لعل الظرفية التي تمر منها مجموعة من الدول بالمنطقة و التي دقت ناقوس التغيير،هي التي دفعت بالمغرب إلى إطلاق من مجموعة الإشارات المراد منها رغبة السلطة العليا في إحداث تغييرات كبرى في السياسات العامة بالبلد. ولعل ذلك بدى جليا من الخطاب الملكي في 09 مار س، و الذي دعى إلى مراجعة دستورية أفضت إلى إنتخابات سابقة لأوانها، حيث تقرر لها موعدا تاريخ 25 نونبر 2011. هذه الإنتخابات رغم كل ما قيل و يقال،و حتى ما سيقال عنها،فإنها تبدو متميزة عن سابقاتها،بالنظر أولاَ إلى الظرفية الزمنية التي ستجرى فيها (غليان و حراك إجتماعي بعديد من البلدان و المغرب منها). ثم كذلك ما صاحب التحضير لها من شد الحبل بين مجموعة من الأحزاب فيما بينها من جهة،وبين مجموعة من الأحزاب و الحكومة ممثلة في وزارة الداخلية من جهة أخرى....وتبقى أبرز ميزة هي نسبة المقاطعة التي تتخوف منها وزارة الداخلية و الأحزاب المشاركة في الإنتخابات من أن تكون مرتفعة ربما أكثر من الإنتخابات الأخيرة،خاصة أمام الدعوة الشعبية التي أطلقتها حركة 20 فبراير.وهنا نتسأل هل المقاطعة هي الحل الأصح لمعالجات المشاكل التي يتخبط فيها المغرب؟ نحن لا ننكر على أن المقاطعة نابعة عن قناعات المقاطعين،لكن المقاطعة كسلاح ليست الحل الوحيد،وقد لا تكون المقاطعة بالضرورة هي الحل الأنجع وهذا ما نعتقده.بل إن من الحلول الممكنة الإيمان بإمكانية التغيير بالمشاركة في الإنتخابات وبل المشاركة بكثافة والتصويت على الأصلح كمدخل لبدء فرض التغيير، و التصويت بكل حيادية و تعقل بعيدا عن أي تعصب قبلي أو عرقي ولا حتى إيديولوجي إن لزم الأمر.وبهذه الطريقة سننتج منتخبين على قدر من الكفأة والمسؤولية قادرين على إحداث تغيير من داخل المؤسسات. ويبدو هذا التوجه ( التغيير من الداخل) أكثر عقلانية من المقاطعة. فتصويتنا بكثرة و على من نراهم أنسب لعضوية البرلمان ،دون أي إعتبار أخر سوى الكفأة و المسؤولية، سيقطع الطريق لا محالة على سماسرة المصلحة العامة من مرشحين و مسؤولين، وسيسمع صوت الناخبين لأعلى المسؤولين بهذا البلد.وهو ما سيدفع إلى إحداث تغييرات جذرية تصب في مصلحة عموم الشعب المغربي.وإن أبدت جيوب الفساد مقاومة لإرادة الشعب - وهذا شيء مؤكد- فإنها ستكون ملزمة بالرفع من سقف مقاومتها وهو ما سيقوض إرادة التغيير المفروض أنها معلنة.وسيصب في خانة الحراك الشعبي ليزيد من ضغطه و يرفع هو الأخر من سقف مطالبه. أما التمسك بالمقاطعة فمن شأنه تكرار سيناريو البرلمانات و الحكومات السابقة، خصوصا أن الترسانة القانونية بالمغرب لا يوجد بها ولو بند واحد يفرض إلغاء الإنتخابات في حال لم تتجاوز نسبة معينة. أي أن المغرب لن يصبح بدون برلمان بعد إنتخابات 25 نونبر، حتى وإن كانت نسبة التصويت هزيلة جدا. وعندها لن يكون أمامنا سوى برلمانيون خرجوا من صناديق معظم أصواتها جاءت بإستعمال العلاقات و الأموال خلال الإنتخابات بشكل غير مشروع. من هنا إذن، يمكن القول بأن مقاطعة الإنتخابات وإن كانت مبنية على الكثير من الدوافع وفيها جانب من الصواب، فإن التوجه إلى مكاتب التصويت يوم 25 نونبر،و التصويت على على أشخاص أكفاء و مسؤولين قادرين على إحداث التغيير. قد يكون أكثر صوابا من إختيار المقاطعة كحل في الإستحقاقت القادمة.