اختتمت الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية أشغالها، باستجابة الأعضاء المستقيلين من الأمانة العامة للحزب، مصطفى الرميد، وعبد العالي حامي الدين، والحبيب الشوباني، لطلب المجلس الوطني، بسحب استقالاتهم، كما سحب عبد الحق العربي استقالته من رئاسة اللجنة المركزية للانتخابات، والتي كان قدمها في وقت سابق عن انعقاد الدورة. كما تميزت أشغال الدورة المنعقدة يومي 2 و3 أبريل الجاري بالرباط، بإجماع أعضاء المجلس على مجموعة من النقاط، من أهمها مصادقته بأغلبية ساحقة على مذكرة الحزب الخاصة بالإصلاحات الدستورية وتثمينهم لمضامينها، وكذا المصادقة على عقد دورة استثنائية لمدارسة التصويت على الدستور. وخلال جلسة يوم الأحد والتي خصصت لمدارسة المرحلة السياسية الراهنة واختيارات الحزب للمرحلة المقبلة، تطرق مصطفى الرميد لمبررات تقديم استقالته من الأمانة العامة ثم سحبها، وقال في كلمة ألقاها أمام أعضاء المجلس الوطني، الذين استقبلوا خبر سحب استقالته بفرحة عارمة وبرفع الشعارات :" استجابة لطلب أعضاء المجلس الوطني، أعلن سحب استقالتي التي سبق أن قدمتها من الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية لظروف أنتم تعرفونها"، مضيفا، وهو يقف إلى جانب الأمين العام للحزب عبد الإله ابن كيران، وباقي أعضاء الأمانة العامة، بأن ما يميز حزب العدالة والتنمية على باقي الهيئات السياسية الأخرى، هو قدرته على تدبير خلافاته في جو ديمقراطي أخوي يسود في مداولاته"، داعيا إلى تعزيز طرائق تدبير الخلاف في المستقبل، لأنه في مسيرات التجمعات البشرية يمكن أن تقع خلافات شريطة أن تبقى منضبطة بقواعد الشرع والأخلاق، ونفتخر بأن خلافاتنا كانت خاضعة لقواعد الشريعة الإسلامية، والمطلوب الآن هو كيف نختلف؟ مستدلا على ذلك بقوله تعالى : "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان"، وهذه قاعدة، يقول الرميد، وإن جاءت في انحلال العلاقة الزوجية، فإنه يجب أن تنضبط لها جميع الخلافات"، مشيرا إلى أن نص استقالته وردت فيها العبارة التالية : "إنك تعلم مالك من رصيد في قلبي"، مضيفا :" إنني أُضمر كل الحب للأخ الأمين العام". وبخصوص البلاغ الذي أصدره ووقع عليه أعضاء من الحزب يدعو للمشاركة في مسيرة 20 فبراير، أوضح الرميد، بأن المبادرة كانت فردية، حيث تضمن البلاغ المذكور شرطين مهمين، أولهما التظاهر السلمي، وثانيهما الانضباط للثوابت الوطنية، مضيفا :"ولما خفت أن لا تنضبط المسيرة، كان ذلك البيان، الذي دعا إلى احترام الثوابت الوطنية، والتشبث بالطابع السلمي للتظاهر، ذلك لأن أي مسيرة مثل السوق يأتي إليها أي كان. وأكد الرميد، بأنه لم تكن له في أي لحظة إرادة الخروج على المشروعية، فالبلاغ لم يكن تمردا على القيادة، وإنما كان موجها لجهات خارج الحزب، موضحا :"وهو يمكن أن يكون خاطئا". وتابع قائلا :"المستقبل كما أفهمه هو أن الذين كانوا متخوفين من انزلاق الشارع، حاليا زال هذا التخوف، ومن كان يريد أن يعطي إشارات فالرسالة قد وصلت، الآن نحن أمام خطاب ملكي شجاع فتح قوس الإصلاح ولم يغلقه، ومطلوب منا أن ندفع باتجاه تحصين الإصلاحات لكي لا نعود إلى الوراء"، وقال بأن الإصلاح الحقيقي، ليس هو الإصلاح الدستوري، لأنه مع هذا الإصلاح وبقاء "البام" كما هو عليه، فإن الإصلاح المذكور سيكون في صالحه، داعيا إلى الانتباه جيدا إلى هذا الأمر،و مؤكدا :" المطلوب هو النضال إلى تحقيق الديمقراطية الحقة". ومن جهته، قال عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، تعليقا على سحب أعضاء الأمانة العامة استقالاتهم : "هذه لحظة أكثر من عاطفية كما وصفها أحد الإخوان، إنها لحظة ربانية"، مضيفا بأن سحب الإخوان استقالتهم محا كل شيء"، مؤكدا بأن حزب العالة والتنمية حزب كبير، حزب مؤطر ومنظم، ولهذا يجب التفكير في مستقبله، وينبغي مراعاة أنه حزب له امتدادات في الحركة الإسلامية"، مشيرا إلى أن هذه الحركة في بعض البلدان ترجع إلى الاستفادة من اختياراتنا، ومن ذلك ما قامت به الحركة الإسلامية بتونس التي تتخذ العدالة والتنمية نموذجا. وبخصوص التصريح بموقف الحزب من المشاركة في مسيرة 20 فبراير، قال ابن كيران، إنني لم أقدر أثر ما صرحت به عليكم، لكن يجب أن تعرفوا بأن تصريحي لم يكن خطأ، لأنني صرحت قبله في العديد من الأحيان. وخطب ابن كيران أعضاء المجلس الوطني قائلا :" لا أقدر على ممارسة السياسة، وفي نفس الوقت حراسة مقعدي في الداخل، وأسأل الله أنه في اليوم الذي أبدأ في القيام بذلك أن يحرمني منه الله تعالى"، مشددا : إنني منذ انتمائي إلى الحركة الإسلامية وأنا اشتغل بالنية"، مضيفا :" أنا لي مابغانيش مبغيتوش واعتبر العمل السياسي، الذي نقوم به عملا أخرويا. وبخصوص قضية الرميد، قال ابن كيران :" أنا اعرف الرميد منذ زمن بعيد، لكن لا أقبل أن يتم الطعن في ذمته، وكنت اقدره قبل هذا التاريخ، ولا زلت وخاصة بعد لقائي به، ومنذ هذا التاريخ وهو يكبر في عيني، ولهذا عندما اختارني الإخوان أمينا عاما، طلبت من الأخ الخلفي لما أخبرني بأن الرميد خرج، أن يقول له بأنني "بعد الله سبحانه وتعالى، معول عليه كما أعول على سي عبد الله بها"، وشهادة لله كان من أحسن أعضاء الأمانة العامة إنجازا، وهذا هو الرميد كما خلقه الله، وهو قوة للحزب واليوم لم أنتصر أنا أو سي بها، ولكن الذي انتصر هو الحزب، وابتداء من اليوم يمكن أن نكون مطمئنين على مستقبل حزبنا". وفي نفس السياق حيا ابن كيران، المتراجعين على استقالاتهم تحية خاصة، وقال بأنهم "دارو الحساب الكبير" وبهذا سينجح الحزب، مضيفا :"لسنا حزبا يقوم على الترهيب، أو عندنا المال"، أنا مثلكم انتقدكم وتنتقدونني " ماكيان غير صبن صبن"، والمطلوب منا هو احترام المؤسسات"، وقال :"إن المجتمع والشعب ينتظر منكم الشيء الكثير، وهذا يتطلب أن تكونوا على مقدار المسؤولية، يقول ابن يكران :"أجدد الحمد لله والثناء عليه، بعد خروج الحزب من هذه الأزمة موحدا". ومن جهته قال سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، إن المجلس الوطني بعد نجاح دورةته الاستثنائية، أثبت أنه حزب، مطالب اليوم بالقيام بدوره الفاعل، دون خوف من نتائج الديمقراطية، مشيرا إلى أن هذه الدورة أثبثت كذلك أن حزب العدالة والتنمية يقوم على شرعية مؤسساته.إلى ذلك، أجمعت تدخلات أعضاء المجلس الوطني على أن هذه اللحظة مهمة في تاريخ الحزب، وبان هذه لحظة تجديد دماء الحزب وتعزيز موقعه في المشهد السياسي، مُطالبين بالتفكير في متطلبات المرحلة المقبلة.