جدد المؤرخ الاسرائيلي المثير للجدل شلومو ساند نفيه لوجود شعب يهودي خلال ندوة عقدت مساء الاثنين في اطار مهرجان "زمن الصور" في بروكسل حضرها جمهور ضم مثقفين عرب منهم الروائي اللبناني الياس خوري. واستقطب لقاء شلومو ساند الاستاذ في جامعة تل ابيب اهتماما لافتا قياسا بلقاءات اخرى جاءت في اطار المهرجان نفسه اذ نفدت التذاكر المخصصة للقاء واضطر المنظمون الى تزويد الحضور بمساند اسفنجية بعدما لم يبق اي كرسي شاغر في الصالة. وتحدث ساند عن كتابه "كيف اخترع الشعب اليهودي" الذي احدث ضجة كبيرة بعد نشره, مجددا نفيه وجود شعب يهودي معتبرا ان ذلك "اسطورة" قامت عليها دولة اسرائيل. وقال المؤرخ الاسرائيلي "الشعب اليهودي ات من الكتاب المقدس, بمعنى انه شيء خيالي تم اختراعه بمفعول رجعي", موضحا انه لم يعثر في مكتبة جامعة تل ابيب, التي تضم الاف الكتب, على اي كتاب تاريخ يتحدث عن نقطة اساسية في تاريخ اليهود, وهي ما يسمى تهجير اليهود من فلسطين او "السبي". وقال "هذا يعني انه لا اثبات لهذه النقطة الاساسية". واكد ساند الذي نشر كتابه في الولاياتالمتحدة الاميركية قبل اشهر انه لا يريد القول ان "الفلسطينيين هم اليهود الحقيقيون", كما يتهمه منتقدوه, لكنه اضاف "لكن الاحتمال ان يكون محازب حماس حفيدا لداود هو اكثر بكثير من احتمال كوني انا حفيدا له". واكد المؤرخ الاسرائيلي ان "دولة اسرائيل ولدت بفعل اغتصاب للمواطنين الاصليين سنة 1948", مضيفا "في حياتي لم اكن صهيونيا". وقد تجاوب الحضور مع حديثه الذي لم يخل من السخرية, بالضحك والقهقهة وبالتصفيق احيانا, كما انهم صاحوا مستنكرين عندما قال محاوره المؤرخ البلجيكي جون فيليب شرايدر, الذي بدا غير متفق معه, ان ساند يؤسس افكاره على افتراضات هامشية او انه يرى "كل شيء بمثابة مؤامرة". وكان بين الحضور مجموعة من المثقفين العرب, يقيم بعضهم في بروكسل فيما يشارك الاخرون في مهرجان "زمن الصور", ومنهم الروائي اللبناني الياس خوري الذي كان في كلمة له خلال مؤتمر عن بيروت نظمه المهرجان الاحد الى ان "شلومو ساند صديقي". وفي حديث مع وكالة فرانس برس اوضح الياس خوري ان ساند كان صديقا لصديقه الشاعر الراحل محمود درويش مضيفا "وعند العرب نقول صديق صديقك هو صديقك". وردا على سؤال قال خوري "في رأيي نحن نلتقي مع كل المثقفين, من اي مكان في العالم, اذا كانوا يؤمنون بالعدالة ويدافعون عن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ويشاركون في النضال ضد الصهيونية". وحول رأيه في الحظر المفروض على لقاء مثقفين اسرائيليين, حتى لو كانوا يساندون حقوق الشعب الفلسطيني تحت عنوان "رفض التطبيع مع اسرائيل" , قال الروائي اللبناني "اخر ما سمعته ان الرقيب اللبناني منع كتاب شلومو ساند لانه قرأ انه استاذ في جامعة تل ابيب بدون ان يعرف ما هو الكتاب". وتابع "اذا هو رقيب احمق ويجب ان يحال على المحكمة, لان هذا كتاب لا يمنع, عدا عن كوني ضد منع الكتب". وشدد خوري على ان هناك "حماقة يجب الا ترتكب وخيانة يجب ان تدان", وقال "ان يكون محظورا لقائي بشخص اسرائيلي لانه اسرائيلي, حتى لو كان مناضلا لحق الشعب الفلسطيني فهذه هي الحماقة بعينها", لافتا في الوقت نفسه الى ان "القول انه يجب ان نقوم بنضال مع الاسرائيليين وندخل لعند الصهاينة فهذه هي الخيانة". ورغم اشارته الى ان "شخصا مثل شلومو ساند يتشرف الانسان بالعمل معه", اكد الروائي اللبناني ان اي عمل مشترك مع مثقفين اسرائيليين مثل ساند يجب ان يكون مع مثقفين فلسطينيين على ارض فلسطين. واضاف "عندما تحدث حركة كهذه يصير الباقي (لقاء مثقفين عرب خارج فلسطين) سهلا وممكنا", مؤكدا انه اذا لم تحصل تلك الحركة بالاتجاه الذي اشار اليه فعندها "لا نستطيع البدء بالمقلوب". وثمن الروائي اللبناني عمل شلومو ساند معتبرا ان كتابه "يفكك الاسطورة الكبرى التي قامت عليها دولة اسرائيل", مضيفا "هذا رائع ليس فقط لخدمة الشعب الفلسطيني بل رائع لخدمة الفكر البشري". وخلال لقائه في بروكسل بدا الانفعال احيانا على المؤرخ الاسرائيلي لسماعه بعض التعليقات. فعندما قال ساند "لا يوجد شعب يهودي لكن هناك شعبا اسرائيليا", توجه الى الجمهور سائلا "اليس ذلك صحيحا", وعندما سمع احد الحضور يقول "لا", رد ساند بانفعال "نعم هناك شعب اسرائيلي لانه يوجد لغة اسرائيلية وسينما اسرائيلية وادب اسرائيلي".ويعتبر المؤرخ الاسرائيلي ان الحل الامثل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي يكون بدولة علمانية واحدة لجميع مواطنيها وختم لقاءه بالقول "انا متشائم جدا", مكررا الكلمة الاخيرة مرارا.