علاقة رجل الثقة برجل السلطة علاقة قديمة لها جذور حيث نجد الطرف الأول يعبر عن العقل والعقلانية المتحررة من آثار المصلحة والإيديولوجية الضيقة , بينما نجد الثاني يحيلها للمصلحة ولموازين القوى والصراع والتنافس على السلطة ولو كان على حساب المصلحة الوطنية وخصوصا عندما تغيب الديمقراطية الحقيقية التي تنظم الصراع وتؤطره داخل ثوابت المصلحة الوطنية. فقديماً أُعدم أفلاطون من طرف النظام الديمقراطي الأثيني لمجرد انه انتقد الديمقراطية الأثينية ونعتها بالغوغائية ، وفي زمن لاحق وفي عالمنا الإسلامي تعرض ابن رشد وابن حنبل لمحن كثيرة من نبذ وإقصاء واتهامات بالتجديف لمجرد أنهما أعملا العقل بما لا يرضي الحاكم وحاشيته الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على السلطة الدينية. وفي زماننا هذا قبل أن يحل زمن الديمقراطية الواقعية التي أرصا قواعدها جلالة الملك محمد السادس حفظه الله والتي شكلت رادعاً للحكام المستبدين الذين عجوا السجون بمعتقلي الرأي , وغيبت باطن الأرض الآلاف منهم , وما بين باطن الأرض وغياهب السجون اختفى الآلاف دون أن يعرف لهم مصير, فصلح رجل السلطة برجل الثقة صعب المنال , كما أن صعوبته لا يعني استحالته المطلقة لأن عالم السلطة هو الواقع بكل تناقضاته وصراعاته لأنه لا يعلم ممارسه أنه يستمد قوته من الرجل الذي يجالسه يوميا بمكتبه ويقترح عليه حلولاً واقعية قابلة للتطبيق لمشاكل الواقع. وحين يعلم رجل الثقة الذي يؤطر شريحة اجتماعية واسعة أنه صديق لرجال السلطة لمرحلة معينه ويشعر أن هناك سوء تقدير لشخصه , هنا تكمن الطامة الكبرى ويتحول رجل الثقة إلى شر لا مفر منه ضد الذين كانوا بالأمس يعتبرونه بوقا لخطابهم ومدافعين عن نهجهم الذي لا يمثل في غالب الأحيان إلى مصلحتهم الشخصية. ومن هنا يمكن أن نلاحظ ونفهم لماذا توترت هذه العلاقة وأصبحت نقمة على صاحبها , فبدل أن يطفئ ماءا على النار زدها بنزينا ليفك لغزها من أوقدها , فإذا كانت السلطات الإقليمية في شخص السيد عبد الرحمان زيدوح عامل إقليمالخميسات تهدف لتهدءة الصراع بينها وبين المجتمع وتعمل جاهدة بنية حسنة لتضافر الجهود نجد من قلب إدارتها من يستعينون بالميلشيات التي زادت الأمور تأزما لأن التشويش والنميمة لا يتماشى مع النية الحسنة حيث نجدها في حاجة ماسة لرجال الثقة الغيورين على الوطن ليساعدوها لتأسيس مشروعها الوطني. ولم يكن دخولنا على خط الصراع الذي عرفته السلطات الإقليمية مند شهور إلا تجاوبا معها إيماناً منا بأن أعظم الأفكار ستظل مجرد أفكار نظرية إن لم تجد قوة تسندها ، بحيث كانت كل خطوة منا نحو المصلحة الوطنية أو الديمقراطية كآلية لإعادة بناء النظام السياسي المحلي ليصبح أكثر قدرة على تحقيق المشروع الوطني ، وحاولنا أن نفهم أصدقائنا بأن السلطات الإقليمية في شخص عامل الإقليم بمفرده ليست عالم الشر بل يدها مفتوحة للتعاون والبناء ورسخ المفهوم الجديد للسلطة في ظل إمارة المؤمنين. ولم يكن قربنا من هذا المربع ولله الحمد مساومة أو رشوة تلقيناها على حساب الغير كما لم نجرد من مبادئنا كي يعتبرنا غيرنا أصدقاء المرحلة , لكن سيأتي اليوم الذي سنستمع بشكل رسمي للذين أساؤوا لنا ولسمعتنا التي قدمت خدمة لهذا الوطن العزيز , فإذا كانت لعبة الضامة لكل قطعة قيمتها وأهميتها واللاعب الجيد هو من يُحسن استعمال كل قطعة حسب موقعها وأهميتها ' سنرى في القريب العاجل من هو اللاعب الجيد الذي يتمتع بالضمير المهني والحس التربوي لأن الأشواط الأخيرة اقتربت نهايتها وسوف يصفر الحكم ويقرر من الأصلح والأصح ؟ .