تزال الشكوك المحيطة بمستقبل الاقتصاد الاميركي التي لم ينجح الاتفاق على رفع سقف الدين في تبديدها, تلقي بظلها الثلاثاء على الاسواق المالي وتضغط على الاقتصادات الاوروبية الاكثر هشاشة والارتياح الذي اشاعه اعلان الاتفاق بين الجمهوريين والديموقراطيين حول الدين لم يدم سوى ساعات عادت وطغت بعدها المخاوف. وان كان هذا الاتفاق اتاح على الارجح تفادي كارثة كبرى كانت ستنتج في حال تعثر الولاياتالمتحدة عن سداد مستحقاتها, الا انه لا يحجب المشكلة الاساسية وهي ان الدين الاميركي الهائل يقابله نمو ضعيف, وهذه عناصر تبعث المخاوف من تخفيض علامة الولاياتالمتحدة لدى وكالات التصنيف الائتماني. وسيطرت اجواء التشاؤم هذه صباح الثلاثاء على الاسواق المالية العالمية بالرغم من اقرار خطة الاتفاق مساء الاثنين في مجلس النواب في انتظار اقرارها في مجلس الشيوخ الثلاثاء. وقال المحللون في شركة كريدي موتويل- سي ايه سي ان "التسوية لن تسمح بترميم الثقة في الطبقة السياسية والاقتصاد الاميركي" مشددين خصوصا على انه "لا يضمن ان وكالات التصنيف الائتماني لن تعمد الى تخفيض علامة الولاياتالمتحدة". وراوا انه "ما زال يتحتم توضيح (الاتفاق) لاعطاء رد قادر على دفع الاقتصاد الاميركي لوضعه في حلقة حميدة" في اكدت اخر المؤشرات الاقتصادية الصادرة على ضعف الاقتصاد الاول في العالم. وبعيد الساعة 00,9 تغ كانت البورصات الاوروبية جميعها في تراجع باستثناء اثينا (+19,0%), حيث سجل انخفاض بنسبة 56,0% في باريس و28,0% في لندن و82,0% في فرانكفورت و38,0% في امستردام و67,0% في اثينا. اما البورصة السويسرية فكانت الاكثر تراثرا اذ تراجعت 57,2% وكذلك لشبونة (-14,2%) فيما مدريد كانت اقرب الى التوازن (-06,0%). البورصات الاسيوية بدورها تراجعت الثلاثاء بعدما اقفلت الاثنين على ارتفاع كبير. واغلقت طوكيو الجلسة على تراجع بنسبة 21,1% بعدما اقبل المستثمرون على التخلص من سندات مجموعات يابانية مصدرة بسبب ارتفاع سعر الين. وكما في كل ظروف مماثلة, ارتفعت اسعار العملات المرجعية مثل الين, كما سجل الفرنك السويسري ارتفاعا محطما السعر القياسي الذي كان بلغه الاثنين, فيما اقفل الذهب على ارتفاع في هونغ كونغ بوصوله الى 1628 دولار للاونصة. وسجل اليورو تراجعا طفيفا الى 14205 دولارات مقابل 14248 مساء الاثنين. ومن نتائج الحذر حيال الوضع الاقتصادي الاميركي, اقبل المستثمرون على السندات الاكثر امانا والتي تحظى بالعلامة القصوى "ايه ايه ايه" ومنها مثلا الدين الالماني التي تستخدم مرجعا. وادى ذلك في المقابل الى ارتفاع الفوائد على السندات الاسبانية والايطالية على عشر سنوات الى مستويات تاريخية جديدة منذ قيام منطقة اليورو. وازدادت النسب على هذه السندات لعشر سنوات الى 330,6% بالنسبة لاسبانيا و160,6% بالنسبة لايطاليا. واضافة الى هذين البلدين اللذين يثيران اكبر مخاوف من انتقال ازمة الدين في منطقة اليورو, سجل ارتفاع في نسبة الفوائد على سندات الديون البرتغالية البعيدة المدى بمقدار 790,10% فيما ظلت نسب الديون اليونانية على استقرار نسبي بمستوى 488,14%. وقال المحللون في مصرف بي ان بي باريبا ان "+الاقبال على النوعية+ (الاصول الاقل مجازفة) يبقى قويا .. وليس من السهل ان نعرف متى سينتهي هذا التوجه, ولا سيما اذا ظلت المعطيات الاقتصادية المقبلة تاتي بمفاجآت غير سارة".