لم يجد خالد كدار الكاريكاتيرست أدنى حرج وهو يصور للعالم عبر مجلة لوجورنال الأسبوع الماضي مواطنا مغربيا في الحج على شكل شيطان ترجمه الحجيج بالجمرات بدعوى حرية التعبير، وبنفس الحماس رفض الاعتذار عن سلوكه المشين تحت طائلة حرية الصحافة. وفي نفس الاتجاه أطلت علينا نفس المجلة صباح أمس برسم آخر يرجم فيه الناصري بالأحذية وكأنه مستعمر. لنقلب الصورة، ماذا لو أن خالد الناصري الذي يبقى مواطنا قبل كل شيء وصف خالد كدار بالشيطان.. عندها كان سيتحرك كل أولئك الذين يسترزقون بأسطوانات المنع وسينفضون الغبار عن مجلداتهم البالية وسيفتحون دكاكين للمتاجرة بالقضية وسيعرضون أنواعا مختلفة من السلع السريعة الاستهلاك من قبيل "عودة سيف المنع" و"إعدام حرية الصحافة بالمغرب" وقد يصل المطاف بفطاحلة اللغة الى القول :"وزير يعتدي على صحفي في واضحة النهار". في نفس الاتجاه، كانت ستجد نقابة الصحافيين نفسها مجبرة على التضامن مع هذا الرسام غير المنخرط في صفوفها، لكنه محسوب عليها بحكم المهنة، وبمبرر آخر وهو ان الناصري هاجم الشخص ولم يهاجم رسومه التي تبقى مجرد رأي يمكن مناقشته. بغض النظر عن الأشخاص ما لم ينتبه إليه كدار هو ان الرسم المذكور لا يندرج نهائيا في إطار حرية الصحافة لأنه يشكك في عقيدة مسلم من جهة ويسطو على حق من حقوق الإنسان، وهو حرية الاعتقاد، ثانيا ان الصورة المقدمة للعالم هنا هي مس صارخ بالدين الإسلامي وإساءة إليه وتطاول على المشاعر الوطنية لنا كمغاربة ندين بالإسلام والذي لا يحق لأحد التطاول عليه حتى لو كان كافرا. الخطير في رسم كدار هو أنه يهاجم رجلا ذهب إلى الحج في إطار ما يسمى شرعا ب"نيابة العبادة" والتي تعني باختصار (لمن لا يعرفونها) أن الناصري بوصفه رئيسا للبعثة الرسمية إلى الحج ذهب نيابة عن أمير المؤمنين ونيابة عن عموم الشعب المغربي من الذين لا يستطيعون إليه سبيلا. من مكر الصدف أن خالد الناصري الذي كان أقرب المقربين إلى المناضل والزعيم علي يعتة في زمن النضال ضد البصري الذي كان يجمع بين حقيبتي الداخلية والإعلام وناضل ضد المس بقدسية حقوق الإنسان وحرية الصحافة والرأي سواء على الواجهة النقابية أو الحزبية يجد نفسه اليوم أمام إعلام يهاجمه في شخصه ويقذفه في وقت كان هو كجزء من أحزاب الكتلة الديمقراطية وراء نسمة الانفتاح.. إنه الانفلات الإعلامي الذي لم يتوقعه الناصري وزملاؤه. إن احترام الناصري المواطن وليس الوزير يجد سندا له في الإسلام لمن يعترف بهذا الدين ويجد سندا له في الإعلان العالمي لحقوق الانسان لمن لا عقيدة له، وما قام به كدار رسم بليد يتطاول على الوطن من حيث كونه ارضًا ودينا وشعبا ويتطاول على الإسلام كدين عالمي.. إن الإساءة للناصري هنا إساءة لكل مسلم وليس مجرد إساءة لوزير. إن الذين ناضلوا من من أجل حرية الصحافة في المغرب وأولئك الذين دخلوا إلى السجن من أجل هذا الحق يجدون اليوم أنفسهم في مأزق حقيقي وهم يشاهدون أن الحرية التي ناضلوا من أجلها تم تبخيسها وتحولت إلى أداة لهتك أعراض الأشخاص بدل تكسير طابوهات السياسة والوقوف إلى جانب المجتمع في محنته.