بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار الإقليمي    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    لقاء بوزنيقة الأخير أثبت نجاحه.. الإرادة الليبية أقوى من كل العراقيل    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    التوافق المغربي الموريتاني ضربة مُعلمَين في مسار الشراكة الإقليمية    من الرباط... رئيس الوزراء الإسباني يدعو للاعتراف بفلسطين وإنهاء الاحتلال    ال"كاف" تتحدث عن مزايا استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس إفريقيا 2025    مسؤولو الأممية الاشتراكية يدعون إلى التعاون لمكافحة التطرف وانعدام الأمن    المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة تقدم توصياتها    توقع لتساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800 م وهبات رياح قوية    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    ألمانيا تفتح التحقيق مع "مسلم سابق"    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025        توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    أميركا تلغي مكافأة اعتقال الجولاني    الحوثيون يفضحون منظومة الدفاع الإسرائيلية ويقصفون تل أبيب    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع        "فيفا" يعلن حصول "نتفليكس" على حقوق بث كأس العالم 2027 و2031 للسيدات    مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري        دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    كيوسك السبت | أول دواء جنيس مغربي من القنب الهندي لتعزيز السيادة الصحية    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    الطّريق إلى "تيزي نتاست"…جراح زلزال 8 شتنبر لم تندمل بعد (صور)    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخطر حيل وأساليب تسريب المخدرات إلى داخل السجون


أبطالها سجناء وأقاربهم وحراس وموظفون

هو التناقض بعينه، فقد يعتقل المرء بسبب تدخينه لفافة حشيش من النوع الرديء (فرشاخة)، في مغرب يخصص مساحة واسعة من أراضيه لزراعة القنب الهندي، الذي يعتبر أبا روحيا لكل من مادتي "الكيف والحشيش"، وقد نلمس هذا التناقض حينما نرى أصفاد دوريات الشرطة تتلألأ حول معصمي مدمن دفعته البلية إلى الانزواء في "راس الدرب" قصد تدخين "جوان" بعيدا عن أعين المارة، أو حينما تجعله الثمالة بعد تناول كؤوس من "الماحيا" يرقص معربدا بإحدى أزقة الحي الذي يقطنه، لينتهي به المطاف إلى زنازن السجن، بينما تعج هذه الأخيرة، التي تتماشى وقانون زبانيتها من الحراس بشتى أنواع المخدرات، بدءا من "الحشيش والكيف وحبوب الهلوسة والنفحة وانتهاءا بالكالة، والسيليسيون..."، وكأن الأمر يتعلق بمنطقة حرة، معزولة عن منطق قانون مكافحة المخدرات، لكن السؤال الذي يفرض نفسه في مثل هذه الحالة، هو كيف تُعَبِّدُ المخدرات طريقها نحو السجون المغربية؟ فالمؤكد في هذا الباب، هو أنها تعبر مسالكها، بأساليب وحيل يفوق تطورها حداثة أجهزة المراقبة داخل السجون، وهذا ما سنحاول تسليط الضوء عليه في هذه الزواية من التحقيق. ""

تواطؤ الحراس والموظفين في تسريب المخدرات داخل السجون
قد يتساءل البعض عن السر الكامن وراء انتعاش أغلب السجون المغربية، المفروض فيها تهذيب وتقويم وكذا إصلاح سلوك السجناء، ببعض أنواع المخدرات، بل تتزاحم الأسئلة وتتناسل، حينما تتناقل إلى المسامع أخبار عن تحول بعض الزنازن إلى أسواق مفتوحة للاتجار في مختلف ألوان المخدرات، بمباركة حراس السجون، الموكول لهم مراقبة "الشاذة والفادة" وراء القضبان، غير أن الأمر الخطير في هذا الباب، هو ولوج بعض السجناء سجون المغرب، بنسب متفاوتة من تُهَمِ الإجرام، ليغادروها بعد ذلك وهم مجرمون مائة بالمائة؛ في هذا الإطار، يرى بعض المعتقلين أن السبب الكامن وراء ذلك، يرجع بالأساس إلى تقاعس بعض مدراء المركبات السجنية في القيام بواجباتهم، سيما غض الطرف عن زجر المخلين بالآداب العامة داخل إمبراطورياتهم السجنية، زد على ذلك سياسة التساهل والتواطؤ التي ينهجونها قصد تكريس بعض السلوكات التي اعتقل بسببها السجناء أنفسهم، بغرض ترك المياه راكدة، وعدم تعكير صفو مزاج السجناء، عاملين بمبدأ "الله يخرج سربسنا على خير"، هذا الواقع وإن كانت معالمه متفاوتة بين سجن وآخر، يبقى حسب من ذاقوا مرارة السجون، أحد العوامل الأساسية في تفريخ شواذ ومجرمين و"بزناسة" جدد، إذ لا يخلو سجن في المغرب من شواذ يغطون العجز الجنسي داخل الزنازن و"بزناسة" أيضا، يقتلون ببضاعاتهم المهربة رتابة السجون، لكن كيف يتم تهريب المخدرات داخل السجون المغربية؟

"جميع الأنواع ديال المخدرات كاينة داخل الحبس، أي حبس، كيفما كان النوع ديالو"، كان هذا جواب، أحد الذين مروا بتجربة الاعتقال داخل سجن عكاشة بالدار البيضاء، يلقبه أبناء الحي ب "الشيطان"، وحسب بعض أصدقائه، فقد حمل هذا اللقب إبان الفترة التي قضاها داخل الزنزانة ب "جناح 4"، حيث كان المزود الرئيسي لزنزانته بمخدر الحشيش، بل كانت تجارته تمتد إلى حيث الزنازن المجاورة، بالنسبة ل "الشيطان"، فالمواد الأكثر طلبا داخل زنازن سجن عكاشة، هي الحشيش وحبوب الهلوسة، بالإضافة إلى السيليسيون، في حين تحتل مادة "النفحة" و"الكالة" المرتبة الثانية، بغض النظر عن السجائر التي يعتبرها السجناء عملة للتداول، وعن سؤالنا ل "الشيطان" عن الكيفية التي يتم بواسطتها تسريب هذه الأنواع من المخدرات إلى داخل زنازن السجناء، أجاب قائلا "بالنسبة لي، فقد أصبحت "بزناسا" رغما عن إرادتي، حيث أنه في أول يوم لي داخل "الزنزانة" اصطدمت مع "الشاف شومبر"، إذ عنفني أمام أزيد من 50 سجينا، وبما أنني لم أكن ذو سوابق في هذا المجال، سلمت بالأمر الواقع، لكن بعد حوالي ساعتين، حرضني سجين هناك، كان يقبع وحيدا في زاوية الزنزانة، بِرَدِّ الدين ل "الشاف شومبر"، حيث قال لي "ما تخافش منو، وخا غليض وطويل عليك، راه غير خنتة، وإلى غلبتيه راه غادي يتهلا فيك الحاج"، عندها لم أشعر إلا وأنا أمامه، أُسدّد له لكمة تلو أخرى، حتى أسقطته أرضا، بعدها جاءني أحد الحراس وقال لي "لقد أصبحت الآن (شاف ديال الشومبر)"، في اليوم الموالي أرسل في طلبي الحاج، لم أكن أعرفه، لكنني وجدته على علم بالسيناريو الذي جرى بيني وبين "الشاف شومبر"، وبالنسبة للحاج، فهو سجين يقضي عقوبة حبسية طويلة، إذ قال لي، إن موقعك الحالي يخول لك التصرف في الزنزانة كما تشاء، وأي مشكل يعترض سبيلك، ستجدني بجانبك، منحني علبة سجائر شقراء وولاعة، وبينما هممت بالإنصراف، خاطبني قائلا "واش كا تكمي لحشيش"، ولما أدرك الجواب من خلال إيماءتي، منحني قطعة حشيش بحجم علبة عود الثقاب، قائلا "كمي منها وبيع مع راسك، جوان واحد ب 20 درهم"، وبعد حوالي ثلاثة أيام طلب مني أن أروج له بضاعته بين السجناء في الزنزانة التي أشرف على ترتيب أمورها، وهكذا وجدت نفسي "بزناس" رغما عن أنفي، وبكل صراحة، فالحشيش داخل الزنزانة، يجعل الأيام تمر بسرعة البرق".. إذا تعمقنا في جواب "الشيطان"، سنجد أن ترويج المخدرات داخل الزنازن يخضع لنظام هرمي، حيث الظاهر والمستتر، لكن من كان يقف خلف الحاج؟ هذا السؤال أجاب عنه الشيطان قائلا: "الحاج حتا هوا راه بزناس في الشومبر ديالو، ولكن واش الحشيش طاح عليه من السما"، كان "الشيطان" يحاول أن يكشف عن المسالك التي تعبرها المخدرات إلى حيث الزنازن، لكنه أحجم برهة عن القول، وكأنه يخضع اعترافاته لتحليلات دقيقة قبل أن يُدلي بها، وبعد أن سوى لفافة حشيش، استطرد قائلا "طرق تهريب المخدرات متنوعة وكثيرة، ويكفي أن تسأل من سبق له معانقة السجون، ليمطرك بوابل من الحيل التي تعتمدها أسر بعض السجناء أثناء الزيارة في تسريب المخدرات، أما حالتي، فقد كنت أتزود بمخدر الحشيش من يدي الحاج مباشرة، وقد سبق له أن أشار لي بأنه هو الآخر يتزود بها من احد الموظفين، الذي يأتيه بحوالي 200 غرام كل أسبوع"، مجَّ "الشيطان أنفاسا من لفافته المخدرة، وأخذ ينبش في ذاكرته عما خفي من معالم أيامه داخل الزنزانة، لينطلق فجأة في البوح مسترسلا "قليلة هي الحالات التي يسرب فيها أقارب النزلاء بعض أنواع المخدرات، وحتى إن تمت، فالكميات المهربة تعتبر ضئيلة مقارنة مع ما يجلبه بعض الحراس من الخارج، حتى أني ذات يوم، تسربت إلى أنفي رائحة "السليسيون"، ولما بحثت بين السجناء، وجدت أحدهم غارقا في أنفاسه المخدرة، ولما سألته عن مصدر اللصاق، أجابني بأنه اقتناها من حارس السجن بمبلغ 60 درهما، بل إنه في الوقت الذي كنت فيه "شاف شامبر"، فاجأني أحدهم بأن بحوزته علبة من أوراق "النيبرو (زيكزاك)، طالبا مني السماح له بترويجها مقابل اقتسام نصف ثمنها، وعندما سألته عن مصير النصف الثاني، أجابني بأنه مرهون لأحد حراس السجن".

وحسب موظف سابق بسجن عكاشة، فجميع الحراس والموظفين متهمون بتسريب المخدرات، كل حسب طرقه الخاصة، لكنهم في نفس الوقت أبرياء حتى تثبت إدانتهم، ومن ضمن الطرق التي اعتادها أحد الحراس هناك لتسريب حبوب الهلوسة أو ما يسميه المدمنون على تناولها ب "القرقوبي"، هو استعمال طريقة ذكية في تسريب هذه المادة الخطيرة، قبل أن يسقط ضحية لوشاية من خصومه، إذ كان يعتمد في عملية التهريب هاته على قبعته، حيث تمكن من إحداث عدة جيوب داخلها دون أن يؤثر ذلك على شكلها الخارجي، مما ساعده على حشوها بأشرطة حبوب الهلوسة أو "سمطات القرقوبي" كما يتداول البعض، حيث استطاع أن يسرب حوالي مائة حبة من حبوب الهلوسة يوميا إلى حيث مروجيها داخل الزنازن، وبالمناسبة فثمن الحبة الواحدة هناك يتراوح بين 40 و50 درهما وقد تصل إلى 60 درهما أيام السبت والأحد، بل هناك من يلجأ إلى اقتنائها، مقابل منح "البزناس" بعضا من ممتلكاته، كالمذياع، أو بطاقة التعبئة، أو علب السجائر، أو بعض الملابس..."؛ وفي هذا الإطار يقول مصدرنا، إنه خلال سنة 2006، تمكنت إدارة سجن بوركايز بمدينة فاس من إحباط عملية تهريب كمية هائلة من المخدرات إلى باحة السجن المحلي بهذه المدينة، حيث كان بطل هذه العملية حارسا للسجن، نفس الشيء بالنسبة لسجن عين قادوس بالمدينة نفسها، الذي أحبطت فيه عملية مماثلة، كان أحد الحراس ضحيتها بعدما تم اكتشافه وهو على أهبة تسريب كمية من المخدرات وصفها مصدرنا بالضخمة، ومن الحيل التي يعتمدها حاليا أحد حراس سجن عكاشة في تسريب كميات الحشيش، حسب مصدرنا من داخل السجن، هو استعمال هذا الحارس هاتفه النقال، إذ استطاع بواسطته من إدخال كميات كبيرة من الحشيش، حيث تصل إلى حوالي 150 غرام عند كل عملية، ويصف مصدرنا هذه العملية قائلا: "لقد أفرغ هذا الحارس هاتفه من جميع قطعه الإلكترونية، ولم يحتفظ إلا بشاشته وكذا الشفرة المطاطية التي تضم الأرقام، كما يصمم قطع الحشيش وفقا لقالب الهاتف، بعدها يثبت قطعة الحشيش في المكان المخصص لها داخل هاتفه النقال، كما لو أنه يثبت البطارية، وعند إنهاء العملية، يدخل باحة السجن بكل أريحية، (وعين ما شافت وقلب ما وجع)"؟!

استغلت عيد الأضحى لتهريب المخدرات إلى زوجها داخل السجن
إن الحاجة الماسة في طلب المخدرات داخل السجون المغربية، فرضت على بعض النزلاء طلب هذه المواد من أقربائهم، على اعتبار أن ترويجها داخل السجون يدر أرباحا طائلة أكثر مما قد يجنيه "البزناسة" خارج أسوار السجن، أو "السيفيل" حسب لغة "البيضاونسي"، اللغة الأم للسجناء داخل الزنازن، وقد يلجأ بعض نزلاء المؤسسات السجنية إلى إلهام ذويهم بطرق فريدة قصد اعتمادها في تسريب المخدرات إلى حيث يتواجدون خلف القضبان؛ وحسب سيدة رفضت الكشف عن هويتها، فقد استطاعت تهريب كميات مهمة من مخدر الشيرا إلى زوجها المحكوم عليه بأربع سنوات سجنا، بعدما قدم للقضاء من أجل ترويج المخدرات مع حالة العود، تقول هذه السيدة ساخرة "ما كين لا مراقبة ولا هم يحزنون كلشي تايدخل للحبس، واش في خباركم واحد دخلوا ليه لشومبر ديالو بنت عزبة كاع"، فبالنسبة لهذه السيدة المقيمة بمدينة الدار البيضاء، فقد أملى عليها زوجها المعتقل بسجن خارج العاصمة الاقتصادية حيلة فريدة من نوعها، إذ بواسطتها استطاعت أن توصل إليه بضاعته من مخدر الشيرا إلى حيث يقبع داخل الزنزانة، تضيف السيدة قائلة، "طلب مني زوجي أن استغل عيد الأضحى لسنة 2006، في تسريب كمية قليلة من المخدرات قصد جس نبض حراس السجن في محاولة أولى، حيث أملى علي حيلة ذكية لاستغفال حراس السجن، وطلب أن أعد له طبقا من (اللحم بالبرقوق)، مع استغلال الأكياس البلاستيكية السوداء في تلفيف كويرات الشيرا، حتى تأخذ شكل (البرقوق)، عندها، طلب مني غطسها داخل المرق، حتى تبدو براقة، لتختلط بفاكهة البرقوق الحقيقية، وبعد أن تمكنت من صنع حوالي عشر كريات بالطريقة السالفة الذكر، تفاجأت، حيث لم استطع التفريق بين البرقوق الحقيقي، والآخر المحشو بمخدر الشيرا، وكذا تمكنت من تسريب حوالي 250 غرام من هذا المخدر، بعد ذلك، طلبت من أحد الحراس أن يسمح لي عند كل زيارة بإدخال "طاوا عامرة بالبرقوق"، 75 بالمائة منها محشوة بمخدر الشيرا بالإضافة إلى المرق واللحم"، مقابل 100 درهم عند كل زيارة، ولا أدري هل كان هذا الحارس على علم بتلك العملية".

تسريب تقطيرة "Réuotrine" إلى الزنازن "حسي مسي"
"من الحيل التي لم يفطن لها حراس سجن طنجة، في تسهيل عملية عبور المخدرات إلى دهاليز الزنازن، هي تلك التي أبدعها سجين سابق استشف خدعه وحيله من داهية اقتسم وإياه برودة الزنزانة، هذا السجين الذي رأى نور سماء البوغاز بعد عتمة دامت ثلاث سنوات، وجد نفسه ذات يوم يبيع لمن كانوا بالأمس يتنفسون معه هواء الزنزانة الفاسد، قطرات معدودات من "تقطيرة Réuotrine"، بثمن 20 درهما للقطرة الواحدة؛ حسب هذا السجين، فمفعول هذه الأخيرة يفوق حبتين من حبوب الهلوسة، أو خمس "جوانات" (حسب تعبيره)، إذ يشعر مستهلكها بارتخاء شديد وثمالة قد تمتد يومين أو ثلاثة، حيث تمنح في الأصل لمرضى "ثلاثي الصبغي 21" أو كما سماهم هذا الأخير ب "المانغوليون"، وبالنسبة للطريقة التي كان يسرب بها هذا السجين مادته القاتلة، استفاض في الشرح قائلا "بعد أن يتمكن أحد أصدقائي من اقتنائها (أي تقطيرة Réuotrine) من إحدى الصيدليات بأوراق طبية مزورة، يسكبها داخل عبوة معجون الأسنان، حتى تشرف على الامتلاء، بعد ذلك، يعبئ الفراغ المتبقي بالمعجون، وهكذا فقد كانت البضاعة تصلني دون أن ينتبه أحد، ولا أخفي عليكم أنني غنمت على إثر هذه العملية طيلة فترة تواجدي آلاف الدراهم، بالإضافة إلى بعض الأمتعة ك "المانطات وشاشة التلفاز والهواتف النقالة..."، وبالنسبة للعبوة معجون الأسنان، فقد استغلها أيضا أحد أصدقاء نزيل بمؤسسة سجن عكاشة، حيث كان يرسل له مع والدته أثناء زيارتها له حوالي خمس عبوات من الحجم الكبير، معبأة بمادة السيليسيون، التي كان يبيع محتواها ب 200 درهم لأحد السجناء هناك، هذا الأخير حسب صديق السجين، كان هو الآخر يبيع جرعة صغيرة منها ب 10 دراهم، أو مقابل علبة للسجائر.

سجن "بوركايز" المخدرات بالمكشوف
وحسب دراسة أنجزها أحد سجناء "سجن بوركايز" بمدينة فاس، في موضوع "المخدرات داخل السجن"، إن أزيد من ربع سجناء المؤسسات الإصلاحية يدمنون على تناول المخدرات، منهم 10 في المائة مدمنون على تدخين "الحشيش"، و6 في المائة على تناول العقاقير الطبية "القرقوبي"، و4 في المائة على شم "طابة" (النفحة)، بينما 3 في المائة منهم مدمنون على شم "السيليسيون"، وقد وقف هذا السجين (عبد النبي ساجد) في دراسته هاته، التي تمت تحت إشراف إدارة "سجن بوركايز" على أن مادة "الشيرا" أو "الحشيش" هي الأكثر طلبا بين صفوف السجناء، كما أشارت بعض المصادر إلى أن إدارة سجن عين قادوس بمدينة فاس ضبطت خلال السنة ما قبل الماضية حوالي سبع كيلو غرامات من مادة "الحشيش" ضمن 40 حالة لحيازة المخدرات داخل المؤسسة، بحوزة أقرباء السجناء، وأكد هذا المصدر أن الوسائل المعتمدة في تسريب هذه المخدرات إلى فناء السجن، تعتمد على الإلقاء بهذه المخدرات من خارج أسوار السجن إلى حيث الساحة، أو حشو المواد الغذائية والأحذية بأنواع مختلفة من المخدرات، وخلال الدراسة السالفة الذكر، فقد أشار صاحبها إلى تورط بعض الحراس والموظفين في تسريب المخدرات كل يوم، مما يزيد من صعوبة عملية التفتيش والمراقبة.

حيل لا تخطر على البال في تسريب "القرقوبي، الماحيا، السيلسيون والحشيش"
يوسف (اسم مستعار) وجد نفسه ذات يوم يعاني الرتابة داخل زنزانة مكتظة بأزيد من 70 سجينا، فبالنسبة له، كان ولوجه إلى سجن عكاشة أو "المدرسة" حسب تعبيره، محطة للتأمل في الآتي القريب، وحسب تجربته داخل هذا الفضاء الضيق الذي لا يتسع من منظوره لعشرة سجناء، وقف على حالة غريبة لسجين يحتسي جرعات من "الماحيا"، ولما سأل زميله ذاك عن مصدرها، أخبره أن والدته سربت له ما مجموعه 20 لترا من هذا المُسْكِرِ بطريقة لا تخلو من دهاء نادر، بحيث لا تخطر على بال أي كان، وحسب يوسف، فقد تمكنت والدة السجين من تهريب هذه الكمية بحيلة ذكية جعلت هذه المادة تمر أمام أعين حراس السجن والموظفين دون أن يفطن أحد، يصف يوسف المشهد قائلا "عندما وصف لي زميلي الطريقة التي دخلت بها "الماحيا" إلى "الشومبر"، استلقيت من شدة الضحك، وأدركت أن العقل البشري قاصر على إدراك بعض الحقائق، لقد أقدمت هذه المرأة على مخاطرة فريدة من نوعها على تحمل مسؤولية تسريب "الماحيا" أمام حراس السجن وهم ينظرون، دون أن تخضع بضاعتها للمراقبة، حيث اقتنت حوالي 30 قنينة من "الماحيا" من نوع "دمنات"، صبت محتواها داخل إناء بلاستيكي (بانيو)، ثم غطست بداخله غطاء جديد من الصوف (مانطة) حتى تشبع بمحلول الخمر، بعد ذلك وضعت "المانطة" عرضة للشمس حتى جفت، ثم حملتها إلى ابنها داخل السجن، ملفوفة في وعاء بلاستيكي رفيع، ولما وصلت البضاعة إلى الابن، سارع إلى وضعها هو الآخر داخل إناء بلاستيكي، (رقدها في الما السخون يوما كاملا) حتى لفظت محتواها من الماحيا، بعد ذلك صب السائل المحصل عليه، ليحصل على أربع قارورات من حجم 5 لترات (بوديزات)، وهكذا أصبح يبيع محتوى كأس من الماحية بمبلغ 10 دراهم.

إن الحيل التي يعتمدها أقارب السجناء كثيرة ومتنوعة، وكلما مر يوم إلا وتم تسريب كمية من المخدرات بطرق تمويهية لا يفطن لها الحراس إلا بعد فوات الأوان، فهناك من يسرب الخبز محشوا بعقاقير القرقوبي، أو أن يتم تحضيره بمزج مادة "الماريخوانا" مع الشعير لتتحول لقمة منه إلى ما يشبه قطعة من "المعجون" الذي سبق ووصفناه خلال تحقيق سابق ب "المخدر الشعبي"، وقد سبق لسجين بمدينة المحمدية أن سرب لزميله بسجن "عكاشة" حوالي كيلو غرامين من "النفحة"، بعد أن ثبتها داخل جهاز التلفاز، وآخر بنفس السجن وجد بداخل "قفة الزيارة" عشرون بطارية للشحن من النوع الكبير، رغم أنه لم يطلب من ذويه هذه البطاريات، وحسب "بزناس" بمنطقة سيدي عثمان، هاتف السجين ذويه عن جدوى إدخال هذه الكمية من البطاريات، ليتلقى جوابا بكون زميله هو من بعث له بها بناء على طلب سابق منه، وما هي إلا لحظات حتى تلقى مكالمة من زميله، يخبره أن تلك البطاريات محشوة بحبات "القرقوبي" (حبوب الهلوسة)، حيث طلب منه ترويجها مقابل 30 درهما للواحدة، ليضرب معا موعدا لتسلم نصف المبلغ المحصل عليه أثناء الزيارة القادمة.

إن الحيل المبتكرة في مجال تسريب المخدرات داخل السجون في ارتفاع ملحوظ، ولا يمكن حصرها أو سردها كاملة في حيز ضيق، لكن ما يمكن أن نشير إليه، هو أن المخدرات في المركبات السجنية تنتشر كالهواء المسموم داخل الزنازن، بمباركة بعض المدراء والحراس والموظفين باعتبار أن تفشي المخدرات يقلل من منظورهم ارتفاع معدل الجريمة داخل الزنازن، سيما أن غياب برامج ثقافية جادة تكسر رتابة السجن التي تولد ضغوطات نفسية، تستدعي من بعض السجناء الاعتداء على أنفسهم (الانتحار) أو على غيرهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.