قال عبد اللطيف وهبي، المحامي بهيئة الرباط، إن القضاء ليس سلطة موضحا في حوار مع "النهار المغربية" أن السلط التي تتم عن طريق الانتخاب وحددها في السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأكد وهبي أن "نظامنا القضائي لا يملك نسقا تشريعيا واضحا ومفهوم استقلال القضاء يتوزع بين ذلك التحفظ المطلق والشعبوية المطلقة" وأشار إلى أنه "لايمكن أن نختزل استقلال القضاء في ضرورة غياب وزير العدل عن المجلس الأعلى للقضاء هل حضوره أو غيابه هو الذي يضمن هذه الاستقلالية". وعبر وهبي عن تخوفه مما قاله وزير العدل من كونه سيقدم مجموعة من مشاريع تتعلق باصلاح العدالة وقال وهبي "ان هذه المشاريع التي أنجزت في دهاليز وزارة العدل تمت في إطار جهاز العدالة بمشاكله وسلبياته، أي من طرف جهاز يراد إصلاحه،وأعتقد أنه كان على وزير العدل أن ينتظر قليلا لا أن يفتح أرشيف وزارة العدل ويبعثه للبرلمان بدعوى الإصلاح، وهذا مخالف لرؤية جلالة الملك الذي يريد أن يفتح نقاشا واسعا من خلال تلك الهيئة المزمع تكوينها". وأوضح "أن هذه الهيئة من المفروض أن تكون هي بوصلة إصلاح العدالة لا أن تأتي كنتيجة لإصلاح العدالة حتى لا تكون هذه الهيئة ملزمة بمشروع لم تشارك في تهيئته،ولم تعط رأيها فيه وتصبح خارج الدور الذي يفترض أن يرسم لها وهي أن تكون المكلفة بإدارة هذا الإصلاح لامتداده في الزمن وتشعبه في الموضوع وحتى لا يصبح الإصلاح رهينة بين يدي وزراء يتعاقبون على كرسي الوزارة". وانتقد وهبي بشدة الودادية الحسنية للقضاة معتبرا أنها "تعيش مأزقا نتيجة نظامها القانوني الذي لا يسمح لها بالتحرك وفقا للمطلوب منها كمؤسسة تمثيلية وقطاعية فهي تضيع بين الاهتمام بالقضايا الاجتماعية للقضاة وبين إنجاز بعض الأنشطة الثقافية التي لا ترقى في جل الأحيان إلى مستوى الدور المفروض أن يتوفر فيها" مؤكدا أن القول بتطابق رؤيتها مع ما جاء في الخطاب الملكي نوع من الخيال مشددا على أن الودادية لم تعد لها المشروعية القانونية لأنها لم تعقد جموعها العامة، ولم يفوت وهبي الفرصة ليؤكد على دورها في ورش إصلاح القضاء. وفيما يلي نص الحوار : ماهي هي ردود فعلكم الأولية على فتح ورش إصلاح العدالة الذي جاء به الخطاب الملكي الأخير ؟ طبعا كمواطن وكقانوني أسعدني الخطاب كثيرا وانتظرته طويلا، لأن موضوع العدالة من أحد القضايا التي أشار إليها جلالة الملك عند اعتلائه العرش وفي أول خطاب ألقاه عند افتتاح السنة القضائية آنذاك داعيا إلى إصلاحه وتقويته، بل أشار في خطاب آخر إلى ضرورة خلق مصالحة بين القضاء والمواطنين لذلك كنت أنتظر طويلا الانطلاقة الرسمية للبداية في هذا الورش الذي هو إصلاح العدالة. هل تعتقدون أن إصلاح العدالة هو مشروع سيتم في إطار توافق وطني؟ إن أهم ما جاء به الخطاب هو أنه حول مشروع إصلاح العدالة إلى مشروع دولة وأشرك فيه الجميع الحكومة،المجتمع المدني، العاملين قي القطاع وأعتقد أن هذا يسير في الطريق الصحيح،لأن العدالة كانت دائما وأبدا مشروع دولة، وإصلاح العدالة يحتاج إلى مشروع مخطط طويل الأمد من حيث الزمان وإلى رؤية تكون شاملة لمفهوم الدولة وكيفية سيرها وإدارتها ولأن إصلاح العدالة هي مهمة دقيقة لكونها إعادة بناء إحدى المكونات الثلاثة للدولة،وذلك موضوع دقيق وشائك. أعلن وزير العدل أنه سيقدم مجموعة من مشاريع قوانين في إطار إصلاح العدالة. هذا ما يخيف لأن هذه المشاريع التي أنجزت في دهاليز وزارة العدل تمت في إطار جهاز العدالة بمشاكله وسلبياته، أي من طرف جهاز يراد إصلاحه،وأعتقد أنه كان على وزير العدل أن ينتظر قليلا لا أن يفتح أرشيف وزارة العدل ويبعثه للبرلمان بدعوى الإصلاح، وهذا مخالف لرؤية جلالة الملك الذي يريد أن يفتح نقاشا واسعا من خلال تلك الهيئة المزمع تكوينها خاصة وأن هذه الهيئة من المفروض أن تكون هي بوصلة إصلاح العدالة لا أن تأتي كنتيجة لإصلاح العدالة حتى لا تكون هذه الهيئة ملزمة بمشروع لم تشارك في تهيئته،ولم تعط رأيها فيه وتصبح خارج الدور الذي يفترض أن يرسم لها وهي أن تكون المكلفة بإدارة هذا الإصلاح لامتداده في الزمن وتشعبه في الموضوع وحتى لا يصبح الإصلاح رهينة بين يدي وزراء يتعاقبون على كرسي الوزارة. فإصلاح العدالة ليس هو أكلة سريعة على شكل " سندويتش "إذ أن إصلاحها يحتاج إلى مشروع يلاحق الأفق البعيد ويغير التصرفات ويتبنى مشاريع قوانين ويراقب سير تنفيذها وأعمالها لذلك أعتقد أن هذه الهيئة يجب أن تكون العمود الفقري لدينامية التفكير في عملية إصلاح العدالة. نشر في الجرائد الوطنية مقالا لرئيس الودادية،يصرح فيها أن هناك تطابقا بين ما جاء في الخطاب الملكي وما أعلنته الودادية، ما رأيكم؟ أسمحوا لي لقد تتبعت عمل الودادية منذ نشأتها إلى الآن ويمكن ملاحظة ما يلي : أولا : أن الودادية تعيش مأزقا نتيجة نظامها القانوني الذي لا يسمح لها بالتحرك وفقا للمطلوب منها كمؤسسة تمثيلية وقطاعية فهي تضيع بين الاهتمام بالقضايا الاجتماعية للقضاة وبين إنجاز بعض الأنشطة الثقافية التي لا ترقى في جل الأحيان إلى مستوى الدور المفروض أن يتوفر فيها والغريب في الأمر أن مسؤولي الودادية تقبلوا هذا الوضع لأنه يشكل بالنسبة إليهم وسيلة لتبرير عجزهم. ثانيا : أن الودادية لم تقدم إلى اليوم أي مقترح أو تصور لمفهوم إصلاح القضاء، بل هي تدور في ظل قضايا هامشية وجزئية لا ترقى إلى المستوى المطلوب، لذلك فإن القول بتطابق ما جاء في خطاب جلالة الملك وموقف الودادية هو من نسج الخيال؛ ففاقد الشيء لا يعطيه. ثالثا : أن الودادية أصبحت غير مشروعة لأنه كان من المفروض أن تنجز جموعها العامة منذ مدة ولكن لا حياة لمن تنادي، لذلكم فأنا لا أخذ بجدية تصريحات رئيس الودادية والتي أطلعت عليها،والتي أعتقد أنها نوع من الترشيح الذاتي لمواقع يعرفها هو شخصيا. هل يعني هذا أنه يجب استبعاد الودادية من مشروع إصلاح القضاء؟ أبدا حضور الودادية مسألة مصيرية ولكن على الودادية أن تعيد النظر في هياكلها وفي أجهزتها وأن تطرح تصورا عن العدالة في المغرب،وكيف يرون إصلاحها هم من خلال مواقعهم كممارسين، لأن القضاة المنضوين تحت لوائها هم من المعنيين الأساس ولكن حينما نريد أن نساهم في الإصلاح فيجب أن تكون في وضعية صالحة أولا حتى نكون المثل. لذلك فالقضاة تمثلهم الودادية رغم كل ما قلناه ومهمتهم هو أن يتحولوا إلى قوة إقتراحية من خلال أجهزة الودادية لا أن تتحول الودادية إلى مجرد وكالة إشهار لشخص ما إضافة إلى ذلك لماذا اكتفى الرئيس بكتابة مقال يعبر عن رأيه الشخصي،لماذا لم يقم بعقد اجتماع للودادية للتعبير عن هذا الموقف مؤسساتيا،وتقديم اقتراحات في الموضوع أم أن الذاتية تغلب دائما عن الرؤيا الشمولية والمصلحة العامة .غريب أمر هذه الودادية تجتمع لإنجاز الشكايات وإصدار بيانات تهم قضايا أفراد في حين لا يجتمعون لتدارس خطاب ملكي ربما العطلة أفضل أم أن الودادية تم تذويبها في شخص الرئيس. هل ستساهمون في دينامية النقاش حول إصلاح القضاء؟ طبعا سأشارك بصفتي محام ومتتبع. إذن كيف تصوركم لإصلاح القضاء؟ اسمحوا لي أنا لا أملك أجوبة لهذا الموضوع فهو موضوع معقد،وأتذكر أنه في السنة الماضية كنت أمام أحد المحامين الكبار بالمحكمة الجنائية الدولية وهو زميل وصديق وطلبت منه أن يعطيني درسا حول شكل وطبيعة سير المحاكمات أمام المحكمة الجنائية الدولية فقال لي أول نصيحة يجب أن أعمل بها هو أن أنسى كل ما أقوم به داخل نظامنا القانوني أي النظام الفرنسي الجرماني كذلك علي أن أنسى كل ما قرأته عن النظام الأنكلوفوني لأن المحكمة الجنائية الدولية تأخذ ما هو إيجابي في كلا النظامين فقضية العدالة هي قضية اجتهاد إنساني،وأعتقد أنه حان الوقت أن نتحرر من النموذج الفرنسي طبعا نستفيد مما هو إيجابي فيه ولكن نفكر في إنشاء تجربة وطنية من خلال ثقافتنا الوطنية والعربية الإسلامية،وكذلك الاستفادة من التجارب الدولية الأخرى، أن نملك نوعا من المصداقية في التعامل مع العدالة،وأن يكون ذلك مع نوع من الجرأة المحفوفة بنوع من الالتزام تجاه تجربة الماضي.وأن يكون هدفنا الوصول إلى المصلحة عندما نقرر بعيدا عن الرواسب التي نحملها وانتماءاتنا المهنية وخلافاتنا °° أينما كانت المصلحة فتم شرع الله°°. ونحن على المستوى الوطني نملك رصيدا إيجابيا يجب فقط استثماره وتطويره ونبحث عن حلول تساهم في استقلال القضاء من خلال إعطاء دور متوازن بين النيابة العامة وهيئة الدفاع من خلال إعادة النظر في الطبيعة القانونية لهذين الجهازين كذلك؛فالمسألة تفرض الدخول في تفاصيل والتفاصيل مملة و دقيقة و لكنها من مصلحة البلد. فنظامنا القضائي لا يملك نسقا تشريعيا واضحا ومفهوم استقلال القضاء يتوزع بين ذلك التحفظ المطلق والشعبوية المطلقة هذا الموضوع غارق في الشعارات ما معنى أن يختزل استقلال القضاء في ضرورة غياب وزير العدل عن المجلس الأعلى للقضاء هل حضوره أو غيابه هو الذي يضمن هذه الاستقلالية، وإذا تم تغييبه هل الذي ينوب عن جلالة الملك سيكون ضامنا لهذه الاستقلالية،وما هي الضمانات وكيف سيتوفر ذلك أم أن حضور وزير العدل مع تقييده هو الأفضل. إنها أسئلة دقيقة ومحرجة هل يجب مثلا أن نصف الجهاز القضائي بالسلطة ونحن ديمقراطيون ونعرف أن السلطة مصدرها الانتخاب ومشروعيتها الاختيار الشعبي،الجهاز التشريعي والتنفيذي سلطتان لأنهما منتخبتان أما القضاء في المغرب فيتم تعيينه فبأي حق ديمقراطي نصف من هو معين وفقا لشهادات مدرسية بكونه سلطة ،صعب جدا أن ندخل في تفاصيل في استجواب صحافي ولكن الموضوع ممتع وليس موضوع مزايدات أو شعارات؛ بل هو موضوع مصير نزاهة العدالة التي هي أساس الملك.وكذلك متفرع فهناك مثلا مسألة التوازن بين دور الدفاع ودور النيابة العامة وهو موضوع يخيف ذوي العقول المتحجرة كما أن هناك قضايا غالبا ما نصفها بالتفاصيل ولكن تؤثر بشكل مباشر قي العملية القضائية وتعرقل أي إصلاح ولا يهتم بها المهتمون بموضوع العدالة فالعدالة ليست قضية نظرية موضوع لذة فكرية،إنها أخطر من ذلك إنها حق إلاهي قي الأرض دعني أقول لك من أحد المواضيع المطروحة الآن هي قضية جودة العدالة وهي مرحلة نعتقد أننا لم نصل إليها بعد ولكن المؤسف هي أنها مرحلة أصبحت مفروضة علينا لأنها معيار آخر لتقييمنا أننا لا نعيش بعدالتنا وحدنا في هذا الكوكب.هل هذا يعني أن الموضوع يحتاج إلى سنوات؟ الموضوع يحتاج إلى إرادة كما يحتاج إلى نوع من النزاهة الفكرية وإذا خالفنا الموعد سنكون قد ارتكبنا جريمة في حق الوطن و في حق جيلين أو ثلاثة وسيقولون من يأتون من بعدنا إننا جيل فاشل ولا أتمنى أن يقول أبناؤنا عنا ذلك،وكذلك أن يشتغل المكلفون بالإصلاح وفقا لمبدأ " أينما كانت المصلحة فتم شرع الله".