يُحكى أن احد المسؤولين الكبار ممن كانت الدولة تكلفهم بسلخ المعارضين والمناضلين ، كلفته بالإشراف على بناء سجن رهيب وكان هذا المسؤول يزيد من عنده وينفخ في الأمور أكثر من اللازم ويصرخ في وجه المهندسين والعمال وهو يطلب منهم تضيق أبواب ونوافذ الزنازن بشكل يمنع ضوء الشمس من الدخول . درات الدوائر على صاحبنا المسؤول وجاء حكم الله في الظالم وتحول صاحبنا الذي كان الكل في الكل إلى نزيل في السجن الرهيب وحين كان السجانون يدخلونه الزنزانة تذكر وندم أشد الندم وتمنى لو انه أمر المهندسين والعمال بتوسيع الأبواب والنوافذ بدل تضيقها، فكم من جمس بوند أراد أن يضيقها على عباد الله فضيقها الله عليه. تذكرت هذه الحكاية وتذكرت معها قصة والي امن طنجة السابق الذي أصبح من المنسين وكان في ذات زمان رجل آسمه عبد العزيز إيزو آحتفلت به طنجة أيما آحتفال في يوم تعيينه رئيسا للحرس الخاص، حيث بايعه الكل وآنحنت له رؤوس الكثيرين بمن فيهم رؤساء المصالح ورجال الأعمال وتسابق إليه الكل يريدون الحظوة والقرب، لكن درات الدوائر مرة أخرى ووجد الرجل نفسه مشيعا في سطافيط إلى سجن عكاشة وهو يقول إخ عليك يا زمن بعد أن تنكر له الكل وهجره المبايعين في آنتظار قنطرة أخرى ، فلا تغرنكم المناصب ولا الحياة الدنيا. ودوام الحال من المحال كما آتفق عليه أصحاب الحال فكم من سيد أو اسياد كانوا يركّعون أصحاب اللحي والهامات ويلعبون في المصائر كما يلعبون الدومينوا فآنظروا في أفقير والدليمي والبصري الذين أضحو في خبر كان وربك يمهل ولا يهمل فهذا بالنسبة للصغار فماذا سنقول في الكبار ؟ والصغار هم المتواجدون في الإدرات والكوميساريات والذين يتصرفون كجمس بوند ات وليس بوند واحد حين يأتي إليهم المواطن البسيط بعد ان سلبه قطاع الطرق أمواله في عز النهار فينتفخون عليه كما تنتفخ القطط ليطلبوا إليه الرجوع لأنهم مشغولون ولا ندري بما هم مشغولون إن لم ينشغلوا بنجدة الناس ضحايا الكريساج وإرجاع أموالهم التي تنهب بطريقة أقرب إلى عصور السطو على القوافل ايام الجاهليين وعرب قريش ، فالمواطن الفقير والبسيط هو الأدة الأضعف القابلة للنهر والشتم حتى وإن كان طالب حق ضائع وما اكثر ذوي الحقوق الضائعة والمهضومة في هذا الوطن الذي لا يرحم ؟ ويبدوا أن المجرمين أرحم من جمس بوندات فعلى الاقل هم لا يسبونك ولا يشتمونك ويكتفون بسلبك أموالك وقد يعتذرون منك لأن الحال يغني عن السؤال كما حدث لأحد اللصوص حين سرق إحدى الأبناك فترك رسالة طريفة تقول " إعذروني ليس لي مال " مع أنه شتان بين سرقة البنك وسرقة المواطن المزلوط !!! وقضية النفخة على الخوى وآعتبار الناس مجرد أداة لتحصيل الجبايات تصبح واضحة لا لبس فيها في المستشفيات العمومية المتسخة فقد أضحى ترك الناس والمرضى ممددين في المستعجلات يصارعون الموت أمرا شائعا لأنه ببساطة تلزمك القهيوة " قهيوة الدكتور...قهيوة الممرضة ...قهوة العساس ...إلخ " فهم من عيار زائد والمواطن من عيار رديئ فالمريض لا يصلح إلا للآبتزاز المال منه مع أن هذا المريض هو الذي يدفع الضرائب لكي يحصل الطبيب على راتبه في اخر الشهر ولكن لا حياة لم تنادي وأنت في غمرة الواد . فالمسألة مسألة ضمير وكرامة مهما كان الإنسان سواء كان موظفا برتبة وزير او موطفا بسيطا في سلك الشرطة أو الصحة فظلم الناس أفدح من اي شيء ولا شيء يظل على حاله فلو دامت لغيرك لما وصلت إليك وآسمعوا قول الشاعر الزمخشري : فكم رأينا ظالما متجبرا يرى النجم تيها تحت ظل ركابه فلما تمادى وآستطال بجوره أناخت صروف الحاثات ببابه وعواقب الظلم الذي يجتبي وصبّ عليه الله سوط عذاب فحذاري دوام الحال من المحال . [email protected]