عرف مدشر تيدالت في السنوات الأخيرة ظاهرة خطيرة لم تكون موجودة من قبل تتجلى في ظهور مجموعة من الأشخاص يدعون ملكية مساحات كبيرة من أراضي قبيلة أولاد بوعشرة معتمدين على صمت وتواطأ السلطات المحلية وجماعة فاصك وإعداد وثائق إدارية ليس لها سند قانوني قصد إعطاءها الصبغة القانونية بهدف التمهيد لبيعها إلى المواطنين الخليجيين. وعلى العموم تخضع أراضي القبيلة أولاد بوعشرة للملكية المشتركة بين كافة أفرادها، حيث تستغل في الرعي والحرث والغرس...إلى غير ذلك من الاستغلال ويشبه هذا النوع الأراضي ما هو سائد في جميع أنحاء الوطن آو ما يصطلح عليه أراضي الجماعة التي تكون ملكيتها للقبيلة وليس الفرد مع وجود أراضي الملك الخاص التي أصبحت تتزايد مع بداية استقرار الرحل، فكما يعرف الجميع فالقبيلة ذات هوية صحراوية مغربية تعتمد في نشاطها على الرعي وشبه الترحال.. ويتم استغلال هذه الأراضي والانتفاع منها عن طريق تنظيم "الجماعة" كأداة تنظيمية مؤطرة دخل القبيلة لفائدة العائلات المكونة لها وفقا لمنطق متكون من تقاليد وأعراف خاصة بها، قبل أن تتدخل الدولة في تدبير شؤون هذا النوع من الأراضي بخلق جهاز تابع لوزارة الداخلية، أصبح هو الوصي عليها بدل "الجماعة" مع صدور الظهير المنظم لأراضي الجموع عام 1965. وحسب آخر إحصائيات رسمية صادرة عن وزارة الداخلية، يقدر عدد الجماعات السلالية بما يناهز 4 آلاف و563 جماعة موزعة على 55 عمالة وإقليم٬ وتقدر المساحة الإجمالية للرصيد العقاري الجماعي ب 15 مليون هكتار٬ تشكل الأراضي الرعوية نسبة تفوق 85 في المائة منها٬ تستغل بصفة جماعية من طرف ذوي الحقوق٬ فيما توظف أهم المساحات الباقية في النشاط الفلاحي. فالمشكل كما يقول خبراء قانونيون يعود إلى الفراغ الموجودة في القانون مما يجعلها معرضة للنهب والاستغلال، و هو ما يطرح السؤال حول استمرار خضوع هذه الأراضي لآلية قانونية قديمة لم تعد تنسجم والتحولات الاجتماعية العميقة التي يعرفها المجتمع. إن الأمر يتعلق بوعاء عقاري يذر أموالا لا تعد ولا تحصى سواء من خلال الاستغلال أو من خلال البيع والكراء والاستثمار في هذه الأراضي، وهذه الأموال، عدا كونها مستحقة لذوي الحقوق الذين لا يستفيدون منها.. غير أن الاشكاليات التي تطرح نفسها بشدة هي كيف يمكن لشخص مؤتمن على شؤون القبيلة ويعتبر من أعيانها ويدعي تمثيلها أمام السلطات والقبائل الصحراوية الأخرى أن يقوم بالسطو على ممتلكاتها ؟ ألا يعتبر هذا السلوك استمرارا لنهج سابقيه ؟ وأي دور للسلطة المحلية في هذا الإطار؟. ومن كل هذا تتضح النية المبيتة لبعض القائمين على تسير الشأن المحلي في السطو على أراضي القبيلة لتحقيق مآربه الشخصية على حساب قبيلته التي أعطته الثقة وحملته مسؤولية الدفاع عن مصالحها. إن منطق الأشياء يقتضي أن تتدخل الدولة من خلال إصلاح وتعديل الترسانة القانونية الخاصة بأراضي الجموع لوضع حد في وجه كل من يتلاعب بهذا الموضوع و الذي يؤدي إلى حرمان أفراد القبيلة من حقوقها في أرضها ومن الاستثمار فيها وتثمنها و منحها لمن لا يستحقها. وهنا يطرح السؤال من يتواطأ مع مثل هؤلاء الأشخاص في التحايل على أراضي القبيلة ؟ ومتى ستتدخل الدولة بسلطاتها الإقليمية والمحلية لوقف هذا النزيف والنهب الذي تتعرض له هذه الأراضي؟.