الكيف... ومستقبل التنمية بشمال المغرب " كان عنوان الندوة التي نظمتها جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان وذلك يوم السبت 29 غشت بقاعة الاجتماعات التابعة للجماعة الحضرية لمرتيل بمشاركة أستذة وباحثين ومهتمين بالموضوع. ونقلتها قناة الجزيرة مباشرة على الهواء. الكلمة الافتتاحية رحب من خلالها محمد السوسي عضو الهيأة التنفيذية لجمعية الدفاع عن حقوق الإنسان بالحاضرين كمما مهد من خلالها للأرضية التي سيتم من خلالها مناقشة الموضوع من طرف المحاضرين. الكيف أقل ضررا من باقي المخدرات الأستاذ عبد المنعم المرواني وهو باحث في مجال زراعة الكيف تطرق لتاريخ هذه الزراعة التي يعود تواجدها بالمغرب منذ عهد الموحدين كما تثبت ذلك العديد من الوثائق إلا أن تحويلها لمادة الحشيش سيتم من خلال الإسبان الذين احتلوا شمال المغرب والذين حولوها للاستهلاك والتصدير نحو الخارج بفعل احتواء نبتة القنب الهندي على مادة مخدرة وهي THC. وأكد كون تأثيرها يعتبر أقل بكثير من تأثير عدد كبير من المخدرات القوية حيث تستعملها الدول الأوربية كمضاد لهذه المخدرات، مشيرا في نفس الوقت لأضرار زراعة القنب الهندي على التربة ومكوناتها حيث قد يسبب زراعتها لمدة ثلاث سنوات فوق قطعة أرضية لاستنزاف 80 في المائة من مكونات تربتها، ومن خلال البحث الميداني الذي أجراه الباحث المروني اكتشف حالة الفقر التي يعيشها المزارع ليكون الرابح الأكبر حسب رأيه هو التاجر الذي يصدر مادة الحشيش والذي يستفيد من عائدتها بشكل كبير مشددا في نفس الوقت على ضرورة إيجاد موارد جديدة واستغلال طاقات سكان المنطقة من أجل تقليص المساحة المزروعة لمادة الكيف مع تحديد سقف زمني لذلك وليس باجتثاثها ضربة واحدة لما سيكون ذلك من آثار على المنطقة وسكانها بفعل عدم وجود بدائل حقيقية تساعد سكان المنطقة على العيش الكريم. المقاربة الاجتماعية كحل بديل أما السيد بوبكر الخمليشي وهو نقابي فقد ركز في مداخلته على الإطار التاريخي كضرورة للعودة إليه من أجل الوقوف على إشكالية زراعة القنب الهندي وانتشارها بالمنطقة لأنه بعدم العودة إلى التاريخ لا يمكن فهم قضية القنب الهندي ومراحل تطوره وخاصة في ظل فشل عدد من المشاريع التي أقيمت بالمنطقة، والتي اعتمدت على المقاربة الأمنية بدل الحلول الاجتماعية في محاولة من السلطة لتهجين السكان والذي أفضى إلى ازدواجية في تعامل السلطة مع القضية من خلال محاربتها للزراعة من جهة واستفادتها من مساعدات الاتحاد الأوربي من جهة ثانية. واعتبر الخمليشي أن التنمية الحقيقية تنبني على ضرورة فك العزلة عن المنطقة التي تعاني من ضعف البنية التحتية الطرقية ومحاربة الأمية وسط العالم القروي. مشددا على ضرورة إشراك الجميع في البحث عن الحلول معتبرا الحل الديمقراطي هو الكفيل الوحيد الذي سيقود الجميع لإيجاد مستقبل للمنطقة. كما اعتبر الجهوية الحقيقية جزءا من هذه الحلول مع وجوب إشراك جميع المعنيين المباشرين والتنسيق والعمل مع جميع الفعاليات السياسية والجمعوية لإيجاد حلول ناجعة لمزارعي القنب الهندي. البدائل لا تعطي نتائج الكيف أما الدكتور التايقي وهو دكتور وباحث في قضايا التنمية أكد في مداخلته أن مشكل زراعة الكيف لا يمكن تناوله بشكل مختزل لأنه مشكل بنيوي بالنسبة للمنطقة وهو جزء من النسق العام للمجتمع والاقتصاد، ويشكل حاليا عنصر من عناصر الخصوصية الحديثة. وليس فقط مشكلا يتلخص في زراعة غير قانونية امتدت في العقود الأخيرة وتؤدي بشكل مباشر إلى علاقة متشنجة بين الأهالي والسلطة وإنما هو مشكل يمتد لمدن المنطقة كركيزة للاقتصاد بالمنطقة ويمتد تأثيره للمركز الاقتصادي والسياسي بالمغرب وله انعكاسات كبيرة على مستوى التراب الوطني، كما قدم الدكتور التايقي أرقاما تشير إلى كون أن المساحة المزروعة بنبتة القنب الهندي عرفت توسعا وامتدادا منذ عهد الحماية وتقدمت بشكل بطيء خلال الثمانينات لتعرف أوج ارتفاعها خلال أواسط التسعينات حيث امتدت زراعتها لأقاليم تطوان والعرائش والقصر الكبير وتاونات بعدما كانت مقتصرة على منطقتي كتامة وشفشاون، كما تحفظ الدكتور التايقي على الأحكام الجاهزة التي تضع قراءة جانبية للتاريخ لتصل لحلول جزئية حيث يؤيد بدوره الجهوية التي تسير حسب قوله في الاتجاه الصحيح لكنها لن تحل المشكل في ظل أوضاع هشة للساكنة وللمجتمع المدني مع انتشار الفساد والرشوة متسائلا في نفس الوقت عن الحلول الممكنة لإيقاف هذه الزراعة خصوصا وأن البدائل المطروحة لا يمكن أن تعطي نتائج مالية كما تذره زراعة الكيف. سكان المنطقة متهمون حتى تثبت براءتهم الأستاذ لحبيب حاجي ركز في مداخلته على الجانب الحقوقي باعتباره ناشطا في المجال حيث طالب بأن تكون هناك مائدة مستديرة لفتح نقاش جدي وموسع حول الموضوع بمشاركة جميع المهتمين، واستعرض الأرقام الرسمية للمساحة المزروعة بالكيف سواء الخاصة بوزارة الداخلية المغربية أو بمنظمة الأممالمتحدة والتي حسب رأيه لا تعبر عن الأرقام الحقيقية بسبب عدم وجود تعامل تام من طرف أعوان السلطة الذي يعمل البعض منهم على إخفاء بعض المناطق عن مسؤوليهم، معتبرا أن حملات الدولة لمحاربة زراعة القنب الهندي تتم بضغط خارجي من طرف الاتحاد الأوربي وبالضبط من إسبانيا وفرنسا المتضررين الأولين من الحشيش المغربي حسب التقارير الخاصة بالاتحاد الأوربي، ولم تفت الأستاذ حاجي الفرصة لشرخ الحالة النفسية التي يعاني منها جل سكان المنطقة نتيجة المطاردات والمتابعات الأمنية مشيرا إلى كون أن كل من بلغ سن الرشد يعتبر حاليا مطلوبا لدى الأجهزة الأمنية مما أنتج معه حالة من التوجس والحذر من الحلول التي طرحتها الدولة لإيجاد بدائل لزراعة القنب الهندي متسائلا عن الكيفية التي ستتحاور بها وزارة الداخلية مع المزارعين وهم في الأصل مطلوبين لديها داعيا إلى إشراك رجال التعليم في إيصال هذه الحلول للمزارعين باعتبارهم معايشين لهم فترات مهمة من السنة والأقرب إليهم حاليا. وفي الأخير أشار الأستاذ لحبيب حاجي لبعض البدائل المطروحة كمقترحات وليست حلول تساعد على تقليص مساحة زراعة الكيف بوجوب إعداد دراسة متكاملة خول التربة لتحديد نوعية الزراعة التي ستقام فوقها دون إغفال العوامل الجوية كالطقس والرطوبة معتبر أن هذه المقترحات قد تكون خيالية لعدم قدرة الدولة على اعتمادها خصوصا وان الأمر يستوجب إشراكا قطاعات منن مؤسسات الدولة في هذا الجانب، كما انتقد لحبيب حاجي إجراءات الدولة برش الغازات السامة من الطائرات للقضاء على نبتة الكيف معتبرا أن هذا الحل يزيد الطين بلة لأنه يهدد الحياة البيئية بشكل عام وهو حل غير واقعي في نظره. تجربة اسبانية رائدة في بني يدر الأستاذ محمد الزلال قدم شهادته في شأن مساعدة سكان البوادي على التخلص من زراعة الكيف من خلال مشروع شمولي يعتمد على دعم البنية التحتية في البادية وخاصة بمنطقة بني يدر التي عمل فيها إلى جانب جمعية إسبانية على مساعدة سكانها في إيجاد زراعة بديلة ودعمهم بأفران عصرية لا تستهلك الكثير من الحطب إلا أنه أشار إلى كون هذه المشاريع عرفت محاولات عرقلة سواء من جانب السلطة أو من جانب الأهالي نظرا للعقلية التي مازالت سائدة بالمنطقة والتي ترفض بدائل لزراعة الكيف كما تحتاج لجهد كبير من أجل اختراقها. عن الجمعية المغربية للصحافيين الشباب