وصف السيد إدريس بنهيمة٬ الرئيس المدير العام لشركة الخطوط الملكية المغربية٬ مخطط إعادة الهيكلة الاجتماعية الذي وضعته إدارة الشركة في إطار العقد/البرنامج بين الدولة والشركة٬ بدعم من شركائها الاجتماعيين وبانخراط كافة المساعدين٬ بíœ"النموذجي بالنسبة للمقاولات العمومية والخاصة التي تتعرض لصعوبات اقتصادية٬ وتواجه نفس الإكراهات". وذكرت الشركة الوطنية٬ في بلاغ لها توصلت به وكالة المغرب العربي للأنباء٬ أن السيد بنهيمة أعرب٬ في عرض له اليوم الأربعاء أمام لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية بمجلس المستشارين٬ حول تنفيذ مخطط إعادة الهيكلة في إطار العقد/البرنامج الموقع مع الدولة٬ عن ارتياحه لوضع عقد/برنامج مع الحكومة٬ مبديا الأسف لكون التوقيع عليه لم يتم إلا في شتنبر 2011٬ ما كلف سنة ونصف من الخسائر الإضافية وتأخيرا بالنسبة لإعادة هيكلة ملائم وضروري. وبعد أن أشار إلى أنه "طيلة هذه المرحلة الصعبة التي تعرضت خلالها الشركة لجميع أنواع المشاكل في الوقت الذي كان من الممكن أن تركز جهودها وطاقتها للحفاظ على أسواقها وزبنائها"٬ ذكر السيد بنهيمة بأن "الخطوط الملكية المغربية كانت موضوع مهام للمراقبة من قبل مختلف هيئات الحكامة المتمثلة في المديرية العامة للمالية والمديرية العامة للضرائب٬ والمجلس الأعلى للحسابات"٬ مبرزا أن مجمل توصياتها توجد في مرحلة التنفيذ وأن أغلبها تم أخذها بعين الاعتبار في العقد/البرنامج. وأوضح السيد بنهيمة٬ خلال هذا الاجتماع٬ وهو الثاني للجنة الذي يأتي بعد الاجتماع الذي عقد في 4 مارس 2010٬ والذي تمحور حول الوضعية المالية والاقتصادية للشركة٬ أن هذه المرحلة خصصت لتحسيس المستخدمين بخطورة الوضعية وبضرورة التنفيذ العاجل لمخطط إعادة هيكلة جذري يتطلب تضحيات جسام وبصفة خاصة على الصعيد الاجتماعي. وتطرق السيد بنهيمة٬ بهذه المناسبة٬ انعكاسات الأزمة العالمية وغلاء أسعار المحروقات على قطاع النقل الجوي والسياحة٬ وانعكاس ذلك على حصيلة الأنشطة التجارية والمالية للشركة٬ مشيرا إلى أنه تم بحث الخيارات والحلول للحفاظ على استمرارية الشركة٬ وكذا الخروج من هذه الحلقة المفرغة والعودة إلى طريق تحقيق النمو. وقال إن مديرية الشركة تمكنت من إشراك الفرقاء الاجتماعيين في جميع القرارات المتعلقة بالشق الاجتماعي٬ ما أدى إلى التوقيع يوم 18 غشت 2011 على مخطط إعادة الهيكلة الداخلي للخطوط الملكية المغربية. وينص العقد/البرنامج٬ الذي تم التوقيع عليه بين يدي جلالة الملك محمد السادس في شهر شتنبر الماضي٬ على إعادة هيكلة جذرية للشركة بهدف اقتصاد حوالي مليار درهم سنويا من نفقات الاستغلال لاستعادة التوازن ابتداء من أبريل 2012 والحفاظ على تنمية الشركة في أفق سنة 2013. وفي هذا السياق٬ وفي إطار تطبيق العقد/البرنامج٬ طرحت الشركة جملة من التدابير تعتبر نتائجها الأولية إيجابية على مستوى خفض نفقات الشركة وإعادة هيكلتها٬ وكذا إعادة تركيز شبكة الشركة حول المحطة الرئيسية للدار البيضاء٬ وتقليص حجم الأسطول بسحب 10 طائرات٬ وبيع الممتلكات غير الاستراتيجية وبعض المساهمات الأخرى٬ وتدقيق وإعادة هيكلة الإدارة العليا مع خفض عدد المديريات (من 23 إلى 11 مديرية)٬ فضلا عن وضع مخطط اجتماعي. وأضاف البلاغ أن الشركة تتوفر على نظام شامل لتنمية الموارد يرتكز على آليات ومسلسل حديث وفعال يسمح لها اليوم بالتوفر على موارد خاصة وبتكلفة معقولة٬ مع نظام يسمح بمكافأة الأطر عن الإنجازات ويعطي أهمية كبيرة للتكوين وللتدرج الداخلي والمسار المهني. وتتوفر الشركة٬ وفقا لقانون الشغل٬ على آليات تمثيلية وللدفاع عن المأجورين٬ وتضمن٬ بفضل نظام فعال٬ تقاعدا بالنسبة لجميع المتعاونين معها٬ الذين يستفيدون من خدمات تعاضدية داخلية٬ وتذاكر بأثمنة منخفضة٬ مع سهولة الحصول على القروض الخاصة بشراء المنازل أو السيارات٬ وبنسب فائدة امتيازية. كما أكدت الشركة أنها تنظم لموظفيها وعائلاتهم سفريات خاصة بالعمرة خلال شهر رمضان وعيد المولد النبوي (أزيد من 300 مستفيد سنويا)٬ فضلا عن رحلات إلى الحج (150 مستفيد في السنة). وحسب البلاغ فإن التفكير الذي انصب في السنوات الأخيرة داخل الشركة على القضايا المتعلقة بالعنصر البشري٬ حدد ثلاثة نواقص كبيرة تعتبر من إرث مرحلة كانت فيها الشركة في وضعية احتكار عفا عنها الزمن تماما وتشكل عائقا حقيقيا أمام استمرارية الشركة. وأضاف المصدر ذاته أن المفارقة الأولى تكمن في الحفاظ على نظام للتكوين داخلي معقد ومكلف٬ يغطي كل مهن النقل الجوي٬ على الرغم من توفر العديد من العروض والحلول التدريبية المعتمدة المتاحة في السوق حيث تكاليف الجودة معقولة ومربحة. وأضاف البلاغ أن الخطوط الملكية المغربية تلجأ اليوم٬ حسب الحاجة٬ إلى سوق التكوين لتلبية حاجتها من المستخدمين المتخصصين والمؤهلين (لاسيما التقنيين وطواقم الطائرات). كما وقعت اتفاقا في هذا السياق مع مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل وأطلقت طلب عروض خاص بمدرسة تكوين الطيارين. وبالنسبة للشركة فإن المفارقة الثانية تتجسد في الأجور العالية لبعض الفئات من العاملين مقارنة مع سوق الشغل الوطني والتي يجعل أثرها السلبي الخدمات التي تقدمها الشركة غير قادرة على المنافسة٬ خاصة منافسة الشركات المنخفضة التكلفة. وأوضحت الخطوط الملكية المغربية أنها تصدت لهذا الوضع الشاذ بإنشاء شركة (أ إم إس)٬ وهي شركة متعددة الخدمات تابعة لها٬ وتلبي احتياجاتها من المستخدمين من خلال توظيف شباب من حاملي الشهادات تتوفر فيهم المواصفات الضرورية وشروط السوق٬ بعقود غير محددة٬ وتغطية اجتماعية كاملة٬ إلى جانب إمكانية تطوير المسار المهني. وفي نفس السياق٬ فصلت الشركة بين الرفع من قيمة الأجور والمسؤولية في الدرجة٬ حتى يتسنى عقلنة الهيكلة التنظيمية ومكافحة التضخم في المديريات. وأضافت الخطوط الملكية المغربية أن المفارقة الثالثة تتمثل في الفائض في المستخدمين المرتبط٬ من جهة٬ بتراجع الإنتاجية٬ التي تعزى في جزء منها إلى وضع آليات وأدوات متطورة للتدبير والاستغلال من قبيل البيع عن طريق الإنترنت٬ ومن جهة أخرى٬ بإنجاز أنشطة غير إستراتيجية وذات قيمة مضافة ضعيفة جدا من قبل مستخدمين تابعين للشركة. وأضاف البلاغ أن الشركة أعادت التركيز على جوهر المهنة وتقديم كل هذه الأنشطة في أفضل الظروف الاقتصادية وضمان الجودة وراحة الركاب. ووفقا للمصدر ذاته٬ فإنه تم إعداد مخطط إعادة الهيكلة الاجتماعية وفق نهج طوعي بفضل انخراط المستخدمين٬ وذلك بغية أن يتم تقليص عدد العاملين وتحسين إنتاجية ومردودية الشركة كما حدد في عقد/البرنامج٬ وذلك في أفضل الظروف الممكنة بالنسبة للمستخدمين. وسجل البلاغ أن الإجراء التوافقي الذي صادقت عليه الإدارة٬ والحوار الذي فتح مع الشركاء الاجتماعيين٬ والاحترام التام لقانون العمل٬ والإجراءات والأحكام القانونية المعمول بها خلال العملية ستسمح بمرور هذه الأخيرة في سلام ودون اضطرابات تذكر٬ لا بالنسبة للمعنيين بالمغادرة٬ ولا بالنسبة للشركة أو زبنائها. ويتواصل تنفيذ هذا المخطط بنجاح٬ إذ أنه تم إلى غاية ثامن فبراير 2012 تسجيل ما مجموعه 1487٬ أي 95 في المائة من الهدف المتوخى والمتمثل في 1560 مأجور الذين يستهدفهم برنامج العقد في أفق 2013. وأشارت الخطوط الملكية المغربية٬ من جهة أخرى٬ إلى أن المرشحين للمغادرة استفادوا من تدابير تحفيزية مختلفة٬ ومن ترتيبات جد ملائمة متفاوض بشأنها منحتها الإدارة لشركائها الاجتماعيين : الحصول على تقاعد مناسب بعد 45 سنة٬ والحصول على معاش من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في سن 55 سنة٬ منحة نهاية المسار المهني تضاف إلى منحة الإحالة على التقاعد في سن الخمسين٬ وخدمات تعاضدية داخلية لفائدة الذين يزيد عمرهم عن 45 سنة. وأضافت أنه تم٬ أيضا٬ اتخاذ جملة من التدابير المرافقة بغية إيجاد حلول مناسبة لكل حالة٬ لاسيما إحداث مكتب للتحويل تمنح له ميزانية ويوفر آليات للدعم والتوجيه والمساعدة على الشراكة والتكوين بالنسبة للراغبين في ذلك. وذكرت بأنه تم في السياق ذاته توقيع اتفاق مع مؤسسة تأسيس المقاولات لتدريب وتكوين حاملي مشاريع خلق المقاولات٬ وذلك على حساب الشركة٬ مشيرة إلى أن الشركة تضمن٬ كذلك٬ أن يمر مخطط المغادرة في أجواء من الهدوء ودون أن يتسبب في اضطراب لعملياتها. وخلص البلاغ إلى أنه تم الحفاظ على المنحى الإيجابي لمؤشرات جودة الخدمات٬ مضيفا أن الشركة حققت معدل التزام بالمواعيد بلغ 76 في المائة ما بين نونبر 2011 ويناير 2012٬ أي بأزيد من 15 نقطة مقارنة مع الفترة السابقة٬ وأن معدل الحوادث المتعلقة بالأمتعة تحسن بنسبة 37 في المائة٬ إذ انتقل من 19/1000 إلى 12/1000 بالنسبة لشهري نونبر ودجنبر 2011.