قال عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة خلال ملتقى دافوس، إنه بعد حركة 20 فبراير اختار الملك تغيير منطق الدولة التي تهيمن على السلطة والثروة من خلال إقرار دستور جديد وتنظيم انتخابات سابقة لأوانها أفرزت حكومة ذات صلاحيات حقيقية عكس الحكومات السابقة التي كانت بمثابة كتابات لدى الملك. كلام بنكيران الذي كتبناه كما نقلته عنه وسائل الإعلام يناقض ما قاله بنكيران الخميس الماضي عندما قال، إن التاريخ لم يبدأ مع العدالة والتنمية، فالكلام السالف يفيد أن حزب بنكيران هو بداية المغرب السياسي، ناسيا، أن فوزه بالرتبة الأولى وحيازته رئاسة الحكومة لم تكن وليدة طفرة عرفها المغرب ولكن تطور طبيعي للديمقراطية في المغرب، وهو تطور ساهم في بنائه كثيرون من أحزاب وتيارات وحركات سياسية ونقابية. أما حركية الإصلاح فهي سابقة للحراك الاجتماعي بدليل أن مشروع الجهوية الموسعة، التي تعني إعادة توزيع الثروات على المناطق، بدأت قبل الحراك وهي مرتبطة طبعا بتطوير الدستور وتغييره، وكون الدستور الجديد جاء زمنيا وراء الحراك لأن ذلك مرتبط فقط بتأخر اللجنة الملكية الاستشارية للجهوية الموسعة. أما ما قاله بنكيران بخصوص الحكومات السابقة على الحكومة التي شكلها هو، فهو نوع من الافتراء والمزايدة أو نوع من الجهل، لأن الحكومات السابقة لم تكن نوعا من الأشباح ولكن كانت حكومات حقيقية بهندسة وزارية ولم تكن كتابات لدى الملك لأن للمؤسسة الملكية أدوات اشتغالها التي ليست طبعا هي الحكومة. وانزلق بنكيران كثيرا في الكلام عندما قال، إن الحكومة الحالية التي أفرزتها الانتخابات السابقة لأوانها هي الحكومة التي تتمتع بصلاحيات واقعية، وهذا محض الجهل بطبيعة هذا الأمر، فالحكومات السابقة كان لديها صلاحيات وكان للوزراء تفويضات، الخلاف بين الأمرين أن هناك اختلاف بين صلاحيات الحكومات السابقة وحكومة بنكيران نتيجة التطورات الدستورية التي عرفها المغرب. ويتضمن كلام بنكيران تمويهات خطيرة كون حكومته هي المخلص المنتظر، رغم أن برنامجها الحكومي، هكذا سمته، لا يتضمن إجراءات واقعية قادرة على تجاوز واقع الأزمة، فالرجل يريد أن يقول إنه جاء في وقت شبيه بالبعث وفي الواقع إنه أكل ثمار ما غرسه السابقون. وقد أبان بنكيران عن جهل فظيع فيما يخص تطور صلاحيات الحكومة عند كل تغيير دستوري ولا يمكن قياس الغائب على الشاهد ولا قراءة التاريخ بأثر رجعي.