المشهد العام الذي نودع به شهر شعبان و نستقبل به رمضان مثير للاستغراب من ناحية التصرف غير المبرر للاكثرية منا ؛و نحن نبحث عما يملئ ثلاجات منازلنا بما لذ وطاب ،بحيث يجعلها تشعر بالتخمة لمجرد ان رمضان على الابواب. كما لو أن رمضان أضحى شهر الأكل ، السهر و محاولة ضياع الوقت ليمر الشهر بسلام ،، فكلما مررتَ بمحل جزارة اعتقدتَ أن اللحم سينتهي بانتهاء شهر شعبان،وكلما عرجتَ على بقالة لللتغدية العامة ظننت ان تاريخ إقفالها سيحل بحلول رمضان.. غريب أمرنا و نحن نتكدس هنا وهناك لِنحصد الريح .. أمام ما يحمله رمضان من روحانيات قد لا نعود لتحصيلها أبدا إذا ما لم نقدر استغلالها فيما قد يعود علينا باكتساب الاجر والثواب ... شغلتنا المظاهر أكثر مما يجب ان تُشغلنا فوجدت الواحدة تسأل الأخرى عما أعدت لرمضان من أنواع الجلابة التقليدية التي بدأ مصمموها يتفننون في إغراق السوق بأنواع متعددة منها، فخرجت علينا الجلابة التي لا تَستر بقدر ما تُسفِر في الُعري،خاصة وان رمضان هذه السنة أتى في عز الصيف و الحرارة مُفرطة، فذهب رونق الجلابة كلباس تقليدي يعطي انطباع الحشمة و يقدم صورة عن المراة المغربية التي تطلب الأناقة مُقترنة بالإحتشام ... بينما راحت أخريات تتحدثن عن الأكلات التي تميز الموائد المغربية في رمضان و مالذي حضرته منها، لتكون المائدة مُشكلة بأنواع متعدة تليق بسيدي رمضان،و كأن نهار رمضان لن ينتهي على خير اذا لم يتواجد صنف من تلك الأصناف على المائدة، أو كأن بغيابه تغيب فرحة الافطار بعد اعلان الأذان ... إلا أن االغالبية العظمى ليس لها من هم الا أين ستكون السهرية في ليالي رمضان التي يحلو فيها الاكل و تُستطاب فيها الحوارات التي لا طعم لها و لا نكهة، تُبعد الصائم عن روحانية الشهر،و تَقلب ليله نهارا و نهاره ليلا... وحتى ان لم تفكرأنت في أين ستقضي ليل رمضان الطويل، فالقنوات التلفزية أخذت عنك هذا العبئ و تكفلت بملئ كل سويعاتك بالضحك و المرح والفكاهة و المسلسلات المتنوعة التي تفوح منها رائحة الخلاعة و تستثمر العُري و الأصباغ وتقدم المشهد على طبق من استهتار... هكذا نستقبل شهر العبادة،ان لم يكن اكثر، مشهد يُدمي قلب من لازال يحمل في صدره ذرة خشوع قد تغيب عنا طوال العام، لكن يجب ان نستحضرها بحضور شهر رمضان و نعرف بالتالي كيف نستغل اوقاتنا في تدبر أحوالنا و حسن فهم ماهية الشهر و الغرض الحقيقي من الصيام، فلا أعتقد عاقل يُؤكد أن صيام يوم رمضان لن يُقبل منه إذا غاب صنف من الاكلات _التي تُحضر خصيصا لرمضان _عن مائدة الإفطار،أو ان لم نستقبل اول ايامه بجلابة من طراز ونوع غال مُفاخرة ليس الا،،فكلها مظاهر اكتسبناها اكتسابا فبدأنا نطلبها طلبا ، يُحدث نوعا من الشرخ بين ما نحن عليه وما يجب أن يكون... "الحاصول عواشركم مبروكة "جعلنا الله ممن يُتقبل منهم صيامهم ، قيامهم و دعائهم، و يسر لنا سبل العبادة الحقيقية التي تجعل القلب في خشوع. [email protected]