قضايا الصحراء والمخدرات والإرهاب وتحيز الإعلام تسيطر على مباحثات وزيري خارجية المغرب وإسبانيا سيطرت مواضيع الصحراء والمخدرات ومكافحة الإرهاب والعلاقات الثنائية وتحيز وسائل الإعلام الإسبانية ضد المغرب في معالجته لملف الصحراء، على المباحثات التي جرت بين وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري، ونظيرته الإسبانية ترينيداد خيمينيث، أول أمس الأربعاء بمدريد. وأكد المغرب وإسبانيا في ندوة صحفية مشتركة عقدت عقب تلك المباحثات، على ضرورة التوصل إلى «حل واقعي ومتفاوض بشأنه» حول قضية الصحراء. وشدد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الطيب الفاسي الفهري ونظيرته الاسبانية ترينيداد خيمينيث على أهمية دعم المجهودات المبذولة في إطار الأممالمتحدة من أجل التوصل إلى «حل سياسي متفاوض بشأنه» حول قضية الصحراء. وشددت وزيرة الشؤون الخارجية الاسبانية على أن «موقف بلادها من النزاع حول الصحراء لم يشهد أي تغيير يذكر خلال السنوات الأخيرة» معتبرة أن الأساسي هو التوصل إلى اتفاق بين الأطراف المعنية بالنزاع يمكن من إيجاد حل نهائي لهذا النزاع. وأكدت أن بلادها التي دعمت دوما قرارات الأممالمتحدة حول الصحراء ستواصل مرافقة الأطراف المعنية من أجل التوصل إلى حل سياسي مقبول ومتفاوض بشأنه من قبل الأطراف. وأبرزت رئيسة الدبلوماسية الاسبانية أن بلادها تعمل في إطار «مجموعة أصدقاء الصحراء» على مرافقة الأطراف لمساعدتها على البحث عن «حل عادل ودائم ومتفاوض بشأنه طبقا لقرارات الأممالمتحدة». ومن جهته أكد الطيب الفاسي الفهري على أهمية مرافقة المجهودات المبذولة في إطار الأممالمتحدة وذلك بالأخذ بعين الاعتبار قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حتى يتم تحقيق تقدم يمكن من التوصل إلى حل سياسي متفاوض بشأنه لقضية الصحراء المغربية. وجدد الفاسي الفهري التأكيد على استعداد المغرب للتفاوض في إطار الأممالمتحدة بشأن «اتفاق واقعي ومتفاوض بشأنه طبقا للقانون الدولي»، داعيا إلى تحسيس جميع الشركاء بالمنطقة بضرورة إيجاد حل لهذه القضية التي تعتبر عاملا يحول دون تحقيق الاندماج الاقتصادي بمنطقة المغرب العربي. وأبرز أن «المغرب العربي يعتبر ضرورة اقتصادية وأمنية ورغبة شعبية» مؤكدا أن المغرب برهن على «حسن النية» عندما تقدم بمقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية الذي حظي بترحيب المجموعة الدولية ومجلس الأمن. كما جدد المغرب وإسبانيا التأكيد على إرادتهما المشتركة لتعزيز العلاقات الثنائية وعزمهما على دعم التعاون وتكثيف الحوار الدائم والمثمر لما فيه المصالح المشتركة للبلدين. وأبرز الطيب الفاسي الفهري ونظيرته الاسبانية خيمينيث عزمهما على ترسيخ العلاقات الثنائية في مختلف المجالات. وشددت ترينيداد خيمينيث خلال ندوة صحفية في ختام هذا اللقاء على «متانة العلاقات التي تجمع بين المغرب وإسبانيا» معلنة أنها ستقوم قريبا بزيارة إلى المغرب. وأبرزت خيمينيث أن العلاقات التي تجمع بين إسبانيا والمغرب تتسم ب»مزيد من العمق والمتانة» في العديد من المجالات وذلك بفضل «العزيمة المشتركة التي تحذو البلدين من أجل الارتقاء بعلاقات التعاون الثنائية» مضيفة أن البلدين تمكنا من وضع إطار مستقر للتعاون وحسن الجوار. وأشارت رئيسة الدبلوماسية الاسبانية إلى أن المباحثات التي أجرتها مع الطيب الفاسي الفهري تناولت الاجتماع الاسباني المغربي من مستوى عال المزمع عقده في الربيع المقبل بالإضافة إلى عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك التي تهم بالخصوص التعاون الثقافي والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي. وأبرزت أن المحادثات تناولت أيضا سبل تعزيز العلاقات بين المجتمع المدني بالمغرب وإسبانيا ووضعية الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا والتعاون الثنائي في مجال محاربة الإرهاب وترويج المخدرات والهجرة غير الشرعية. ومن جهته، أكد الطيب الفاسي الفهري أنه تم التأكيد خلال هذا اللقاء على أهمية تعزيز علاقات التعاون مع إسبانيا في مختلف المجالات مذكرا بالحوار «المستمر» و»المكثف» الذي يجمع بين المغرب وإسبانيا على جميع المستويات خلال الست سنوات الأخيرة مما ساهم في تدبير بعض الأحداث بالإضافة إلى إنجاز العديد من المبادرات المشتركة سواء على المستوى الأورومتوسطي أو الأوروإفريقي. وقال الطيب الفاسي الفهري «إذا تمكن المغرب وإسبانيا من خلق هذه الشراكة على ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط فإن ذلك سيكون نموذجا متميزا بالنسبة لمجموع طموحاتنا الأورومتوسطية». وبخصوص القضايا التي تم تناولها خلال هذه مباحثاته مع ترينيداد خيمينيث أكد الفاسي الفهري أن تم التطرق إلى الزيارة المقبلة لرئيسة الدبلوماسية الاسبانية إلى المغرب وإلى الزيارة التي سيقوم بها وزير الداخلية الطيب الشرقاوي إلى إسبانيا بالإضافة إلى الاجتماع المغربي الاسباني من مستوى عال المرتقب انعقاده خلال فصل الربيع القادم وعدد من الاتفاقيات الثنائية الجاهزة التي سيتم التوقيع عليها. وأشار إلى أن المغرب وإسبانيا بلدان محكوم عليها بالتفاهم لإنجاز مشاريع مشتركة مذكرا في هذا الصدد بأن البلدين حققا خلال الست سنوات الأخيرة العديد من الأشياء سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي أو بخصوص عدة قضايا تتسم بحساسية كبيرة. ومن جهة أخرى، أكد الطيب الفاسي الفهري على ضرورة تعزيز التعاون بين المغرب وإسبانيا من جهة وبين المغرب والاتحاد الاوروبي من جهة أخرى للتصدي للتهديدات الامنية التي تواجهها المنطقة. وشدد الطيب الفاسي الفهري على أن المغرب وإسبانيا مدعوان إلى تكثيف التعاون في مجالات الأمن والاستقرار ومحاربة المخدرات والإرهاب. وأبرز وزير الخارجية أنه «ليس بمقدور أي بلد لوحده مواجهة جميع هذه المشاكل والتحدي لهذه التهديدات الدولية». وفي هذا الصدد عبر رئيس الدبلوماسية المغربية عن انشغال المغرب الشديد بشأن ترويج المخدرات القوية والكوكايين القادمة من أمريكا اللاتينية على متن طائرات وبواخر وغواصات إلى غرب إفريقيا قبل أن يتم تحويلها إلى أوروبا مبرزا «الارتباطات القائمة اليوم بين ترويج المخدرات القوية والشبكات الإرهابية في جميع أنحاء المنطقة». وأكد أنه يتعين تعزيز العمل الذي يقوم به الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء بالاتحاد مشيرا إلى أن المغرب يواصل مجهوداته الجبارة في هذا المجال. وذكر الفاسي الفهري بالمجهودات الجبارة التي يبذلها المغرب في مجال تدبير تدفقات الهجرة غير الشرعية داعيا في هذا الصدد إلى تعزيز علاقات التعاون في هذا المجال. من جانب آخر، أعرب الطيب الفاسي الفهري عن أسفه للطريقة التي تتعامل بها بعض وسائل الاعلام الاسبانية بشأن كل ما يتعلق بالمغرب وبصحرائه، مفضلة «تحريف» الحقائق و»تسميم» العلاقات بين المغرب وإسبانيا. وأكد الفاسي الفهري أنه عوض الحديث عن العلاقات الجيدة التي تجمع بين المغرب وإسبانيا والمساهمة في خفض التوتر الذي قد يحدث من وقت لآخر بين البلدين الجارين تعمل بعض وسائل الإعلام الاسبانية على «تشويه حقائق المغرب والنزاع الجهوي حول الصحراء المغربية». وأبرز أن «المغرب الذي انخرط في القيم الحديثة يتطور ويتغير. لكن بعض وسائل الإعلام الاسبانية ترفض أن ترى هذا المغرب»، متسائلا في هذا الصدد عن هذا الإصرار الواضح لبعض وسائل الإعلام الاسبانية على الإضرار بالمغرب. وقال وزير الشؤون الخارجية والتعاون «لطالما نقرأ سوى الاشياء السلبية والمشوهة حول المغرب وحول النزاع حول الصحراء فإنه من حقنا أن نطرح تساؤلات» بهذا الخصوص. وأشار إلى أن «وسائل الإعلام الاسبانية لا ترى، للأسف، سوى الأشياء السلبية والمشوهة حول المغرب دون تقدير التحولات التي تشهدها المملكة». وأكد أن لوسائل الاعلام الاسبانية دورا «أساسيا في تعزيز العلاقات بين البلدين» لكنها لا تضطلع للأسف بهذا الدور. وفي هذا الإطار، نبه وزير الشؤون الخارجية والتعاون بشكل صريح ب «تجاوزات البعض الذين يدعون أنهم خبراء في قضايا المغرب العربي أو الصحراء الذين يخلطون ما بين رغباتهم والواقع، والذين عندما يوجه المغرب يده إلى السماء وهي سماء غائمة في المنطقة الأورومتوسطية فإنهم لا يرون سوى اليد التي تشير إلى السماء». كما اتهم الفاسي الفهري في هذا الصدد بعض الصحافيين الإسبان بالتضليل بسبب عدم إلمامهم بالنزاع حول الصحراء. وقال الفاسي الفهري للصحافيين الإسبان الذين حضروا لتغطية هذه الندوة الصحافية «أتحداكم إن وجدتم في قرارات مجلس الأمن كلمة استفتاء». وأوضح أن ما تتضمنه هذه القرارات «دعوة من أجل إيجاد حل سياسي متفاوض بشأنه على اعتبار المجهودات التي بذلها المغرب منذ سنة 2006 في إطار روح من الواقعية والتوافق مما يضمن الحق في تقرير المصير» وذلك في معرض تعقيبه على صحافية إسبانية أشارت إلى أن الاستفتاء يشكل الحل الوحيد للحق في تقرير المصير. وأكد الطيب الفاسي الفهري أن التناول الإعلامي الذي خصصته بعض وسائل الإعلام الاسبانية للخيام التي نصبها مواطنون صحراويون للتعبير عن مطالب اجتماعية محضة «تتسم بالتضليل». وقال إن وسائل الاعلام الاسبانية فضلت تجاهل حقيقة مفادها أن المغرب اختار الحوار لحل هذا المشكل, وهو الحوار الذي يندرج في إطار مبادئ المغرب الجديد الذي يتغير ويتطور. وأضاف أن الصحافة الاسبانية اختارت أيضا التضليل نفسه لدى تقديمها لأرقام خاطئة عن عدد الاشخاص الموجودين بهذه الخيام والحديث عن حصار حقيقي مفروض من قبل السلطات المغربية في هذا المخيم الذي يتم مع ذلك تزويده بالمواد الغذائية والمياه وحيث يمكن لهؤلاء المواطنين الدخول إليه والخروج منه بسهولة. وشدد وزير الشؤون الخارجية والتعاون على أن هذه الخيام التي تم نصبها خارج مدينة العيون تشكل تعبيرا عن مطالبات اجتماعية محضة مماثلة لتلك الاحتجاجات التي تتم في العديد من البلدان الديموقراطية مضيفا أن السلطات المغربية تتعامل مع هذا المخيم غير القانوني الذي لا يتوفر على ترخيص من خلال الحوار. وأبرز أن «المغرب يؤمن بفضائل الحوار ونعتقد أنه ينبغي دراسة هذه المطالب» لكنه أكد أن هذه الحقيقة لا تنشرها وسائل الاعلام الاسبانية. وفي معرض تقديمه لمثال آخر حول التناول الإعلامي غير المتوازن لوسائل الإعلام الاسبانية لكل شيء يتعلق بالمغرب وبقضية الصحراء ,أعرب الطيب الفاسي الفهري عن اندهاشه عن «عدم وجود أية تغطية إعلامية ولا أية تعبئة في الصحافة الاسبانية لاختطاف مصطفى سلمة ولد سيدي مولود من قبل ميليشيات البوليساريو ولا عن مصير شخص عبر عن تأييده للمبادرة المغربية حول الحكم الذاتي». كما تساءل وزير الشؤون الخارجية والتعاون عن الأسباب وراء عدم تطرق وسائل الإعلام الاسبانية على وضعية فريدة من نوعها في مخيمات تندوف التي تعتبر «المخيمات الوحيدة في العالم التي يتم فيها رفض دخول المفوضية العليا للاجئين من أجل إجراء تعداد للسكان وإجراء مقابلات فردية مع هؤلاء الأشخاص حول ما إذا كانوا يريدون البقاء في المخيمات أو العودة إلى بلدهم» مؤكدا أن «ذلك يبدو أنه لا يهم بعض وسائل الإعلام الاسبانية».