لا يخلو اجتماع يرأسه والي الداخلة حميد شبار أو يحضره، أو لقاء وفد أجنبي إلا ويبدأ بالتطبيل والتصفيق للمرحلة المرتبطة بتواجده على رأس هذه الجهة، فيصبح "الأنا" هو الخطاب السائد في هذه المناسبات، وكأن مدينة الداخلة لم تكن بها حضارة أو ساكنة و لم يحكمها عامل أو وال يدبر شؤونها إلا سنة 2009 ، فغالبا ما يصر وكأنه يضع جهاز "الكرونومتر" في يده على تقييم هذه الفترة منذ هذا التاريخ فقط ، والتي يختزلها دائما في : الأنترنيت والربط الجوي والتعريف بالجهة ! ، فهل عجلة التاريخ والتطور بدأت بالنسبة للداخلة منذ سنة 2009 فقط ؟ أم أن مدينة الداخلة تم فتحها على يده سنة 2009 ؟ وهل حكم بالفشل على تجربة العمال والولاة الذين سبقوه ؟ وهل بتر شريط منجزات ومكتسبات الدولة من سنة 1979 إلى سنة 2009؟. حينما يصبح الإخفاق نجاحا حسب منظور الوالي شبار ! لا ننسى أنه خلال هذه الفترة الحالية شهدت فيها الجهة أصعب وأحلك مرحلة عرفتها في تاريخها باندلاع الأحداث المشئومة والخطيرة سنة 2011 ، حيث كانت الأحداث العنيفة في 26 فبراير 2011 عقب تنظيم النسخة الخامسة لمهرجان الصحراء والبحر، والتي أججتها تصريحات الوالي الغير محسوبة التي استنكرها المنتخبون والأعيان ووقعوا بشأنها رسالة مرفوعة إلى جلالة الملك، وتلتها أحداث خطيرة أكثر دموية وعنفا في أيام 25 – 26 و 27 شتنبر 2011 والتي راح ضحيتها العديد من الأبرياء، فخلقت شرخا كبيرا بين ساكنة المدينة وخلفت احتقانا اجتماعيا لم تمح آثاره بعد اليوم، وتكبدت الداخلة إثرها خسائر كبير في استثماراتها واقتصادها، كما توقف عقبها مهرجان الداخلة الشهير في الوقت الذي تعرف فيه مدن بوجدور، العيون، السمارة، طانطان ، كلميم وآسا تنظيم مهرجانات سنوية ناجحة! كما أنه خلال هذه الفترة بالضبط (2009 -2013) أصدر المجلس الأعلى للحسابات ولأول مرة بالنسبة للجهة تقريرا السنة الماضية برسم سنة 2011 عن مجموعة من المشاريع المنجزة بالداخلة (مشروع بناء سوق بلدي مغطى في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية - مشروع بناء محطة طرقية - مشروع بناء وتجهيز المعهد الموسيقي بالداخلة - مشروع بناء كزا ديل جنيرال - مشروع بناء المحطة الطرقية - مشروع بناء مجمع الصناعة التقليدية - مشروع بناء مركز الاستقبال والندوات بالداخلة)، والتي رصد من خلالها المجلس الأعلى للحسابات العديد من الخروقات الكبيرة المرتبطة بضعف وغياب الحكامة في هذه المشاريع ك: - عدم استغلال هذه المشاريع التي تم إنجازها. - عدم استفادة الساكنة المحلية من هذه المشاريع المنجزة. - تخريب الممتلكات العمومية من جراء عدم استغلالها وصيانتها. - التأخير في إنجاز الأشغال و تجاوز مدة إنجاز المشروع. - عدم تشديد مراقبة تتبع إنجاز الصفقات المنجزة. - عدم احترام مقتضيات النصوص التنظيمية والتشريعية المنظمة للصفقات العمومية. - اعتماد تقنية الزيادة في حجم الأشغال والأشغال التي تنجز خارج ما اتفق عليه في الصفقة وفي جدول الأثمان من أجل التمكن من تجاوز الكميات المرصودة في الصفقة الأصلية أو إضافة أشغال أو توريدات لم تتضمنها جداول الصفقة.
سكان الداخلة والحنين إلى العصر الذهبي للوالي اطريشا ! جدير بالذكر أن مدينة الداخلة عرفت تعيين 6 عمال وولاة منذ سنة 1979 إلى بداية سنة 2009 ، دبروا مدينة الداخلة وإقليمها في فترات الشدة والرخاء و زمن السلم والحرب. وإذا كانت الدولة قد أخفقت الموعد في محطات تاريخية معينة فإنها حققت العديد من المكاسب والكثير من المنجزات والمشاريع والبنيات التحتية التي صرفت عليها خلال الثلاثين سنة قبل مجيء الوالي شبار عشرات الملايير من الدراهم، وهي كلها معطيات مدونة ومحسوبة لدى الدولة. فهذه الفترة (1979 – 2009) تميزت طبعا بإيجابياتها وكذا سلبياتها، رغم أن الوالي شبار يتهرب ويتحاشى من ذكر السلبيات المرتبطة بفترة تدبيره. ولا شك أن الفترة الذهبية التي شهدتها الداخلة بكل المقاييس، وحتى نكون منصفين، تنسب إلى الوالي محمد اطريشا الذي فتح أوراشا هامة بالجهة ورسم خارطة طريق تنموية متوسطة وبعيدة المدى استغلها الوالي السابق التامك ومازال يستغلها حاليا الوالي شبار لتلميع صورته ولو بطريقة "عرجاء"، إلى درجة أن ساكنة الداخلة ومتتبعي شأنها المحلي وهم يتأملون وضعها الحالي يتحسرون شديدا على فترة الوالي اطريشا وكأنهم ينادون "رحم الله اطريشا ما أعدله"، لأن الوالي اطريشا لم يتورط في قضايا العقار والأراضي ولم يجلب معه "صهرا"، وكان يقف بنفسه على أوراش المشاريع ويحتك يوميا مع المواطنين في الأحياء الشعبية لمعرفة مشاكلهم دون عقدة أو تهرب لأنه كما يقال بالعامية: "كرشو ما فيها لعجينة"... ! هل تحول الوالي شبار إلى "لويس الرابع عشر" ؟ ! من الطبيعي أن يعرف كل مسؤول سواء كان وزيرا أو واليا أو عاملا أو منتخبا أو مدير مؤسسة عمومية أو خاصة، النجاح والفشل ولو بدرجات متفاوتة، ولكن أن يقيم أي منهم فترته وينسب النجاح "المفقود" لمجهوداته الخاصة، فإن هذه الطريقة تخرج عن أدبيات المسؤولية ويغيب التجرد عنها. ف"أنا" شبار وحديثه في كل مناسبة أو فرصة يتحينها عن "الداخلة 2009" و"الداخلة أصبحت منذ سنة 2009" و "أنا أنجزت" و"أنا فعلت" و"وكانت الداخلة قبل 2009 وأصبحت الآن..." يذكرني حقيقة بملك فرنسا لويس الرابع عشر (Louis XIV) المعروف بالحكم المطلق وصاحب مقولته الشهيرة: "الدولة: هي أنا" (L'Etat c'est moi)، وهذا هو حال الوالي حميد شبار "الداخلة: هي أنا" و "أنا 2009"... يقدم من خلالها صورة وردية عن الداخلة التي لا توجد إلا في مخيلته أو برجه العاجي في الولاية، رغم أن الداخلة التي نعيشها وتعيش في وجداننا مازالت غارقة في مشاكل يعيشها المواطنون يوميا، كمشكل الروائح الكريهة المنبعثة من المطرح البلدي، مشكل انقطاع الماء ونذرته يوميا، مشكل التطهير السائل في العديد من أحياء المدينة، هشاشة البنيات التحتية وانعدام الجودة في المشاريع، ضعف الحكامة، عدم تسوية وضعية ملاكي لحرايث، المضاربات العقارية المشبوهة وهدر الرصيد العقاري للمدينة، خروقات في الصفقات العمومية، الاحتقان الاجتماعي وتبعات أحداث سنة 2011..... !