مرة خرج سجين أنهى عقوبته الحبسية فوجد عائلته قد رحلت وكان الفصل شتاء، فلم يجد غير زجاج المقهى ليكسره كي يعود للسجن حتى تمضي فترة البرد ثم يخرج ليبحث عن عائلته، لكن ذكاء المحكمة جعلها تحبسه حتى العام المقبل، أي إنه سيخرج في فصل ممطر، قصة السجين مع السجن هي التي يركبها اليوم علي لمرابط، الذي يقول كل شيء وينادي بأعلى صوته خذوني إلى السجن، لكن المحكمة هذه المرة كانت أذكى من الأولى، لم تدخله السجن وتركته يتسكع في الشوارع عله يجد دفئا لكن وقع له مثل قاطع الصحراء "لا ظهرا أبقى ولا ماء وصل". علي لمرابط يعلن اليوم أنه جمهوري، فمرحبا بسيادة رئيس الجمهورية الرقمية طبعا هو صديق لرئيس الجمهورية الافتراضية محمد عبد العزيز وربما سيشكلان اتحاد الجمهوريات غير الواقعية، عندما يعلن علي لمرابط أنه جمهوري في صحيفة ورقية أو إلكترونية يذهب مباشرة لأقرب بنك ليعرف كم دخل حسابه من أورو، وفي الواقع يعجبني علي لمرابط لأنه يبيع الكلمة غالية على عكس بعض الصحافيين الذين يبيعونها رخيصة. فالتصريح الصحافي له ثمن والمقالة لها ثمن، وعندما يتحدث فقط عن محيط الملك يقبض ثمنا وعندما يصعد يأخذ أكثر وهكذا دواليك فالرجل يعمل بمعايير واضحة فلكل كلمة ثمنها. ماذا وقع للرجل حتى يرفع الصوت عاليا ليقول إنه موجود في المغرب وإنه جمهوري ويطالب بإسقاط النظام وهو مقيم الآن في المغرب وينتظر اعتقاله؟ أعتقد جازما أن النيابة لن تحرك الدعوى ضده لسبب وجيه وهو أن القلم مرفوع عن ثلاث من بينهم الأحمق حتى يشفى، وما دام الرجل يعاني حالة هذيان متقدمة فإنه لا ينبغي أن يمسسه سوء أبدا. ولا تذهبوا به إلى مستشفى الأمراض العقلية حتى لا يتهم أحدا باختطافه اتركوا أصدقاءه ينقلونه للمستشفى، فالرجل "غير على سبة" يحتاج فقط إلى من ينظر إليه نظرة مختلفة حتى يخرج للشارع عاريا يسب ويلعن ويعتبره من عملاء النظام حتى لو كانت نظرات الرجل على طبيعتها. لكن هذا جزاء من لا يحسبها جيدا. فلولا يده الطويلة ونزواته التافهة لما خرج من الديبلوماسية وعندما خرج منها وأضحى متسكعا في شوارع الرباط أراد أن يأكل "طرف ديال الخبز" وأنقذه أحدهم وأصبح على ذلك من النادمين، فأسس جريدتين واحدة بالعربية والثانية بالفرنسية لكن بعد فشله في تأسيس مشروع إعلامي يلقى القبول "خرجها ليها كود" ولم يعد ينشر سوى ما هو مخالف للقانون، ولما نفد صبر الجميع لأنه فعلا أصبح أحمق يضرب بالحجر كل من وجد في طريقه. ولأن الرجل كان على علاقة بالإسبان وعلى نوع من الإسبان، أولئك الذين يبحثون عن المعلومة المغربية بالريق الناشف وأولئك المتعاطفون مع الحزب الشعبي اليميني المعادي للمغرب، لم يعان بطالة لأنهم وجدوا له شغلا سريعا في مدريد، فأصبح "مخبرا حراكا"، واستغله أسياده الجدد وهم الذين وفروا له ثمن الرحلة إلى مخيمات تندوف ليمدح الخلاء مقابل عطايا مغرية. اليوم بعد أن طلقه الإسبان ونفض الأمن العسكري الجزائري يده عنه عاد ليناضل رقميا ويؤسس جمهورية رقمية ليجد له موقعا في نادي الدول الافتراضية. احذروا الرجل حتى لا يكسر زجاج السيارات.