يزخر الجنوب المغربي من جبال الأطلس الكبير والصغير المحيطة بمنطقة سوس الى الصحراء وضفاف وادي درعة الى واحات تافيلالت، بأعلام النساء الفاضلات اللائي طواهن النسيان، عبر التاريخ، فمنهن الأميرات والفقيهات والمدرسات، والعالمات والواعظات والمرشدات، والحافظات والمقرئات، والروحانيات والمتصوفات والزاهدات والأديبات والشاعرات والناظمات للمحفوظات بالأمازيغية وبالعربية، ومنهن مؤسسات للمدارس العلمية ومشيدات للمعاهد الدينية منذ قرون، ومنهن من نالت المقامات السامية لدى الناس... فنلن إكرامهن بإقامة الحفلات الدينية والمواسم وملتقيات العبادة والذكر في مقاماتهن، بل هناك من المدارس العلمية العتيقة من حملت أسماء نساء عالمات صالحات شهيرات، كمدرسة للا تاعلات ومدرسة موزايت ومدرسة للا تعزى، وقد اهتم بعض الباحثون بالبحث في مناقبهن واكتشاف شخصياتهن التاريخية ووضع تراجم لهن وأخبارهن كالعلامة محمد المختار السوسي في مؤلفاته العديدة، والعلامة الحضيكي وغيرهم من الأساتذة المعاصرين أيضا من الذين بذلوا مجهودات جبارة للتوسع في البحث والتنقيب عن شخصياتهن التاريخية وفيما يلي لائحة بأسماء أعلام النساء بالجنوب المغربي كما وردت في مختلف المؤلفات المذكورة والشهيرة، مع إضافة ما استطعنا اكتشافه أخيرا، مع العلم أن هذه اللائحة غير محصورة العدد، فهناك العديد منهن في قبائل سوس وحوز مراكش والصحراء ومناطق وادي درعة الى تافيلات، واللائي لم يشملهن البحث ولم يكتشفهن التقصي في مجاهل الصحاري وقمم الجبال وشعاب الهضاب ومروج السهول بالقطر السوسي الكبير، وستبدي لنا الأيام القادمة ما نجهل عنهن وستأتي لنا الأخبار بما لا نعلم منهن، ولن يتأتى لنا ذلك إلا بتظافر جهود الباحثين والباحثات لتحقيق ذلك، وما هذا البحث المتواضع الا بذرة ثقافية تنتظر من ينميها ويغنيها بالمعرفة. السيدة زينب بنت اسحاق النفزاوية : أميرة حكيمة عاقلة حليمة، ربة الديار الملكية المرابطية، وقصة ظهورها ما رواه المؤرخون أنه لما ارتحل المؤسس الأول للدولة المرابطية وهو عبد الله بن ياسين إلى بلاد المصامدة ففتح جبل درن وبلاد رودة ومدينة شيشاوة بالسيف ثم فتح مدينة نفيس وسائر بلاد كدميوه ووفدت عليه قبائل رجراجة وحاحة فبايعوه ثم ارتحل إلى مدينة أغمات وبها يومئذ أميرها لقوط بن يوسف بن علي المغراوي فنزل عليها وحاصرها حصارا شديدا ولما رأى أمير أغمات لقوط ما لا طاقة له له أسلمها وفر عنها ليلا هو وجميع حشمه إلى تادلا فاستجار ببني يفرن ملوك سلا وتادلا ودخل المرابطون مدينة أغمات سنة تسع وأربعين وأربعمائة فأقام بها عبد الله بن ياسين نحو الشهرين ريثما استراح الجند ثم خرج إلى تادلا ففتحها وقتل من وجد بها من أمراء بني يفرن وظفر بالأمير لقوط المغراوي فقتله وكان للقوط هذا امرأة اسمها زينب بنت إسحاق النفزاوية وقد قال عنها ابن خلدون وكانت من إحدى نساء العالم المشهورات بالجمال والرياسة وكانت من قبل لقوط بن يوسف المغراوي خلفه عليها أبو بكر بن عمر اللمتوني، ولما عزم الأمير أبو بكر بن عمر على السفر إلى بلاد الصحراء دعا ابن عمه يوسف بن تاشفين بن إبراهيم اللمتوني فعقد له على بلاد المغرب وفوض إليه أمره، ثم سار ابن تاشفين حتى دخل مدينة أغمات ولما استقر بها تزوج زينب بنت إسحاق النفزاوي التي كانت تحت أبي بكر بن عمر فكانت عنوان سعده والقائمة بملكه والمدبرة لأمره والفاتحة عليه بحسن سياستها لأكثر بلاد المغرب ومن ذلك إشارتها عليه في أمر أبي بكر بن عمر وكيفية ملاقاته حسبما ذكرناه آنفا وهكذا كان أمرها في كل ما تحاوله ومما يستطاب من حديثها ما حكاه ابن الأثير في كامله وقد تكلم على يوسف بن تاشفين هذا فقال كان حسن السيرة خيرا عادلا يميل إلى أهل العلم والدين بكرمهم ويحكمهم في بلاده ويصدر عن رأيهم ومكان يحب العفو والصفح عن الذنوب العظام من ذلك أن ثلاثة نفرا اجتمعوا فتمنى أحدهم ألف دينار يتجر بها وتمنى الآخر عملا يعمل فيه لأمير المسلمين وتمنى الآخر زوجته وكانت من أحسن النساء ولها الحكم في بلاده فبلغه الخبر فأحضرهم وأعطى متمني المال ألف دينار واستعمل الآخر وقال للذي تمنى زوجته يا جاهل ما حملك على هذا الذي لا تصل إليه ثم أرسله إلى زوجته فتركته في خيمة ثلاثة أيام ثم أمرت بأن يحمل إليه في كل يوم طعام واحد ثم أحضرته وقالت ما أكلت في هذه الثلاثة الأيام قال طعاما واحدا فقالت له كل النساء شيء واحد وأمرت له بمال وكسوة وسرحته إلى حال سبيله السيدة الحرة الصالحة مسعودة : الأميرة العالمة الصالحة رية الديار الملكية السعدية ووالدة السلطان أحمد المنصور الذهبي السعدي، اشتهرت بعلمها ومجالسها العلمية مع الفقهاء ومناظراتها معهم، ولازال مكان تعبدها ماثلا للعيان في روضة قبور الأشراف السعديين بمدينة مراكش، وقد اشتهرت أيضا بكرمها وجودها فكانت محبوبة النساء المغربيات، ومن أشهر آثارها بمراكش بستان المنارة الذي كان يحمل في عهدها اسمها، فكان يدعى بجنان الصالحة، وبعد وفاتها سماه المنصور ببستان المسرة، وبعده سمى باسم بستان المنارة، وقد كانت النساء تتغنى بهذا البستان لجماله وتخليدا لذكرى هذه الأميرة الفاضلة في أبيات شعرية متواترة عبر التاريخ وهي أجرادة مالحة *** في كنت سارحة *** في جنان الصالحة السيدة أم الملوك المغافرية : زوجة المولى الشريف العلوي، ووالدة السلطان المولى اسماعيل العلوي، أهداها له الأمير السملالي أبوحسون بودميعة عندما كان معتقلا لديه في سوس، الى أن افتداه ابنه السلطان المولى محمد الأول العلوي السيدة خناثة بنت بكار المغافري : أم الملوك العلويين، هي خناثة بنت الشيخ بكار بن علي بن عبدالله المغافري، زوجة السلطان مولاي اسماعيل ووالدة ابنه السلطان المولى عبدالله وجدة السلطان سيدي محمد بن عبدالله، كانت على جانب كبير من الخيارة والتدين والمعرفة، لها اعتناء بالحديث ورجاله، وجد خطها بهوامش المجلدين 3 و 4 المخطوطين من كتاب الاصابة لابن حجر المحفوظ بالخزانة الملكية بالرباط، كانت ثقة عند زوجها السلطان مولاي اسماعيل بحيث كان يعهد إليها بتحرير الرسائل التي يخفي أسرارها عن كتابه، وكان أهل الفضل والحياء الذين يأنفون من التزاحم على أبواب الملوك يهرعون إليها للتشفع لهم في الملمات وقضاء المهمات، فكانوا يجدون عندها من الاستعداد ما يطلق ألسنتهم بشكرها والدعاء لها، ذهبت الى الحج سنة 1143 ه وصحبت معها حفيدها السلطان سيدي محمد بن عبدالله وهو إذ ذاك دون البلوغ، توفيت في 6 جمادى الأولى سنة 1155 ه ودفنت بروضة الأشراف بالمدينة البيضاءفاس الجديد قال المؤرخ عن ظهورها : دخلت سنة تسع وثمانين وألف وفيها غزا السلطان المولى إسماعيل صحراء السوس فبلغ آقا وطاطا وتيشيت وشنكيط وتخوم السودان فقدمت عليه وفود العرب هنالك من أهل الساحل والقبلة ومن دليم وبربوش والمغافرة وودي ومطاع وجرار وغيرهم من قبائل معقل وأدوا طاعتهم وكان في ذلك الوفد الشيخ بكار المغفري والد الحرة خناثى أم السلطان المولى عبد الله بن إسماعيل فأهدى الشيخ المذكور إلى السلطان ابنته خناثى المذكورة وكانت ذات جمال وفقه وأدب، فتزوجها السلطان رحمه الله وبنى بها وولدت له السلطان المولى عبدالله-وأهل قبيلة المغافرة من جزولة ويسكنون في جهة الجنوب من صحراء بلاد القبلة الشرقية مما يلي التخوم السوسية نحو الصحراء، وهم من بلاد فائجة تامانارت ومعناها الحد الفاصل بين بلاد الصحراء وبلاد التل، وإليها ينتمي عبدالله بن ياسين السيدة أم الزهراء التيغانيمية : الولية الصالحة بنت سيدي امحمد بن عبدالرحمن من تيغانيمين بأورير الواقع قرب مدينة أكادير السيدة تاكاترت : المرأة الصالحة التي حملت إسمها المدرسة التي تأسست على مشهدها في وادي قبيلة إداكواكمار، وهي أخت المتقدمة السيدة تاكدا بنت سعيد : عاشت بين 1242 – 1340 ه وهي جدة العلامة المختار السوسي السيدة تعزى الأغرابوئية : صالحة من قبيلة إداوباعقيل، توفيت سنة 1388 ه السيدة تعزى بنت سليمان الكرامية : من الصالحات وهي والدة مؤلف كتاب – بشائر الزائرين – العلامة داود الكرامي، توفيت سنة 1155 ه ودفنت بتادارت السيدة تعزى بنت عبدالعزيز : صالحة من أفلا أوكنس، قرينة سيدي صالح البيجوتي من أيت بيجو، توفيت سنة 1288 ه، وكانت معاصرة للشيخ سيدي محمد بن ابراهيم أعجلي المتوفى سنة 1271 ه السيدة حبيبة بنت محمد بن العربي الأدوزي : صالحة فقيهة القرينة الثانية للعلامة الرفاكي، توفيت سنة 1355 ه السيدة حواء بن احمد بن محمد الحضيكي : صالحة عابدة قانتة ذاكرة من آل البيت الحضيكي، وتسمى بالأمازيغية باسم حوكا، توفيت في وباء الطاعون سنة 1161 ه السيدة حواء بنت سيدي يحيى الرسموكي : الولية الصالحة وزوجة سيدي ابراهيم ابن يعقوب، وتسمى بالأمازيغية باسم حوكا، أو حكة، لها مشهد في تماشت يقام عليه موسم نسائي، توفيت سنة 1155 ه السيدة خديجة التمكدشتية : كريمة الشيخ سيدي الحسن التمكدشتي، صالحة محبوبة لدى الناس، وقرينة الحاج ابراهيم السويري، توفيت سنة 1321 ه السيدة خديجة بنت ابراهيم الافرانية : صالحة وأخت الشيخ سيدي الطاهر تقديم : محمد زلماضي المزالي