريدون أن يثيروا تعاطف الناس خصوصاً في الخارج، فإذا لم تثر عواطف الناس ولم تستجب وجرت خلفهم، فإن «حماس» لن تقف مكتوفة الأيدي. ونحذر من أن تقتحم «حماس» الحدود المصرية وتتدخل لمساعدة الإخوان، وتقتل وتعبث في هذا البلد الذي ذكره الله (سبحانه) في القرآن الكريم أنها آمنة، وأدعو الإخوة إلى الصبر وألا يشاركوا في هذه المعركة، وأدعوهم إلى التأني، وألا ينخدعوا بشعارات الإخوان الكاذبة، والإخوان سقطوا حينما دخلوا الانتخابات في غزة، وكان الناس كلها تحبهم، كان كل مسلم في قطاع غزة وكل غزاوى يؤيدهم، بل كان كل العالم الإسلامي يؤيدهم حينما كانوا حركة مقاومة مجاهدة، لكن عندما دخلوا الانتخابات ووقعوا في آثام السلطة سقطت الجماعة من أعين الناس. * هل تتوقع ثورة في قطاع غزة على «حماس»؟ - لا أتوقع، لأن قطاع غزة أولاً ضيق، والإخوان المجرمون هناك لهم سيطرة وقبضة من حديد، فلا يستطيع أحد أن يرفع رأسه، والذي يرفع رأسه يقتلونه، حتى عندما طالبهم الشيخ عبد اللطيف موسى بإقامة الدين وتطبيق الشريعة قتلوه دون أي وازع، فالشيخ عبد اللطيف قال: يا أهل «حماس» نحن مستعدون أن نكون جندا تحت أقدامكم وتحت إمارتكم في تطبيق شريعة الله (عز وجل). فلم ينتظروا عليه حتى قتلوه، وهدموا عليه بيته، وقتلوا إخوانه الذين كانوا معه، واعتقلوا 1500 سلفي، وعُذبنا في المعتقل أشد العذاب على يد أعضاء «حماس»، ووجدنا منهم ما لم نجده من اليهود، فأنا اعتقلت عند اليهود نحو عامين، واعتقلت عند «فتح» 6 أشهر، ولكنى عند «حماس» وجدت ما لم أجده عند اليهود. والإخوة في «فتح» كانوا يعاملوننا أفضل بكثير من «حماس»، ويحرصون علينا، ويحموننا من قصف طيران اليهود، فكانوا يحافظون علينا كما تحافظ الدجاجة على أفراخها، ويتعاملون معنا كجهاديين لأن تاريخنا نحن كسلفيين مجاهدين في قطاع غزة أننا موجودون من عام 1984، ولنا عمليات عسكرية معروفة. * كم عدد السلفيين الموجودين حالياً في غزة؟ - نحو 3 آلاف. * هل تستطيع العودة إلى قطاع غزة؟ - لا أستطيع، وأنا أطلب من أهل مصر أن يحتوونا. * هناك مخاوف من وجود الفلسطينيين في مصر بسبب مشاركتهم في العنف؟ - أنا أقول للمصريين إن الفلسطينيين ليسوا كلهم إخوان وليس كلهم «حماس»، وهذه الطبيعة لا بد أن يدركوها، فالمجتمع الفلسطيني فيه العلماني وفيه الإسلامي وفيه الليبرالي، وفيه كل الانتماءات مثل مصر، هذه طبيعة المجتمعات، فلا تعاملوا الناس معاملة واحدة، وليس من الحكمة معاملة الناس معاملة واحدة، وللعلم أهل فلسطين يحبون المصريين جداً، ويعرفون تاريخهم الجهادي والمقاوم والمتعاطف مع القضية الفلسطينية التي هي قضية مصر أصلاً.