باعتباركم عضو المكتب التنفيذي للتجمع الوطني للأحرار، ماذا تمثل بالنسبة للحزب التغييرات الجذرية التي أعلن عنها الملك محمد السادس في خطاب 9 مارس؟ أعتقد أن الخطاب الملكي ليوم التاسع من مارس الجاري يشكل لحظة تاريخية مفصلية، حيث أصبحنا ملزمين بالحديث عن مغرب ما قبل 9 مارس ومغرب ما بعد 9 مارس، ومن وجهة نظرنا في الحزب فإن ما أعلن عنه جلالة الملك محمد السادس من إصلاحات دستورية جوهرية يعتبر تتويجا لسنوات من التحولات التي بدأها المغرب منذ تولي جلالة الملك الحكم إذ شرع في خطوات إصلاحية في إطار بناء النموذج المغربي في الديمقراطية والمشاركة السياسية التي تؤسس لمغرب المؤسسات ومغرب الكرامة والعدالة الاجتماعية. إن ما أعلن عنه جلالة الملك يفتح مجالا واسعا للمشاركة السياسية لأوسع الفئات الشعبية ويعتبر ورشا كبيرا للإصلاح لا يحرم أحدا من المشاركة فيه والمساهمة الجادة في بنائه باعتبار أن الخطاب الملكي ركز في خاتمته على أن الشعب هو الذي يقرر في النهاية نوع الدستور الذي يريد ونوع الحكم الذي يفضل العيش تحت كنفه. وأجد أنه من اللازم التأكيد على أن الإصلاحات التي أعلن عنها جلالة الملك ستعزز النموذج المغربي وتأسيس ديمقراطية حقيقية لكن ينبغي أن نقول بجرأة أن الكرة الآن في ملعب الأحزاب السياسية التي ينبغي أن تلتقط مضمون الرسالة ويساهم كل من موقعه في بلورة تجلياتها. وبالجملة أعتبر ما أقدم عليه جلالة الملك يندرج في إطار سيرورة عادية لانفتاح المغرب على آفاق الديمقراطية والحرية والكرامة إلا أن هذه الخطوة تتميز بدخولها سرعة مختلفة. دعوتم في اللجنة المركزية للتجمع إلى ضرورة وضع مسطرة دقيقة لتعيين الوزير الأول وإعفائه، فهل تتوفرون على تصور أولي لطبيعة هذه المسطرة؟ ينبغي التذكير أن التجمع الوطني للأحرار ومباشرة بعد الخطاب الملكي عقد اجتماعا للمكتب التنفيذي للدلالة على سرعة التجاوب مع المبادرة الملكية والتفاعل مع التغيرات التي يعرفها المغرب وثلاثة أيام بعد الخطاب عقدنا اجتماعا للجنة المركزية لإظهار نفس التجاوب وانخراط التجمعيين قاعدة وقيادة في هذه الدينامية والفعالية ولا يمكن أن نعطي تصورا دون تحريك هياكل الحزب. وبالتالي لا يمكن الحديث الآن عن تصور حول طبيعة هذه المسطرة لأن اللجنة المركزية عينت لجنة مختصة منكبة حاليا على إعداد تصورات التجمع الوطني للأحرار لطبيعة التغييرات الدستورية وللاقتراحات التي يمكن أن نساهم بها باعتبارنا حزبا سياسيا في إطار الدستور الجديد وهو جديد بالنظر إلى حجم التعديلات التي سيعرفها، وحتى يكون تصور الحزب في مستوى اللحظة التاريخية فقد قررنا الاستعانة بالخبراء الذين يتوفر عليهم الحزب في إعداد هذه الاقتراحات. أعلن الملك محمد السادس ضمن مرتكزات التغييرات الدستورية عن منح مؤسسة الوزير الأول صلاحيات واسعة، ما هي طبيعة الصلاحيات المرتقب منحها للوزير الأول في التغييرات الدستورية الجديدة؟ هذا السؤال يحيل على السؤال السابق، فاللحظة الراهنة هي لحظة تفكير عميق في المستقبل السياسي للمغرب وهي لحظة للنقاش المفتوح والهادئ والرزين المبادئ وقد أكدت اللجنة المركزية في اختتام أشغالها على المبادئ الأساسية لمقاربة التعديلات الدستورية في إطار المرجعية التي حددها الخطاب الملكي, وتحديد الآليات الكفيلة بالارتقاء إلى فصل حقيقي وفعلي للسلط يكفل التوازن الدقيق والواضح بينها. وكان حزب التجمع الوطني للأحرار قد دعا إلى إنضاج الشروط لإطلاق جيل جديد من الإصلاحات السياسية والاجتماعية, إضافة إلى فتح نقاش وطني حول تمثيلية الشباب داخل المؤسسة البرلمانية, منبها إلى استمرار مخاطر استغلال الأطراف المعادية لفضاء الحرية من أجل أجندة سبق وعبرت عن نفسها بوضوح قبل بضعة أشهر. هذا هو الإطار العام الذي نشتغل عليه في الحزب وسوف نقدم إجابتنا على هذه التحديات ونقدم اقتراحاتنا بخصوص التعديلات الدستورية بما فيها صلاحيات الوزير بعد انتهاء اللجنة المختصة من أشغالها. لماذا قررتم عقد المؤتمر الخامس قبل الاستشارة العامة على التغييرات الدستورية في الوقت الذي يرى فيه البعض أنه من الأفضل عقده بعد أن تتضح الرؤية السياسية في المغرب؟ أعتقد أن جلالة الملك حقق من خلال خطاب 9 مارس ثورة هادئة وغير مسبوقة لا محليا ولا إقليميا ولم يكن من المقبول أن يبقى الحزب بعيدا عن هذه الرسالة التاريخية، وإذا كان جلالة الملك حقق ثورة هادئة في المجتمع فإنه من الضروري على التجمع الوطني للأحرار أن يحدث الثورة الداخلية، ثورة قصد تجديد الهياكل وفتح الباب لأكبر عدد ممكن من الطاقات والفعاليات للمشاركة في هذا الورش الكبير. إن الثورة التي أطلقها جلالة الملك تفرض المرور إلى السرعة الثانية من العمل بعد السرعة التي أطلقتها الحركة التصحيحية وأصبح الحزب ملزما بتأطير كل التعبيرات المتفاعلة داخله، وإعلان صلاح الدين مزوار رئيس الحزب عن المؤتمر الخامس فيه شجاعة وجرأة كبيرة منسجمة مع مغرب الجرأة الذي طبع المغرب أخيرا بعد خطاب الملك الذي كان أكثر جرأة. إنه بعد 9 مارس أصبح لزاما على التجمع الوطني للأحرار أن ينتج خطابا جديدا وأن يعمق النقاش حول إيديولوجية الحزب والإنصات لكل فعالياته وتوسيع دائرتها في اتجاه تقوية الحزب وكان التجمع الوطني للأحرار قد دعا إلى وضع آليات كفيلة بالارتقاء بالأحزاب السياسية إلى مستوى يسمح بتقوية مكانتها في الحياة السياسية, ودعم دور المجتمع المدني وتحديد مهامه في تأطير المواطنين, وسن مقتضيات لدعم وتخليق الحياة العامة من أجل محاربة الفساد وربط ممارسة السلطة بالمراقبة والمساءلة. ولقد أصبح هم التجمع الوطني للأحرار هو إنتاج الفكر السياسي وتطويره وفق التطورات التي عرفتها الساحة الوطنية والإقليمية والدولية وتطوير الهياكل وإعداد التنظيم الحزبي قصد التموقع داخل المشهد السياسي وقد فتحنا ورشات في كل الأقاليم لانتقال بدينامية الحزب إلى سرعة أخرى قصد الاستعداد للاستحقاقات المقبلة من أجل تحقيق الموقع المؤثر في الفعل السياسي وتطبيق برنامجنا النضالي. ما هي حقيقة الخلافات وسط التجمع الوطني للأحرار؟ في الواقع صدر بيان غير موقع يعبر أصحابه عن أنفسهم لكن لم تكن لديهم الجرأة للكشف عن وجوههم وبالتالي فهو زوبعة في فنجان ولا يؤثر على سير الحزب وعكس ذلك ألاحظ التفافا حول مشروع 23 يناير 2010 الذي أعلنت عنه الحركة التصحيحية، وهناك بعض المناضلين لديهم ملاحظات ومؤاخذات بعضها مشروع وبعضها ينبغي الإنصات له والتحاور مع أصحابه وفتح جميع القنوات للنقاش والتداول الحزبي لكن أغلبية التجمعيين ملتفة حول مشروع الحركة التصحيحية بقيادة صلاح الدين مزوار. ما هي طبيعة العلاقة التي تربط حزب التجمع الوطني للأحرار بالأحزاب الأخرى خصوصا وأن هناك لبسا يثيره علاقتكم بحزب الأصالة والمعاصرة؟ أؤكد التزام التجمع الوطني للأحرار بالأغلبية الحكومية وهناك تصريح حكومي يعتبر برنامجا للحكومة التي يوجد من بين أعضائها مناضلون بالتجمع الوطني للأحرار ونحن ملتزمون بالأهداف وندافع عنها في إطار التضامن الحكومي ونتحمل مسؤوليتنا كاملة في هذا المجال وما زلنا أوفياء لهذا الالتزام، ومن جهة أخرى فإن للتجمع علاقات مع باقي الأحزاب السياسية بمن فيها تلك التي توجد في المعارضة وتربطنا علاقات متميزة مع الاتحاد الدستوري وقد كونا معه فريقين مشتركين في البرلمان نظرا لأنه يجمعنا به الفكر الليبرالي الاجتماعي كما أن علاقتنا بالأصالة والمعاصرة جيدة ويطبعها خدمة الصالح العام. راجت معلومات عن تبرم صلاح الدين مزوار من المسؤولية وإمكانية انسحابه من رئاسة الحزب؟إن إعلان صلاح الدين مزوار عن مؤتمر الحزب يكذب كل هذه الإشاعات فهذا الإعلان تأكيد على تحمله للمشروع الذي جاءت به الحركة التصحيحية وهو المشروع المنبني على الانفتاح وفتح المجال أمام الجميع في بناء صرح الديمقراطية وهذه الإشاعات هي تشويش مفتعل من بعض الأطراف أما مزوار فوفي لالتزاماته.