قدم وزير الداخلية مولاي الطيب الشرقاوي خلال لقاء إعلامي مشترك مع الفاسي الفهري وزير الشؤون الخارجية والتعاون حضره حشد كبير من وسائل الإعلام الوطنية والدولية الحكاية الكاملة لما وقع في مدينة العيون منذ التعبير عن المطالب الاجتماعية ومرورا بالحوار بين الدولة ولجنة مخيم إيزيك ثم تفريق المخيم،وبعدها أحداث الشغب التي شهدتها المدينة والتي كبدت المنشات العامة والخاصة وقوات الأمن خسائر كبيرة بسبب الإرادة في حماية المدنيين من الملشيات وأعداء الوحدة الترابية.. فيما يلي العرض الكامل لوزير الداخلية. يوم 10 أكتوبر 2010 قامت مجموعة من سكان مدينة العيون بمنطقة الفطحة على بعد 15 كلم في الطريق المؤدية إلى السمارة بنصب خيام (سميت "مخيم أكديم إزيك") للتعبير عن مطالب اجتماعية تتعلق خصوصا بالسكن والتشغيل والاستفادة من بطائق الإنعاش الوطني. وأمام هذا الوضع، كانت السلطات العمومية أمام خيارين : التدخل لمنع قيام هذا المخيم أو السماح للمواطنين بالتعبير عن مطالبهم الاجتماعية. وقد تم اختيار نهج الطريقة الثانية في التعامل مع هذا الوضع، على أساس أن هذه المطالب تدخل في خانة حرية التعبير، شريطة ألا تمس بالأمن والنظام العامين، وأن السبيل الوحيد لمعالجة هذه الإشكالية هو الحوار البناء والمسؤول. هذا، وقد كان المخيم مفتوحا، حيث ظل التنقل منه وإليه دون عراقيل من طرف السلطات العمومية. الحوار..ظروفه ونتائجه وانطلاقا من هذا الاختيار ومنذ العاشر من شهر أكتوبر الماضي، تم فتح حوار مع ما سمي ب"تنسيقية المخيم"، ضمن سلسلة جلسات بداية مع والي العيون ثم مع ثلاثة ولاة كلفهم وزير الداخلية بالانتقال إلى العيون بغية تلقي مطالب الأشخاص المتواجدين بالمخيم وتقديم الحلول اللازمة لها، وقد كانت هذه اللقاءات شبه يومية. وبناء على نتائج الحوار، واستجابة لمطالب "تنسيقية المخيم"، تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات تتمثل فيما يلي: 1 فتح مكاتب بولاية العيون ومقاطعاتها لتسجيل المطالب الاجتماعية لفائدة الساكنة ذات الاحتياجات؛ 2 دعوة شيوخ القبائل لحث ساكنة المخيم، خاصة من قام بتسجيل مطالبه أو تمت الاستجابة لها، بإخلاء المخيم. 3 إحداث لجنة ثلاثية تضم كلا من ممثلي السلطات المحلية و"تنسيقية المخيم" وشيوخ القبائل والمنتخبين والمجتمع المدني، عهدت إليها مهمة النظر في المطالب الاجتماعية وفق المعايير المحددة، والتي تتجلى في المساواة والاستحقاق والشفافية. غير أن هذه اللجنة لم يتم تشكيلها لتنصل أعضاء "تنسيقية المخيم" من الوفاء بالتزاماتهم. وفي هذا السياق، انتقل وزير الداخلية إلى مدينة العيون مرتين: بتاريخ 29 أكتوبر 2010 حيث اجتمع مع الشيوخ والأعيان والمنتخبين بمدينة العيون قصد تدارس الوضع. كما عقد طيلة أيام 3 و4 و5 نونبر 2010 سلسلة اجتماعات مع الشيوخ والأعيان والمنتخبين، وأجرى حوارا مع تنسيقية المخيم أفضى إلى اتفاق حول جميع المطالب، وأعطى الوزير أمره بالإسراع في تنفيذها، ويتعلق الأمر بالإجراءات التالية : 1 توزيع بطائق الإنعاش الوطني على العجزة والمرضى وذوي العاهات. 2 الالتزام بالتوظيف بالوظيفة العمومية لفائدة حاملي الشهادات العليا حسب الاستحقاق. 3 إجراء القرعة الأولى للاستفادة من 600 قطعة أرضية مجهزة وتوزيعها على الأرامل. 4 إجراء قرعة ثانية قبل نهاية شهر نونبر 2010 لاستفادة باقي الأرامل والمطلقات من الأراضي المجهزة. 5 التزام الإدارة بتقديم بقعة أرضية لمن لا سكن له وتتوفر فيه معايير الاستحقاق، مع دعم المستفيدين من هذه البقع الأرضية وذلك من خلال تمكينهم من التصاميم الهندسية وأداء واجبات الحصول على رخص البناء، ومساعدة مالية قصد الشروع في البناء. 6 توظيف الأشخاص الحاصلين على شهادة الباكالوريا أو ما دونها حسب الإمكانيات والاستحقاق وفق ما هو معمول به قانونا. وبناءً على ما تم تحقيقه، اقترح الوزير على "تنسيقية المخيم" تحرير محضر يحدد التزام كل طرف في إطار تام من الشفافية وروح المسؤولية. وقد طلبت "تنسيقية المخيم" منحها مهلة للتشاور بخصوص مضمون المحضر. إلا أنه بعد المشاورات التي قامت بها صرحت بعدم قبولها توقيع هذا المحضر، مبررة ذلك بوجود الثقة الكافية بينها وبين السلطات العمومية. وقد تقرر آنذاك دخول الإدارة إلى المخيم لضبط الإحصاء قصد الاستجابة للمطالب الاجتماعية في عين المكان. على إثر ذلك، تم إحداث لجنة ثلاثية مكونة من السلطة المحلية وشيوخ القبائل و"تنسيقية المخيم" قصد مباشرة مهمة التنفيذ الفوري لمطالب الساكنة حسب المعايير المتفق عليها. وفي هذا الإطار، انتقل يوم 5 نونبر 2010 في الساعة 10 صباحا والي جهة العيون مرفوقا بواليين من الإدارة المركزية رفقة بعض الشيوخ والمنتخبين إلى المخيم قصد الشروع في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين وزير الداخلية و"تنسيقية المخيم" وذلك لتدقيق إحصاء الساكنة والاستجابة لمطالبها ومباشرة تفكيك المخيم. وقد اعترضت هذا الوفد ميلشيات مكونة من عناصر ملثمة منعته من الولوج إلى المخيم وطلبت منه العودة إلى حين وصول أعضاء من "تنسيقية المخيم". وبعد انتظار تجاوز الثلاث ساعات، حضر خمسة أعضاء من "تنسيقية المخيم" وأخبروا الوفد بضرورة الانتظار إلى حين وصول كافة أعضاء تنسيقية المخيم، وهو ما لم يتم. وتجدر الإشارة إلى أنه كلما تقدم الحوار إلا وتنصلت "تنسيقية المخيم" من الالتزام بما تم الاتفاق عليه، حيث تنتقل إلى مرحلة جديدة بهدف استفزاز القوات العمومية ودفعها للقيام بتدخلات قد تؤدي إلى انزلاقات ووقع ضحايا بين المواطنين، وهو ما تم تفاديه من طرف السلطات التي تشبثت بأسلوب الحوار. وقد توصلت السلطات العمومية بمعلومات بخصوص تقييد حرية صحافيين أجنبيين (جون أفريك ورويتز) واستنطاقهم من طرف مليشيات أصبحت تتحكم في المخيم ،ومنع صحافيين مغاربة وأجانب من ولوج المخيم، وممارسة التهديد والعنف المادي والنفسي تجاه المتواجدين به، خاصة منهم الشيوخ والنساء والأطفال قصد منعهم من مغادرة المخيم، أو إزالة خيامهم، وذلك في الوقت الذي كانت تباشر فيه عملية دراسة جميع الملفات الاجتماعية والاستجابة لها. وقد اتضح فيما بعد من خلال المعطيات المتوفرة أن المخيم يضم عدة فئات تتشكل من أشخاص ذوي الحاجة والمهربين وأصحاب السوابق القضائية، إضافة إلى فئة الانتهازيين الذين أحكموا جميعهم قبضتهم على ساكنة المخيم وأصبحوا يتعاملون بنية مبيتة تجاه ممثلي السلطة العمومية لإجهاض الحوار. وهكذا تبين أنه لم تكن لهذه العناصر أية إرادة للتوصل إلى حل أو اتفاق، رغم الاستعداد الذي عبرت عنه السلطات العمومية للاستجابة الفورية لمطالب الساكنة المحتاجة، الأمر الذي دفع بها إلى التدخل قصد وضع حد لهذه الوضعية غير القانونية وتوفير الحماية لقاطني المخيم الذين أصبحوا رهائن بيد عصابة إجرامية ومجموعة انتهازية مجندة لخدمة أجندة سياسية خارجية. عملية التدخل ليوم 8 نونبر 2010:أمام هذا الوضع، وبعدما استنفذت كل مساعي الحوار الجاد لإيجاد حل لوضع غير مقبول قانونا، تقرر التدخل لحماية سلامة وأمن المواطنين وفرض احترام القانون والنظام العام، وتحرير ساكنة المخيم. وقد تعرضت قوات الأمن المشكلة من عناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة التي تدخلت بشكل سلمي لمواجهة عنيفة من طرف مليشيات قامت بالاعتداء عليهم مستعملة الحجارة والزجاجات الحارقة وقنينات الغاز والسلاح الأبيض. وتجدر الإشارة إلى أنه قد تم إخلاء المخيم في أقل من ساعة، وتم توفير الحماية اللازمة لتمكين الساكنة من الخروج منه وفرض الأمن والنظام العام. وقد أسفر هذا التدخل عن جرح أربعة أشخاص في صفوف المدنيين، ووفاة تسعة أفراد من القوة العمومية من بينهم عنصر ينتمي إلى الوقاية المدنية، وجرج 70 من القوات العمومية، من بينهم من أصيبوا إصابات بليغة. وعلى إثر ذلك، قامت هذه المليشيات بنقل المواجهات إلى مدينة العيون، حيث قامت بإضرام النار في المنشآت والممتلكات العمومية وإلحاق أضرار بممتلكات الغير ومحاولة إضرام النار في مقر قناة العيون. وقد قامت القوات العمومية بمواجهة هذه الأحداث بالوسائل المعمول بها في المظاهرات السلمية رغم تعرضها للاعتداء والعنف من طرف هذه المليشيات التي استعملت الرشق بالحجارة والقنينات الحارقة وقنينات الغاز والسلاح الأبيض، وهو ما تسبب في سقوط ضحية أخرى من أفراد القوة العمومية، وبذلك يصبح عدد أفراد القوة العمومية الذين استشهدوا عشرة وجرح العديد منهم إصابة بعضهم خطيرة. كما توفي في نفس اليوم مدني واحد عندما صدمته سيارة بأحد شوارع مدينة العيون الذي كان يشهد أحداث شغب. وقد أمر الوكيل العام للملك بإجراء بحث قضائي في هذه النازلة. وتم تسجيل وفاة مدني ثان بالمستشفى على إثر التهاب رئوي حاد حسب تقرير الطب الشرعي. وتجدر الإشارة إلى أن تدخل القوة العمومية بكل من مخيم أكديم إيزيك وبعده بمدينة العيون، قد تم دون إطلاق أية رصاصة، وقد كانت القوات العمومية في وضعية صعبة تقوم بالدفاع عن النفس وهو ما تسبب في وقوع هذه الخسائر البشرية المؤلمة في صفوفها. هذا وفي مرحلة أولى تم تقديم 77 عنصرا أمام العدالة أحيل ستة منهم على المحكمة العسكرية و64 على ذمة التحقيق، في حين قرر الحفظ في حق 7 أفراد. وتجدر الإشارة إلى أن 13 عضوا من بين هؤلاء لهم سوابق قضائية. وفي مرحلة ثانية، أوضح بلاغ للسيد الوكيل العام للملك بالعيون بتاريخ 13 نونبر 2010، أنه تمت إحالة 36 عنصرا آخرين على المحكمة، من بينهم 20 عنصرا لهم سوابق قضائية، وبذلك يصل عدد الأشخاص ذوي السوابق القضائية إلى 33. وقد خلفت هذه الأحداث أضرارا بمجموعة من المصالح والمنشآت العمومية والخاصة تتجلى فيما يلي: الإدارات العمومية : 18 الدوائر والملحقات الإدارية : 15 المؤسسات التعليمية : 4 الأبناك: 9 الشركات: 4 وكالات الأسفار : 2 وكالات تحويل الأموال : 3 التعاونيات : 4 المحلات التجارية والمخادع الهاتفية: 31 الصيدليات : 2 النوادي : 1 كما مست هذه الأضرار الممتلكات الخاصة ل144 شخصا.