بعد تعيين لامين بنعمر واليا على جهة وادي الذهب لكَويرة خلال الحركة الانتقالية للولاة والعمال مطلع هذه السنة، وجد نفسه أمام تركة صعبة و ثقيلة ورثها عن سلفه حميد شبار الذي كانت حصيلته مأساوية بالنسبة لجهة كانت معروفة بهدوئها وجاذبيتها !، هو ماسيتغرق وقتا من فترته الانتدابية لتجاوز العديد من المطبات والعراقيل التي تركها أمامه والبدء في استراتيجية العمل وتنفيذ الأفكار والتصورات التي يحملها كوالي تقنوقراطي له تجربة ورصيد هام يجمع ما بين المال والأعمال والدراسات التقنية والأوراش والأشغال العمومية التي خبرها. علاقات مشبوهة مع نخبة فاسدة: نسج شبار علاقات مشبوهة مع بعض المنتخبين الذين تفننوا في ممارسة مختلف صور التحكم عبر الاستعمال الفظيع للمال للإجهاز على إرادة المواطنين في الاستحقاقات الانتخابية، فساعدهم في رسم خريطة سياسية هجينة حسب مقاسهم لا تعكس تمثيلية حقيقية ومشرفة للجهة، كما أغدق عليهم بالاستثمارات وكذا البقع الأرضية التي حولوا من خلالها مدينة الداخلة إلى كعكة قطعوها طولا وعرضا حسب إملاءاتهم، وهي نخبة تجمع مابين المال والجهل والتسلط ومازالت في تنسيق واتصال دائم بالوالي السابق، ويراهن المواطنون اليوم بالداخلة على التخلص من هذه النخبة التي زكمت رائحة فسادها الأنوف في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. البطانة الفاسدة للوالي شبار: الكاتب العام ومدير الديوان... لم يكن للوالي لامين بنعمر من خيار خلال السبعة أشهر الأولى لتعيينه على رأس ولاية الداخلة سوى التعامل بحذر و الصبر على تدبير واقع مر وجده أمامه، إلى أن تنفس الصعداء بعد الإعلان عن الحركة الانتقالية لمسؤولي الإدارة الترابية من الكتاب العامين والقياد يوم 31 يوليوز الأخير، وتنقيل "مسامير" الوالي شبار التي تركها في "ميدة" الوالي بنعمر، بتنقيل الكاتب العام الذي عاث فسادا في تدبير وتصريف أمور الولاية من بيع وسمسرة للبقع الأرضية الموقعة على بياض والتي تشير بعض المصادر المطلعة إلى أنه عمل خلال الأسابيع الأخيرة على بيعها وتسخير رئيس جماعة قروية في سمسرتها وبيعها، وتلاعب بالصفقات العمومية التي كان يتحكم فيها ويرسيها على من يتخلى له عن نسبة 10 % من قيمة المشروع إلى أن أصبحت متعارفا عليها بينه وبين المقاولين وأشباههم الذين أطلقوا عليه في قاموسهم الخاص بهم "عشرة في المائة"، وهو الكاتب العام الكثير الغياب بدون رخص أو مبرر والسفر إلى مدن الشمال بما جمع وحمل والحريص على حضور جلسات فتح أظرفة صفقات المشاريع. إضافة إلى تنقيل مدير الديوان وبعض المساعدين في الشؤون الداخلية الذين لم يسلم من عراقيلهم مديرها الجديد، والذين بقوا على اتصال دائم بولي نعمتهم شبار قصد التآمر على الوالي بنعمر وإفشال تجربته وحماية شبكة "المنتخبين" التي تمثل شبار وتتنكر للمواطنين وتتجاهل مشاكلهم . أحداث الداخلة و مؤامرة الوالي شبار لا ننسى أنه خلال فترة تدبير الوالي شبار شهدت جهة الداخلة أصعب وأحلك مرحلة عرفتها في تاريخها باندلاع الأحداث المشئومة والخطيرة سنة 2011 ، حيث كانت الأحداث العنيفة في 26 فبراير 2011 عقب تنظيم النسخة الخامسة لمهرجان الصحراء والبحر، والتي أججتها تصريحات الوالي الغير محسوبة التي استنكرها المنتخبون والأعيان ووقعوا بشأنها رسالة مرفوعة إلى جلالة الملك، وتلتها أحداث خطيرة أكثر دموية وعنفا في أيام 25 – 26 و 27 شتنبر 2011 والتي راح ضحيتها العديد من الأبرياء، فخلقت شرخا كبيرا بين ساكنة المدينة وخلفت احتقانا اجتماعيا لم تمح آثاره بعد اليوم، وتكبدت الداخلة إثرها خسائر كبير في استثماراتها واقتصادها! المجلس الأعلى للحسابات يفضح فساد الوالي شبار أصدر المجلس الأعلى للحسابات ولأول مرة بالنسبة للجهة تقريرا برسم سنة 2011 عن مجموعة من المشاريع المنجزة بالداخلة خلال الفترة مابين 2009 -2013 (مشروع بناء سوق بلدي مغطى في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية - مشروع بناء محطة طرقية - مشروع بناء وتجهيز المعهد الموسيقي بالداخلة - مشروع بناء كزا ديل جنيرال - مشروع بناء المحطة الطرقية - مشروع بناء مجمع الصناعة التقليدية - مشروع بناء مركز الاستقبال والندوات بالداخلة)، والتي رصد من خلالها العديد من الخروقات الكبيرة والجرائم المالية المرتبطة بضعف وغياب الحكامة والشفافية في هذه المشاريع، وهو تقرير في غاية الأهمية وبإمكان الوالي الجديد الاستفادة من ملاحظاته وانتقادته وتفادي الانزلاقات الخطيرة التي وقع فيها شبار. خلاصة: يبدو أنها فعلا تركة ثقيلة ورثها الوالي لامين بنعمر، إلا أن الظروف أصبحت مواتية للبدء في إنجاز خطة العمل التي جاء بها وتنفيذ توصيات الإدارة المركزية لوزارة الداخلية والنموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، خصوصا بعد تنقيل البطانة الفاسدة للوالي شبار وإزاحة الكاتب العام ومدير الديوان، وهو ما يحتم عليه البحث عن آليات جديدة لمحو أوجه الاحتقان الاجتماعي بالجهة، وتطهير الإدارة الترابية التابعة له من حاملي أفكار الوالي شبار أو المتعاونين معه أو مع حلفائه من المنتخبين الفاسدين، والتفكير في جيل جديد من المشاريع والأوراش التنموية التي تحتاجها جهة الداخلة، ومعالجة الاختلالات السابقة والقطع مع الممارسات القديمة، والتواصل مع المواطنين واستقبالهم والاحتكاك اليومي بهم لمعرفة مشاكلهم وتقديم الحلول المناسبة لها والتشبع بمقتضيات المفهوم الجديد للسلطة الذي أعلن عنه جلالة الملك في خطابه ل 12 أكتوبر 1999 بالدار البيضاء كخارطة طريق جديدة لتدبير ولاية جهة مثقلة بالمشاكل والإكراهات وفي نفس الوقت غنية بموروثها التاريخي وبمؤهلاتها الواعدة !!!