السكان يعانون في صمت بعلم المسؤولين وجفاء المنتخبين. ...المطالبة بإيفاد لجن لتدقيق وافتحاص ميزانية أغنى بلدية في المغرب. توقفت بوصلة مدينة المرسى التي تبعد عن مدينة العيون بحوالي 25 كلم، وصارت بدون هوية، تنتشلها من أيدي العبث، التي أحكمت قبضتها على كل مناحي الحياة، متحكمة بذلك في مساحة شاسعة، وحولت حياة سكانها إلى جحيم لا يطاق حيث كل مظاهر التهميش والتفقير والتجويع بادية على أحيائها، بفعل عقليات تحن إلى الماضي المثخن بجراح التجاوزات القانونية وتدبير الشأن المحلي، بطرق كلها غاية في العشوائية وتغليب المصلحة الشخصية، ضدا على شعارات جوفاء تتطلع إلى التنمية والاقلاع نحو الأفضل. بهذه المدينة شكل الاحساس عند البعض بعدم المتابعة والمحاسبة درعا واقيا ل"رؤوس الفتنة" وفسح المجال لكثير من الظواهر والممارسات المشبوهة، وسهل إنتاج مجموعة من التجاوزات التي أشاعت منطقة الاغتناء والانتهازية والمحسوبية، كثقافة محلية بشتى الطرق والوسائل، فكان من ذلك بزوغ عدة ظواهر وسلوكيات اجتماعية خطيرة تمارس بالعلن، وبمباركة من الأطراف المسؤولة التي تراقب عمليات التبذير والاستنزاف المالي، دون ان تكون لها القدرة على تحريك ساكن... المرسى: إقصاء..إهمال...تسيب أن تزور مدينة المرسى ليوم واحد، أو يومين، شيء كاف بأن تتقزز نفسك من منظر منطقة شوهها الإهمال والنسيان، وتتألم لمنظر شباب يجر ذيول اليأس في طرقات تنتظر من يرق قلبه لحالها، ويستر عوراتها المكشوفة. وأن تقوم بجولة قصيرة بين أحياء هذه المدينة المزعومة ودروبها المهملة، شيء كاف لتقرر أن تعود أدراجك، وتدعو لهؤلاء المهمشين في قلب الصحراء، أن يزورهم يوما ما، ولي من أولياء الأمور، لعله يكتشف أن ما يستنكره هؤلاء ويعانون منه، ليس وهما تخيلوه، أو إفكا افتروه، وإنما مرارة يعيشونها كل يوم، وأنهم يطالبون بأبسط شروط العيش، ولا يريدون مدينة فاضلة، ولا يتمنون أن تتحول مدينتهم إلى"نيويورك" وتتلخص كل مظاهر الفوضى في العمران، والفقر والبؤس، وغياب اهتمام الدولة، الذي يعكسه حال الشوارع والطرقات المتصدعة، وانعدام التهيئة والإنارة، وتصدع الموجود من بعض شبه الادارات، وكثرة البرك العفنة، والقمامة في كل ناحية، وكأن المنطقة ''خارج مجال التغطية''. الإحساس بالغبن والمعاملة التمييزية جذّر التطرف أكثر... يشعر شباب المرسى بأنهم وأهاليهم يعاملون معاملة تمييزية، فيها كثير من التهميش والإجحاف من طرف المسؤولين، وتجذرت في نفوسهم مع الوقت، قناعات سلبية خطيرة، محتواها أنه حتى على المستوى الرسمي ينظر إليهم نظرة مختلفة، وبأنهم غير مرغوب فيهم. ويؤسس متحدثون من هؤلاء الشباب الناقمين على هذا الوضع، انطباعهم هذا على ما يعانونه من صعوبة وإقصاء حتى في الحصول على وظيفة، والسكن والعمل وغيرهما، أو الاستفادة من دعم، أو عقار فلاحي أو مساعدة اجتماعية، وباقي المساعدات الخيرية والتضامنية، ظلت وتبقى تحكمها حسبهم، معطيات تمييزية. كما يسوق آخرون، أمثلة بالجملة عن مظاهر الحرمان والتمييز التي يعانون منها في كل شيء، فطرقهم ترابية ومدارسهم مهترئة، وبيوتهم متصدعة، وشوارعهم مظلمة، والماء لا يصل، والنقل قليل، وشبابهم يقتله الفراغ والضياع، وتتلقفه الانحرافات والجريمة، في ظل غياب أي مرفق أو مرافقة تحتويهم وتفتح لهم آفاقا لولوج العصرنة وترقية مداركهم. وهذه الأوجه من المعاناة والإحساس بالغبن تلعب كثيرا على معنويات الشباب، وتنمي في نفوسهم إحساسا متجذرا بالإهمال المقصود لهم، وتدفع بالضعاف منهم نحو هاوية التطرف بكل أبعاده ومعانيه، رغم وقوعها على الطريق الرئيسي، الا أن البعض يجهل وجودها على الخارطة الجغرافية وكأنها غير موجودة على أرض الواقع ، خاصة في ظل تهميشها، حيث لا تزال تفتقر الى العديد من الخدمات الضرورية والأساسية . ومن أجل إعلان بقائها وصمودها، لا تزال المرسى ، تعيش على أنفاس المدن المجاورة رغم الظروف الصعبة التي يكابدها الأهالي، خاصة وأن للحياة هنالك طعم آخر مغموس بالقهر والحرمان. الحياة في المرسى، معنونة بالحرمان خاصة في ظل افتقارالمدينة لأبسط الخدمات، والتي تكاد تكون معدومة من جميع النواحي، التعليمية والصحية وغير ذلك. وتجدر الإشارة، إلى ان المرسى تتوفر على مدرستين لغاية الصف السابع مختلطة، وثانويتين، ويتم الاعتماد بشكل أساسي على مدارس العيون بعد اجتياز الصف المذكور، إلا أن الأمر الذي يشكل كارثة حقيقية ذات آثار سلبية على المواطنين، عدم وجود مكب للنفايات داخل القرية، فانتشار النفايات هنا وهناك بين ازقة القرية، يؤدي بدوره الى انتشارالأوبئة والأمراض، الأمر الذي يلقي بظلاله على الحياة الصحية لأهل القرية. رئيس بلدية المرسى خارج التغطية.. بعد أن ظل رئيس بلدية المرسى لسنين خلت، بعيدا عن كل محاسبة أو مساءلة لما يقترف من تجاوزات داخل المرسى، إلى درجة أصبح عنوانها الوحيد التجبر والاغتناء اللامشروع على حساب إفقار السكان والتلاعب بمصالحهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والرياضية والصحية، لدرجة دفع أغلبهم إلى التخلي عن أرضهم والهجرة نحو مدينة العيون، بحثا عن بصيص أمل في عيش أمن، ولو تحت سقف "براكة"، ولم يقف هذا الرئيس عند هذا الحد، بل بدل أن يجمع حقائبه ويرحل عن هذه المدينة الكئيبة، نجده الآن جادا في تنصيب نفسه رئيسا مرة ثانية على رأس هذه البلدية التي تعد الآن من أغنى جماعات الاقليم بل الجهة على الإطلاق. صاحبنا الرئيس ظل لمدة طويلة خارج"الصورة اليومية"، دونما تحقيقه لأي تنمية أو وعود بالمرسى، واليوم يعود للواجهة بشكل مفاجئ، بالرغم من أن السكان يسجلون فشله بجلاء في ترجمة انتظاراتهم وتطلعاتهم. المرسى... مقبرة منسية !!! يتغير كل شيء، ولا تتغير مدينة المرسى التي تبقى ضحية لسياسة الإهمال والتهميش واللامبالاة المفروضة عليها، منذ إحداثها جماعة قروية، مما جعل المدينة تعاني مشاكل هيكلية متعددة رغم توفرها على مؤهلات طبيعية وسياحية مهمة، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي، فهي مدينة العبور حيث تتواجد على الطريق الجنوبية المؤدية لمدينة الداخلة وبعدها بوابة إفريقيا ، تثير انتباهك قرية مهجورة اسمها المرسى ( 25 كلم جنوبالعيون) التي تعيش التهميش والنسيان والإقصاء من البرامج التنموية التي تشهدها المنطقة، بسبب تقاعس المنتخبين القائمين على تدبير الشأن القروي داخل هذه الجماعة المعزولة والمنسية، التي لا يزورها المنتخبون إلا خلال الفترات الانتخابية بالاعتماد على عملية الإنزال، حيث يتم استقطاب وجلب المواطنين من مدينة العيون وتسجيلهم في الجماعة، لتشكيل كثلة من الناخبين لرسم الخريطة حسب مقاس منتخبي الجماعة. وسكان المرسى أعلنوا عن سخطهم وغضبهم اتجاه المنتخبين، بسبب دوامة التهميش والإقصاء الذي تتخبط فيها منطقتهم، فبالرغم من خصوصيات منطقة المرسى وموقعها الاستراتيجي والسياحي، فلا زالت لم تشهد بعد تنمية حقيقية، وظلت عرضة للتهميش و الإقصاء من البرامج التنموية التي تشهدها باقي المدن بالأقاليم الجنوبية. وهناك عدة عوامل ساهمت في ذلك منها ضعف أداء المجالس المنتخبة التي لم تكن في مستوى تطلعات الساكنة التي تشكو الكثير منها البنيات التحتية المنعدمة، أما المجلس الحضري الحالي، فهو يفتقر إلى استرتيجية تنموية هادفة، تخرج المدينة من براثن التخلف والتهميش. ومنتخبي المدينة غابوا عن المنطقة مند الانتخابات السابقة ، دون الاكتراث بالأوضاع الاجتماعية التي تعيشها الساكنة، إضافة إلى تعطيل عملية تنفيذ برامج تنموية ورقية قدمت لسكان المدينة قبيل الانتخابات الجماعية السابقة، مما حول معه المدينة برمتها إلى حلبة للصراع الجانبي غير المجدي، كما فضلت السلطات الإقليمية التعامل بحذر مع الأجواء السياسية الحالية، نظرا للتقلبات المتتالية التي يشهدها الحقل السياسي مع كل فترات اقتراب الانتخابات. وأمام الوضعية الكارثية الراهنة لمنطقة المرسى، أصبحت تتطلب تدخلا فوريا ومستعجلا من أجل إعادة بناء المدينة بشكل عقلاني ومنظم لفك العزلة عنها، إضافة أن المدينة تفتقد إلى البنيات التحتية، ولم تستفد قط من برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ولا من برنامج عملية التبليط والتعبيد، مما حول المنطقة إلى مقبرة منسية، كما يحب السكان تسميتها، الذين يتحدثون عن مدينتهم بمضاضة، ويتساءلون عن الأسباب التي جعلت منطقتهم منسية، ولا تستفيد من برامج التنمية التي شهدتها الجماعات الحضرية والقروية بإقليم العيون، فهناك حسابات انتخابية يقول أحد العارفين بما يجري بهذه المدينة الصغيرة، هي التي أدت إلى إقصائها من أي مبادرة تنموية بالإقليم. هذا هو إذن حال المرسى التي كتب عليها أن تعيش معاقة ومحرومة من أدنى شروط العيش السليم، كما كتب أيضا على شبابها أن يعيشوا حياة كئيبة، ومستقبلا غامضا بسبب جفاء منتخبيهم. لقد حان الأوان إذن للضرب بيد من حديد على أيادي منتخبي هذه المدينة اليتيمة، الذين استخفوا واستهتروا بالسكان منذ سنين خلت، وإيفاد لجنة لتدقيق وافتحاص ميزانية هذه البلدية.