في بلاد العجائب هذه يحتار المرء ،ويتملكه الغضب إلى حد الانفجار، وتشتد الأعصاب ويحتاج المرء لمهدئات كي لا يفقد صوابه ،ويقوم بعمل ما كإحراق نفسه مثلا كما فعل الشاب التونسي قبل أيام.أو ينتحر صعقا بالكهرباء كما فعل شاب أخر في تونس . بعد أن ضاقت بهم السبل ذرعا من ممارسات النظام التونسي .وان كان ما قاما به غير جائز تماما . ففي الوقت الذي يرى فيه المواطن مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، من تضليل ، وفساد، ورشوة ،وكذب من طرف المسؤولين . تطلع علينا قناتنا الفرنسية الثانية وقناة إثم اللتان تمولان بأموالنا رغما عنا، بخبر مفاده أن المشكلة الأساسية والسبب الأساسي في ما يعرفه المغرب من قطع الطرق، وانهيار الجسور و القناطر، هو الأمطار، وهي وحدها التي تتحمل المسؤولية الكاملة ولا بد من محاكمتها .بل لا بد للمجلس الأعلى للحسابات ان يقوم بتحقيق في ما تقوم به الأمطار وبالتالي لا بد من تغريمها بالخسائر التي تسببها للمواطنين سواء في الدارالبيضاء، أو في تارودانت، أو في طنجة . وليس ذلك فقط فبعد المؤسسات عن المواطنين، وتمركزها قرب أسرة آل عباس في فاس، او في الرباط. فالجغرافية وحدها تتحمل المسؤولية. ولا بد من تدخل التاريخ ليحاكمها ويقتص منها . ولا شك أيضا ان انتشار الرشوة ،ونهب المال العام ،والتلاعب في الصفاقات العمومية .يتحمل التاريخ وحده المسؤولية ولا بد من الرجوع الى الوراء من اجل الحد من مختلف مظاهر الفساد هاته.إن سياسة الضحك على الذقون التي يتقنها الإعلام العمومي في المغرب تحتاج إلى وقفة متأنية كي نكتشف هذا الفهم العجيب في بلاد العجائب . حقيقة ينطبق علينا قول الشاعر : نعيب زماننا والعيب فينا وليس لزماننا عيب سوانا لا شك ان مسؤولينا يعرفون جيدا أنهم في مواجهة شعب تنخره الأمية ، بنسبة الله وحده يعلم نسبتها ، وبالتالي فأي تبرير قدموه لهذا الشعب، كيفما كان لونه أو طعمه سيقبله. ولذلك فهم يجتهدون لكي تستمر حال الأمية هذه، وان بطرق مقنعة ظاهرها محاربة الأمية، وباطنها مواطن أمي يسهل اقتياده .كما يجهدون في تلويث ذوقه ،وإحساسه من خلال مختلف المسلسلات المكسيكية ،والتركية الرخيصة التي يبثونها إليه، أو من خلال نشر ثقافة الزيف التي لاتميز بين الغث والسمين حيث يتم تكريم اللئيم ،وإهانة الكريم. ولاشك أن ثقافة الذباب هذه قد أثمرت فعلا .ويكفي أن تدعو الناس اليوم لحضور لقاء علمي أو الى سهرة " للشيخات " كي تكتشف ذلك. والأمر حقيقة ليس مستغربا. إذ كيف يمكن لشاب أو شابة أن يحضر لقاء علميا أو فكريا .او يعطي أية أهمية للعلم .وهو يعلم أن الذي سيكرم في الأخير، وسيستقبل في قنوات الإعلام، وتقام له الاحتفالات، هم "الشيخات " أو الاعبين ومن يصرحون" بممتلكاتهم "كما فعلت مؤخرا مليكة احرار أو غيرها من الممثلات المغربيات- "لي ما عندهم علاش يحشمو"- ولذلك لو انك سالت شابا أو شابة عن طموحها أو طموحه في المستقبل .لن يقول لك انه يرد أن يكون مخترعا أو عالما في مجال معين ،بل لقال لك انه يرد أن يكون" شيخة" أو لاعبا لكرة القدم لأنهم هم الذين يحصلون على الكثير من الأموال وهم الذين يحترمهم الإعلام ويتم استدعاؤهم لتكريمهم وتعطى لهم الجوائز ... أما العلماء فلا مكان لهم في مجتمعنا فهم غير موجودين وان وجدو فلكي يعطونا فتوى تشرع للبرلمانيين الحج من أموالنا لا غير . ويا ليت لنا علماء يفتون لنا بأننا أولى بأموال ضرائبنا من القناة الأولى او الثانية او من المركز السنمائي" المغربي " او من المهرجانات الزائفة التي تقام هنا وهناك وتصرف فيها الملايير من أموال المغاربة .لإقامة بنية تحتية قوية وطرق جيدة تستطيع مواجهة الظروف الطبيعية الصعبة وتقريب الإدارة من المواطنين وفك العزلة عن المغاربة من الدرجة الثانية في الجبال وفي اعماق الصحراء ومعالجة المرضى الذين يعانون من شدة الفقر وإطعام الجوعى وإسكان المشردين من أبناء الشعب . ويفتون لنا بضرورة محاكمة المسؤولين عن تبذير المال العام والمسؤولين عن إهدار كرامة الإنسان المغربي وتبديد ثرواته لمدة 50 سنة بدون أفق ، إلا أفق قوارب الموت والعصا المسلطة عليه يوميا أمام البرلمان . نريد علماء يفتون لنا بتحريم شراء الذمم في الانتخابات وضرورة إنزال اشد العقوبات بمن يتلاعبون بذمم المواطنين الأميين ويضيعون مستقبل الأمة. نريد علماء يفتون لنا بتحريم التعذيب أو استعمال العنف ضد المظاهرات السلمية ومحاكمة المسؤولين عن ذلك.