نعرف أن إسرائيل معادية للحق العربي، ونعرف أن إسرائيل تمارس إرهاب الدولة وتقتل الفلسطينيين كل وقت وحين، ونعرف أن إسرائيل تقوم بتهويد معالم القدس وتحويلها من مدينة السلام إلى مدينة الكراهية والحقد، ونعرف أن إسرائيل تضرب بعنف سفن فك الحصار على غزة وقتلت دعاة السلام ونعرف أن إسرائيل تفرض حصارا خطيرا على قطاع غزة وتمنع دخول المساعدات الدولية ونعرف أن إسرائيل هاجمت جنوب لبنان ودمرته وهاجمت غزة وقتلت أبناءها لكن مع ذلك ينبغي أن نعرف شيئا آخر مهم جدا في معرفة العدو، ألا وهو أن الإسرائليين في دولتهم يمارسون الديمقراطية وأن إسرائيل دولة ديمقراطية يخضع كل أبنائها للقانون. داخل إسرائيل، الدولة القمعية في الخارج الدولة الديمقراطية في الداخل نشر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو راتبه الذي يتقاضاه عن منصبه الحكومي على شبكة (فيس بوك) الاجتماعية، ليثبت للشعب أن دخله الشهري ليس كبيرا كما يعتقد الكثيرون منهم. وفي قرار غير مسبوق، أمر نتنياهو الموظفين بمكتبه أن يعلنوا راتبه على شبكة (فيس بوك)، والذي زاد وفقا لما نشر إلى 43 ألف و953 شيكل (نحو تسعة آلاف و515 يورو) شهريا في دجنبر الماضي. ويخصم من ذلك المبلغ سلسلة من النفقات والضرائب التي زادت إلى 24 ألف و500 شيكل شهريا (خمسة آلاف و304 يورو) ويدخل في حسابه المالي صافي (15 ألف شيكل ثلاثة آلاف و247 يورو). في إسرائيل لا أحد يتهرب من الضرائب ومن يتهرب من أدائها يتم تتريكه وتقديمه للمحاكمة ويؤدي تبعات تهربه ومن يرتكب جرما يعاقب عليه دنا أو علا شأنه، في إسرائيل الموظف كان وزيرا أو غفيرا يؤدي رسالة إسرائيل والتزاماته تجاه شعبه. إن ديمقراطية إسرائيل تفرض علينا، نحن الذين نلعنها يوميا، إعادة النظر في سلوكاتنا وتصرفاتنا ونحن مخولون لأخذ الحكمة من أي مصدر جاءت. راتب نتنياهو ومحاكمة وزراء ومسؤولين هي حكمة قادمة من ديمقراطية إسرائيل القمعية تجاهنا. علينا أن نتساءل كم يتقاضى الوزير الأول عندنا وهل يقوم بالدور نفسه الذي يقوم به نظيره الإسرائيلي؟ طبعا هناك فرق شاسع ففي إسرائيل يتقاضى الوزير الأول راتبا هزيلا رغم أنه مجند لخدمة إسرائيل ليل نهار على عكس الوزير الأول عندنا الذي يتقاضى راتبا ضخما ويؤدي عملا ضئيلا ويقضي جل أوقاته في التفكير في الطريقة التي يبقى بها حزبه مسيطرا ولا يعنيه موضوع خدمة الشعب والدولة. منصب الوزير الأول عندنا يدخل في خانة نهج السيرة وعندهم يدخل في خانة الخدمة. عندنا تشريف وعندهم تكليف. عندهم الوزارة وزر وعندنا وزرات وتباهي. أليست الدولة القمعية أفضل منا؟ ألسنا نحن دولة ديمقراطية لكن التربية الحزبية لم تخرج مناضلين بل خرجت متهافتين على المناصب؟ إن الدرس الذي قدمه الوزير الأول الإسرائيلي كفيل بأن يستفزنا ونتمنى أن يستفز عباس الفاسي الوزير الأول ويعطي هو بدوره تعليماته لنشر راتبه الشهري وتعويضاته والضرائب التي يؤدي على الشبكة الاجتماعية الفايسبوك.