[email protected] ساستنا ،لا مجاملة ولا محاباة، أروع وأجمل وأفضل مما نتصور أو قد لا نتصور.. فقط تنقصهم الصراحة كي يقولوا هذا بعظمة لسانهم...نيابة عنهم نقول،وبالله التوفيق : ساستنا ، وكلهم يحبون هذا الوطن لدرجة الجنون،لا يمكن أن تذكرهم،سرا أو جهرا،موالاة أو معارضة،إلا بألف خير.لسبب وحيد ووجيه، هو أنهم لا يسعون إلا لفعل الخير.أليست السياسة في الأصل هي القيام بمصالح الخلق على أتم وجوه الحق .ولا يهم،بعد تقرير هذه الحقيقة، على من تعود فائدة هذا الخير ؟،ولماذا هو هكذا ، بالجبلة ، سلوكهم ؟. المهم أن هذا طبع فيهم،والطبع يغلب التطبع.لكن الغريب في حال هؤلاء الساسة هو أنه إذا كان طبعهم فعل الخير،فإن تطبعهم أيضا الطيبوبة إلى درجة السذاجة. وهكذا ،إذا تصرفوا على طبيعتهم كانوا أقرب إلى الخير،وإذا تطبعوا تطيبوا واستطابوا النهوض بالصالح العام.فالشعب في أسوإ الأحوال،يجني طيبوبتهم.وهو "بخير معهم" ( فصحى وعامية ) في الأحوال العادية. نعم ،هم طيبون من أصل طيب ولا يأتون من السياسة إلا ما " طاب " على مهل ،ونضج على نار فاترة.فالنار إذا كانت حارة،كانت محرقة.وهم لا يريدون أن يحرقوا أحدا. لكن كلاما من هذا القبيل ،بدون إعطاء نماذج حية وأمثلة من واقع السياسة المغربية كما هي دون مساحيق أو رتوشات ،يبقى كلاما عاما،يحتمل الصدق كما يحتمل الكذب.وقديما قالوا : إذا كنت ناقلا فالصحة أو مدعيا فالدليل . والحقيقة أنا لست محتاجا لا إلى الصحة ،فالوزيرة قادرة أن تضمنها لكل مواطن خاصة إذا كان فقيرا لا يقدر على شراء الدواء والتطبيب بالعيادات الخاصة،فبعد تعميم نظام التغطية الصحية،كشف الغطاء عن كثير من الحقائق،لعل أهمها أننا ،بفضل حب ساستنا وطيبوبتهم كما سلف،في صحة وعافية .ولسنا في حاجة إلى الدواء أصلا ،ولا إلى التغطية الصحية. ما عالج الناسَ مثلُ الحب من سَقَم و لا برَّى مثلُه عظما ًو لا جسداً فكيف إذا كان هذا الحب موجَّهاً من الساسة إلى عموم المواطنين ؟ وكيف إذا حلت أيام الانتخابات والوصل ،وبقي الساسة في وصال مع ناخبيهم يشربون جميعا نخب أيام النضال والكفاح وكل معاني النهوض بالحياة السياسية بالمغرب؟ كما أنني لست مطالبا كي أفحمكم بأي دليل ،فكل وزارة تطبع سنويا ألف دليل ودليل ،لتذليل كل الصعوبات أمام المواطنين،حتى يسهل عليهم بهذه الأدلة والدلائل أن يلجوا كل الأبواب ،ويقضوا حوائجهم مهما بدت صعبة التحقق.أليس في هذا أقوى دليل على صدق فرضيتي الأولى حيث جزمت غير متردد،وأكدت غير متذبذب ، أن ساستنا أهل خير وطيبوبة ؟. ومع ذلك لدي أكثر من حجة وشاهد لتعضيد ما ذهبت إليه ،وإلا فأجيبوني بصراحة : 1 - هل هناك برلماني واحد في العالم يقضي تحت قبة البرلمان قرابة نصف قرن دون أن يتعب أو يكل ،أو يشكو بثه وحزنه لغير خالقه؟ وكل هذا بقناعة اشتراكية وعفاف رأسمالي.وهي عبقرية لا يقدر عليها إلا أولو العزم من الساسة والبرلمانيين الذين جعلوا حب الثرى بدل الثراء (وكلنا عائدون إلى الثرى ... لكن الثراء لن يعود إلينا كلنا) فوق كل اعتبار،وناضلوا من أجل التوزيع العادل للثروات،وتحملوا لوحدهم عبء النهوض بأعباء برلمان كل ولاياته طويلة،وكل الحكومات المنبثقة عنه تعاني من عطب الأغلبية غير المريحة،والتحالفات غير الواضحة ؟ 2- هل هناك سياسي في العالم " يحارب " المستعمرين ويطردهم وراء البحر ؟... و" يحارب " دعاة الحزب الوحيد ويقهرهم أيما قهر؟ .و" يحارب " من أجل أبناء عشيرته لكي لا يلحقهم الضيم أبدا ؟.و" يحارب " ، بكل " الجبهات " وبكل " الأوجه " في كل الوجهات ،في كل سهل منبسط وفي كل جبل وعر،كي يطوع أراضي المعمرين لتصبح سهلة الاستغلال من طرفه هو،كأكبر " معمر " ( أخذا بعين الاعتبار عمره وليس تعميره ) ... ومع ذلك لا يرضى لنفسه أن يحظى بأي امتياز أو فوائد.فهو يعيش،بالكاد،على مداخيل بيع لوحاته الفنية. لأن الفن كان حاضرا في كل معاركه،وببركة هذا الفن فقط،يواصل حياته الكريمة. 3- هل هناك ساسة ،بدهائهم وحنكتهم ،يعقدون صفقة العمر مع أكبر شركة موانيء في العالم لتشغيل أكثر من ثلاثين ألف شاب مغربي عاطل عن العمل ؟.وكل ما يُطلب من هؤلاء الشباب هو تعبئة ملف بأقل من ألف درهم، وتعبئة " قارورة دم " لا يتجاوز حجمها ربع لتر. وهي فكرة جيدة،فهذا أفضل من مواجهة قوات التدخل السريع للمطالبة بالتشغيل ،فتسفح دمهم على قارعة الشارع، هكذا دون فائدة تذكر. وعندما تبين، بعد عقد الصفقة طبعا ومص الأموال والدماء ،أن هذه الشركة غير موجودة أصلا، كل ما في الأمر أن الرغبة في تشغيل الشباب أعمت بصائر السياسيين.(ألم أقل لكم أنهم طيبون لدرجة السذاجة ؟ ) لم يستقلوا من مناصبهم أمام هول الصدمة،ولم يتنازلوا عن حقهم في مواصلة خدمة هذا الوطن وأبنائه الطيبين.بل كوفئوا على جهودهم النظرية ،لأن النية أفضل من العمل،فواصلوا نضالاتهم من مواقع الوزارة والإدارة ومختلف "المصالح" التي تهمهم.ولا يهم هل تكللت جهودهم بتشغيل الشباب العاطل،أم تكللت وتعللت – علة لا تعليلا -بالعفو والصفح و"النجاة". 4- كما أن بعض ساستنا ،باسم التقشف وخدمة الشعب ، لا ينكفئون إلى "الأحياء الخلفية" ، تلك مهمة الأدباء البؤساء من شاكلة الراحل محمد زفزاف.إن أي انكفاء من شأنه أن يغرقهم في بؤس وفقر وسوء حال ومنقلب.فكيف يقدرون ،والحال هذه،على التنظير لمستقبل الأمة ووضع الخطوط العريضة لانبعاثها من جديد ؟ .فلا بد من التدافع ، وهو سنة كونية،قصد احتلال أرقى "الفلل" والإقامات الفاخرة... هناك فقط تصبح الرؤية ثاقبة،وتكون الكتابة سلسة،دون خضوع لأحد أو محاباة لمخلوق.والله يؤتي فضله من يشاء. الكتابة ،إلى جانب كونها مسؤولية وتعب وسهر، هي فن. والفن ،وسط الماء والخضرة والوجوه الحسان ،يؤتي أطيب ثمراته. 5- قد يسارع البعض إلى القول إن تضحيات هؤلاء السياسيين لابد أن تكون مقابل امتيازات ما، نحن لا نعرفها ولا يمكننا الاطلاع عليها.ورغم أن بعض الظن إثم ،ورغم أن الأصل أن يذكر كل هؤلاء السياسيين بخير ، ليس قياسا على : أذكروا أمواتكم بخير ،ولكن لأن هؤلاء همهم المسارعة إلى فعل الخيرات،وربك فعال لما يريد.وطيبوبتهم ،التي تغرينا بالكتابة عنهم،تشفع لهم.لكن لنفترض أن هناك امتيازات ما من تحت الطاولة كما يقال ، أو هناك رسالة من تحت الماء كما غنى العندليب الأسمر، فما قولكم في النقابيين المناضلين من المهد إلى اللحد؟. إن النقابة جزء أصيل من العمل السياسي، ونقابيونا السياسيون أو المسيسون حتى أميز بينهم وبين الساسة أهل الكياسة،يعرف القاصي والداني أن نضالهم شريف، وقولهم عفيف، وظلهم خفيف ... آسف أن أضيف أن ربيعهم خريف.أي أنهم يقضون زهرة أعمارهم في الدفاع عن الآخرين ،ولا يجنون إلا التعب والعنت وصداع الرأس.ولا يهمهم إلا القعود مع " القواعد ". فأي امتياز أو مصلحة أو فائدة ؟ أهمس في أذن كل سياسي مغربي أصيل أن يعمل ،في حواراته وتصريحاته وبيانات حزبه،وأن يحرص على تذكير الجماهير بهذه الحقائق.لأن قول الحقيقة بداية خير من قولها نهاية.فالبداية المشرقة خير من النهاية المحرقة.صحيح أن الصراحة ليست صفة من صفات السياسي الناجح،لكن يكفي ساستنا نجاحا أنهم مستمرون في مسؤولياتهم ومناصبهم رغم كل التغييرات التي عرفها العالم بمعسكريه الشرقي والغربي،بكل إيديولوجياته،بكل مذاهبه. حتى أولئك المنظرون الذين ذهبوا إلى القول بنهاية التاريخ،لم يضيفوا جديدا أمام عبقرية العقل السياسي المغربي الذي فصل في كل شيء،وأبقى الساسة عندنا على جلودهم كما هي ،فاليمين يسار ( من اليُسر) واليسار يمين ( من اليمن والبركات) .فلماذا تغيير الفريق الذي يحصل على أفضل النتائج؟ ولماذا توقيف القطارات التي تصل دائما في الوقت المحدد ؟ ولماذا وضع لاعب بموهبة لاعبينا السياسيين على دكة الاحتياط ؟ إسهاما في تشريح وتصريح وليس تسريح العقل السياسي المغربي ( من الصراحة والصرح أي البناء الشامخ وليس الراحة أو الاستراحة، فلا استراحة لمحارب سياسي ،بل إما صرح عظيم أو قول صريح كريم ) ،أضع بين يدي كل سياسي مدمن على التشبث بممارسة السياسة حتى الرمق الأخير،خطابا ، ولا أحلى ولا أروع من عباراته الصريحة المختارة بعناية.للأسف لم أجد خطابا لسياسي مغربي أو عربي يقطر صراحة مثل هذا الخطاب.فليس استشهادي بهذا الخطاب،من باب الإعجاب.أبدا.كل ما في الأمر،أن نحاول جاهدين غرس فضيلة الصراحة في حقلنا السياسي،حتى نتواصل أكثر ونتصارح أكثر. إليكم الخطاب ، وأسباب النزول،ولنا تعليق قصير بعد القراءة وحسن الفهم والتدبر .. في عام 1879،ارتأى الكاتب الأمريكي الساخر مارك توين ( من باب الصراحة ،إسمه الحقيقي : "صمويل لانغهورن كليمنس" ) أن يرشح نفسه لمنصب الرئاسة.وحتى لا يفسح المجال لناقديه و حاقديه أن يشهروا به إذا هو سار في سياساته على عكس ما وعد،فنكث ببرنامجه الانتخابي،اختار مارك توين الصراحة على مرارتها ،وكشف المستور بداية ،لأنه يعرف يقينا أن شروره لا تقاس بما يضمره المنافسون الآخرون.وإليكم نص الخطاب الصريح : ( لقد عقدت النية تماما على أن أخوض انتخابات الرئاسة.إن ما تحتاجه البلاد هو مرشح لا يمكن أن تلحق بسمعته لطخة إذا تم استقصاء تاريخه الماضي،وذلك لكي لا يتاح لأعداء حزبه أن يستخدموا ضده أية واقعة لم يكن أحد قد سمع بها من قبل. إذا كنت تعرف منذ البداية أسوأ الأشياء عن المرشّح، فإنّ أية محاولة لتشويه سمعته سوف تكون فاشلة. إنني، الآن، أدخل الساحة بملف مفتوح. سأعترف مقدماً بكل الأشياء الشريرة التي اقترفتها. وعليه فإذا فكّرتْ أية لجنة في الكونغرس لها موقف عدائي مني، أن تنقّب في سيرتي بأمل العثور علي صنيع أسود ومميت أخفيته، فلتفعل. في المقام الأوّل أعترف بأنني، في شتاء عام 1850م ألجأت جَدّي المصاب بالروماتيزم إلي تسلّق شجرة. لقد كان عجوزاً وغير حاذق في صعود الأشجار، لكنّني بشخصيتي الوحشية المميّزة جعلته يعدو مسرعاً، بثياب النوم، خارج الباب الأمامي، متحامياً من الخردق الذي كنت أطلقه عليه من بندقيتي، مما ساعده علي أن ينطلق بخفّة ورشاقة إلي قمّة شجرة القَيْقَب، حيث أمضي الليلة كلّها هناك، فيما كنت أسدّد الطلقات نحو ساقيه. لقد فعلت ذلك لأنه يشخر، وسأعيد الكَرّة لو كان لي جَدّ آخر، فأنا لا أزال أتّصف بالوحشية نفسها التي كانت لي في عام 1850. أعترف صراحة بأنني هربت من معركة غيتيسبرغ. لقد حاول أصدقائي أن يلطفّوا هذه الحقيقة بتأكيدهم علي أنني فعلت ذلك بهدف محاكاة واشنطن الذي توغّل في الغابة خلال معركة فالي فورغ، من أجل تأدية صلواته. لكنّ هذه كانت حيلة بائسة منهم، لأن السبب في انطلاقي خارج مدار السرطان هو أنني كنت خائفاً. إنني أحب إنقاذ بلادي، لكنني أفضّل أن يتم إنقاذها علي يد شخص آخر. ولا أزال أفضل هذا الخيار حتى الآن. إذا كان إحراز المرء لفقاعة السمعة الطيبة لا يتم إلا بمواجهة فوهة المدفع، فأنا مستعد للذهاب إلي هناك، علي شرط أن تكون فوهة المدفع فارغة. أما إذا كانت محشوة بالذخيرة فإن هدفي الخالد الذي لا يمكن تغييره هو أن أقفز فوق السياج وأمضي إلي البيت. أفكاري المالية واضحة الملامح إلي أبعد حدّ، لكنها ليست واعدة، ربما، بزيادة شعبيتي بين المدافعين عن التضخم. أنا لا أصّر علي التميز الخاص للنقود الورقية أو النقود المعدنية، فالمبدأ الأساسي العظيم في حياتي هو أن أستولي علي أيّ نوع أستطيع أن أصل إليه. الإشاعة التي تقول إنني دفنت عمتي الميتة تحت عريشة العنب.. صحيحة. العريشة كانت تحتاج إلي سماد، وعمّتي كان لابُدّ لها أن تُدفن، وعلي هذا فقد كرّستها لذلك الهدف السّامي. هل في هذا ما يجعلني غير لائق للرئاسة؟ إن دستور بلادنا لا يقول ذلك، وليس هناك مواطن، علي الإطلاق، قد اعتُبر غير مستحق لهذا المنصب بسبب كونه غذّي عريشة عنبه بجثث أقربائه الميّتين. فلماذا ينبغي انتقائي كأوّل ضحية لهذا الحكم المجحف والسّخيف؟! أعترف أيضاً بأنني لست صديقا للفقير. فأنا أنظر إلي الفقير، في حالته الرّاهنة، باعتباره كميّة كبيرة من المادة الخام المُضيّعة. وبتقطيعه وتعليبه كما ينبغي قد تكون له فائدة في تسمين سكّان جُزر الكانابال، وكذلك في تطوير سوق صادراتنا مع تلك المنطقة. إنني سوف أتقدم بمشروع قانون حول هذا الموضوع في أوّل رسالة لي. شعار حملتي سيكون: (احفظوا العامل الفقير، جفّفوه وحولوه إلي سجق هذه تقريباً هي أسوأ الأشياء في ملفي، و بها أتقدم لمواجهة بلادي. وإذا كانت بلادي لا تريدني، فإنني سأرجع علي أعقابي. لكنني أعتبر نفسي الرّجل الجدير بالثقة - الرجل الذي يبدأ من الأساس الشامل للفساد، ويعتزم أن يبقي شريراً حتى النهاية ! ) يعلق الشاعر العراقي أحمد مطر ، ومن كتابه الذي يحتوي مقالاته غير الشعرية،اقتبسنا هذا الخطاب : ( وهكذا.. يمكننا أن نري أن (توين) برغم مبالغته في السخرية، قد عرض لنا صورة فاضلة عن زمانه. إذ لو أنه عاش حتي يومنا هذا، ورأي رؤساء من نوعية كلنتون وبوش الابن، فأي شيطان كان سينجد خياله في السخرية؟ ماذا سيكون إقلاق راحة الجَدّ المريض.. أمام إقلاق راحة الكرة الأرضية كلّها؟ وماذا سيكون دفن العمّة الميتة.. أمام دفن شعوب كاملة وهي علي قيد الحياة؟ وهل كان سيتحدث عن فساده الشخصي لو سمع بقصة مونيكا والرئيس الذي يفعل ما يفعل فقط لأنه يستطيع أن يفعل؟ وهل كان سيذكر شيئا عن فساده المالي، حين يري عصابة تخطف الولاياتالمتحدة وتستخدم جيشها لتدمير كل مكان، فقط لكي تملأ أرصدتها؟! ) طبعا هذا يحدث، أو كان يمكن أن يحدث، في الولاياتالأمريكيةالمتحدة بعيدا عنا نحن بآلاف الأميال.أما في المغرب،فإن الحياة السياسية ،على ندرة عملة الصراحة لدى قطاع واسع من روادها ومريديها ،تشي بمستقبل واعد.وإلا فصارحوني :ما رأيكم بحزب يقوم على أكتاف ثلاثة برلمانيين فقط،يتحولون إلى أغلبية في مجلس النواب ثم في مجلس المستشارين،مقابل الأغلبية الصامتة صراحة.ثم يكتسح هذا الحزب الانتخابات الجماعية ... علما أنه خليط من يساريين ويمينيين وعشاق الوسط .لأن خير الأمور أوساطها. أليس هذا أكبر دليل على الصراحة والوضوح لدرجة إقناع قطاع عريض من المغاربة بجدوى العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات،وكل هذا في ظرف وجيز.؟ آخرالسطر،يروى أن السياسي البريطاني المشهور تشرتشل كان يسير في إحدى المقابر ،فرأى ضريحا مكتوبا عليه بحروف بارزة :(هنا يرقدُ الزّعيمُ السّياسيّ والرّجلُ الصّادق .......)، فتعجب كيفَ يُدفنُ الاثنانِ في قبرٍ واحد! مخطيء إذا هو تشرشل ،لأننا لا نعرف إلا السياسيين العظماء ، ومن عظمتهم أنهم لا يتبدلون ولا يتغيرون ويلبسون لكل زمان جبته،ويواجهون كل طاريء بما يليق من حنكة وخبرة ورشاد وسؤدد.والغريب أن الأغلبية هم من هذا النمط،والأقلية مجرد نقطة على الهامش . بصراحة،أجدني بعد خطاب مارك توين الساخر الذي لا نوافقه عليه ،مضطرا هذه المرة أن أقرر معه : ( إذا وجدت نفسك مع الأغلبية، فقد آن الأوان للتغيير ). إن الصراحة راحة ... وإن التغيير في هذه الأوان ،حقيقةً ، هو منتهى الصراحة والراحة.